التقارير

تقرير خاص: العلاقة #المصرية #السعودية: ملفات متراكمة وتوتر متصاعد.. هل تنفع المصالحات؟

 

مالك ضاهر ..

المتتبع لمجمل العلاقات المصرية السعودية يدرك أنها ليس بأفضل حالاتها وإن كان هناك محاولات يظهر بعضها إلى العلن لإصلاح التصدع الذي يضرب هذه العلاقة، فمنذ زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة وتوقيع عشرات الاتفاقيات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اليوم، فقد مرت هذه العلاقة بفترات صعود ونزول عديدة، ما أدى إلى حصول تباعد بين البلدين وأكثر من ذلك نشوء تقارب يحكى عنه بين مصر ودول المحور الذي تخاصمه المملكة.

 

فهل الموضوع بين البلدين يتعلق مثلا بخلفيات قضية جزيرتي تيران وصنافير فقط وتوريد النفط وتقديم بعض الدعم السعودي لمصر مقابل الحصول على مواقف مصرية مؤيدة وداعمة للمملكة في مختلف ملفات المنطقة من اليمن إلى سوريا والعراق؟ وهل أن المملكة تنزعج من انفتاح مصر على روسيا أو إيران أو النظام السوري أم أنها ترى في الأمر مسألة طبيعية لبلد بحجم وتاريخ مصر؟ أليس التعاطي بايجابية مع إيران وسوريا بالتحديد من الأمور التي لن تقبل بها قيادة المملكة من الرئيس السيسي بالحد الأدنى خلال الفترة الراهنة؟ ولماذا على المملكة القبول بذلك أو أن تقدم الدعم المادي والأموال لمن يقوم بذلك؟ وأي مصلحة حقيقية جنتها المملكة من الانفتاح على القيادة المصرية؟ فمصر لم تقدم أي شي جدي للسياسات السعودية بدءا من رفض المشاركة بالحرب على اليمن وصولا لعدم اعتراف القضاء المصري بسيادة المملكة على جزيرتي صنافير وتيران وصولا لتصريحات السيسي العلنية الداعمة للجيوش الوطنية العربية ومنها الجيش السوري، وغيرها من الملفات.

 

مبادرات للصلح.. ولكن؟!

فهل والحال هكذا يمكن الحديث عن "حلف" وعلاقات ودية وجيدة بين مصر والمملكة؟ وحتى لو جرت المصالحات اليوم وحتى لو نجحت هذه المصالحات التي تقوم بها عدة دول كالإمارات والبحرين والكويت، فهل ستتمكن هذه المبادرات  من إصلاح ما فسُدَ في هذه العلاقة؟ وهل ستتمكن هذه المحاولات الطيبة للإصلاح في إقناع المصريين من تقديم الدعم لسياسات المملكة؟ هل ستقنع السيسي بإعادة جزيرتي صنافير وتيران إلى السيادة السعودية في ظل رفض الشارع المصري كله ذلك؟ وهل ستجعل السيسي يتراجع عن الدعم للجيش السوري والانفتاح على إيران وروسيا؟

 

بعض المصادر المصرية تعتبر أن " المملكة السعودية تريد دائما استهداف مصر والحصول فقط على مصالحها من جهة ومن جهة ثانية لا ترى في السيسي هو الحليف الاستراتيجي للمملكة وأن بعض قيادات العائلة الحاكمة في المملكة لا تريد للسيسي النجاح أصلا بل تعمل على إفشاله"، ولفتت إلى أن "السيسي كان سيسير مع المملكة إلى نهاية الخط طالما هي تقدم له الدعم بما يساهم بنجاحه في حكم مصر ولكن اليوم عندما توقف هذا الدعم فلماذا عليه تقديم ما تطلبه المملكة؟"، ولكن أليس السيسي يريد فقط أن يأخذ دون أن يعطي؟ أليس الرجل يسعى لحقيق مصالحه هو دون مصلحة القيادة السعودية. فكيف نطلب من المملكة الاستمرار في الدعم المفتوح لجهة أو طرف لا تقدم الحد الأدنى المطلوب من رد الجميل؟

 

التفاؤل مطلوب.. والعبرة بالنتائج

ورغم أن هناك من يخرج للإعلام للقول إن العلاقة مستمرة ودائمة وجيدة إلا أن الصراع يبدو أنه لم يغلق بعد، خاصة أن الأسباب المتوقعة للخلاف لم يتم حلحلتها حتى اليوم حتى نقول ان آفاقا جديدة ستفتح، فعلاقة المصلحة والضرورة التي كانت بين البلدين تحتاج بالدرجة الأولى إلى تقديم المال والنفط السعودي، وفي المقابل تحتاج إلى تواضع مصري لأن من سيحصل على المال والدعم المادي والسياسي والنفط لن يُقبل منه بحال من الأحوال أن يبقى على "تعاليه"، وبالحد الأدنى أن المصالح المتبادلة تحتاج إلى تنازلات متبادلة، ففي السياسة لا شي نهائي ومحسوم إنما هناك مجال للأخذ والرد، فالسياسة فن الممكن أي أنك تحصل على أقصى الممكن مقابل تقديمك ما أمكن من تنازلات.

 

وأيضا لا يجب على المملكة الحصول على تطويع للموقف المصري المتصلب في ظل "شح" نفطي ومالي، بل يجب أن تشعر أصحب القرار في الضفة الثانية بوفرة المساعدات والدعم كي تلين القرارات ويجري التسويق المناسب لصورة المملكة في الشارع المصري، وإلا أياً كانت المصالحات والمبادرات التي تطرح سواء من الأتراك أو الخليجيين أو غيرهم لن تكون توصل إلى العلاقة كما يجب وكما يريدها أصحاب "النوايا الطيبة"، وإن عادت في المستقبل القريب هذه العلاقة فإنها ستعود لتنتكس عند أقرب خضة أو أزمة أو مشكلة لأنها ليست مبنية على أسس قوية ودعائم صلبة إنما هي مبينة على "مواد أولية" قابلة للسحب والقطع والتحويل والتغيير كالنقود والبترول من جهة، ومن جهة أخرى كالقرارات الإدارية والسياسية والقضائية.

 

أين مصلحة الأمة؟

وتقول المصادر المتابعة أن "السيسي الذي يحاول ابتزاز المملكة عبر التلطي خلف القرارات القضائية حينا وخلف موقف الشارع المصري أحيانا أخرى، سيجد نفسه في مأزق كبير فيما لو عاد ليتصالح مع المملكة ويقدم لقيادتها ما تريد خاصة بعد التحريض على الرياض الذي تقوم به وسائل إعلام مصرية معروفة التوجه والغايات"، وذكرت أن "المصري بشكل عام يعتبر نفسه أكبر من أن يكون في موقف التابع لأي أحد فكيف إذا كانت السعودية حيث توجد حساسيات تاريخية بين الطرفين"، مشيرة إلى أن "الحساسية القائمة اليوم لن يسهل إزالتها بسرعة ولن ينساها الشعب المصري كما لن يسامح بشأنها بسرعة وسهولة".

 

فهل سيكون السيسي قادر على مواجهة الشعب والسير بمصالحة مع المملكة أم انه فعلا عاجز عن تقديم أي شيء لهذه العلاقة وبالتالي فما النفع من السير بكل هذه الوساطات؟ الأكيد أن بقاء الجفاء المصري السعودي ليس في مصلحة البلدين ولا في صالح الأمة بشكل عام، لذلك فالأفضل تحقيق هذه المصالحة وعدم التوقف عند تحقيق بعض المكاسب الضيقة والآنية لأي بلد أو لأي شخص بالتحديد، بل التفكير بشكل أكبر وأعمق بما يخدم الشعبين والأمة خاصة أن على مصر والمملكة لعب الدور البارز والفعال في قيادة الأمة والمنطقة وعليهما التكامل والتضامن لتحقيق ذلك لا "التناتش" والاقتطاع من مصالح ورصيد بعضهما البعض بما يصب في إضعاف الأمة ويخدم الأعداء بشكل لا مفر منه.

أضيف بتاريخ :2016/12/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد