التقارير

تقرير خاص: عام على استشهاد #الشيخ_النمر.. ازداد حضورا وازدادوا فشلا

 

مالك ضاهر ..

طالما قتل الحكام والأنظمة الدكتاتورية قيادات الشعوب ورموز الأمم في محاولة بائسة يائسة للقضاء على ثورات الناس وحراكها في سبيل الحرية والتحرر، ولعل في هذا الإطار يندرج اغتيال الشهيد الشيخ نمر باقر النمر في مطلع الماضي بشكل تعسفي وبالتزامن مع تنفيذ الإعدام مع مجموعة من الأشخاص بعضهم من الإرهابيين في محاولة لتشويه صورة الشيخ الشهيد أمام الرأي العام المحلي والعالمي.

 

وقبيل تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ الشهيد كان الرهان من قبل بعض دعاة حقوق الإنسان بأن النظام في المملكة سينزل عند رغبة المطالبين بالحقوق الفردية والمدنية وسيمتنع عن اغتيال الشيخ الذي لا يوجد ضده ما يدينه فعلا، وكل التهم الموجهة إليه تدور في خانة انتقاد السلطات في طريقة عملها والمطالبة بالحقوق الأساسية لأي مواطن والاهتمام بقضايا شعبه وأمته، ومع ذلك وجهت إليه أصعب التهم كي يتم تبرير اغتياله بهذه الطريقة فيما لو سألت في يوم من الأيام.

 

الهدف من اغتيال الشيخ النمر؟

ولكن ما الهدف الحقيقي من وراء قتل الشيخ نمر باقر النمر؟ وإلى ماذا هدفت السلطات من وراء تنفيذ هذا الاغتيال؟ هل هي فعلا قتلت شخص نمر باقر النمر أم أنها وجهت رسائل لكل من يعنيهم الأمر أن التصفية مستمرة لمكون أساسي من أبناء المملكة طالما هم لا يرضخون لأهواء السلطة وقراراتها وتعسفها؟ كما أن اغتيال النمر هو رسالة واضحة لكل معارض للحكم السعودي أو لكل من تسول له نفسه برفع الصوت المنتقد لأخطاء النظام؟ هل الرسالة موجهة لكل معارض دون تمييز بين معارض لأساس وجود هذا النظام أم أنه معارض لسياسات خاطئة فقط؟

 

ولكن بعد عام كامل على اغتيال الشهيد الشيخ هل نجح من أخذ قرار التصفية الجسدية في تحقيق غاياته؟ هل تم إخماد روح الثورة في نفوس أبناء المنطقة الشرقية في المملكة ومن خلفهم روح الثورة البحرينية وهل تم إسكات كل صوت ينتقد السياسات السعودية من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول؟ ويبقى السؤال الأهم هل من قرر اغتيال الشيخ النمر استطاع فعلا قتله؟ هل قتل الشيخ النمر أم أنه تخلد عبر كتابة التاريخ بالدم وبرفع راية وصوت الحق بوجه السلطان الجائر؟ فكم من العظماء الذين ضحوا بأنفسهم وأبنائهم ومازالوا يعيشون فينا في ضمير الشعوب والناس وتقام لهم الشعائر على مر الدهور وفي كل أيام السنة دون كلل أو ملل، ولنا في كربلاء مدرسة حيث تزدان هذه المناسبة سنة بعد سنة وتؤكد أن كرامة الإنسان وفكره أهم من وجود الإنسان نفسه بل مُقَدَمة على وجود حاكم هنا وأمير هناك، وبهذا المعنى تحدث الشيخ الشهيد قبيل اغتياله حيث قال إنه ".. لا سمع ولا طاعة لمن يسلب حريتي ويسلب أمني… الدولة ليست أهم من كرامتي بل أن حياتي أيضاً ليست أهم من كرامتي...".

 

رقعة الحضور اتسعت..

ولكن بعد عام على اغتيال الشيخ النمر يمكننا الإشارة إلى عدة مسائل، منها:

-إن الشيخ الشهيد النمر ازداد حضورا في الأوساط الشعبية والسياسية وبالأخص في المملكة السعودية وأيضا في البلدان الإسلامية والعربية، والدليل أن فعاليات إحياء الذكرى الأولى لاستشهاده أقيمت في عدة الدول سواء من الداخل السعودي وصولا للبحرين إلى لبنان وغيرها، وأن اختلفت بحسب الظروف وواقع كل بلد من البلدان إلا أنها تؤكد ازدياد الوعي الذي عمل من أجله الشيخ الشهيد.

 

-إن إعدام الشيخ الشهيد النمر حصل لأسباب غير قانونية بل تعسفية وانتقامية بسبب مواقفه المحقة ضد السياسة السعودية، ما يعني أن الانتهاك الفاضح للحريات ما زال قائما وبشكل فج مع كل ما تحمله من دلالات الاستهتار بكل قيم حقوق الإنسان والقوانين الدولية.

 

-إن اغتيال الشيخ الشهيد النمر يؤكد أن النظام القضائي والإجراءات المتبعة في المملكة تحتاج إلى إعادة تشييد وصياغة، ويظهر صوابية ما تتحدث عنه منظمات حقوق الإنسان حول العالم من أن "المحاكمات" في المملكة تفتقد إلى الحد الأدنى من مبادئ العدالة وحقوق الدفاع، حتى أنه يمكن وصف هذه المحكمات بأنها أشبه بمحاكمات عسكرية وعرفية كتلك التي كانت تقام أبان القرون الماضية حيث كانت تنتهك حقوق الإنسان وكرامته بشكل كبير.

 

-إن في المملكة لا مجال للحديث مكان للحوار أو تبادل الأفكار أو انتقاد السلطة ولا مكان للتسامح الديني والنقاش في المذهب الذي يحكم العقلية التي تدير البلاد، وبالتالي لا مجال لتحصيل حقوق الأقليات الدينية والسياسية التي تبدأ بضمان الأمن الاجتماعي والشخصي لأفراد هذه الأقليات، فالمسألة في المملكة ليست مسألة ترف فكري وممارسة شعائر دينية أو إقامة ندوات سياسية بل هي تصل إلى حد التهديد اليومي لحياة الناس، وهذا ما تعاني منه فئات معينة بشكل أكثر من غيرها، كعقاب على خلفياتها الدينية ومعتقداتها.

 

-إن إعدام الشيخ الشهيد النمر وكل ما يجري من انتهاكات في المملكة تعري الدول والمنظمات التي تتغنى بحقوق الإنسان سواء تلك الدول الأوروبية وصولا إلى الولايات المتحدة، وهنا لا بدّ من السؤال عن وجود الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وأيضا من منظمة العمل الإسلامي، فلماذا لم تصدر المواقف المنددة بما جرى في قتل عالم دين لأسباب معروفة؟ وأي المنابر الدينية الإسلامية(لا سيما التي توصف بالاعتدال) والمسيحية من اغتيال رجل دين عبر عن رأيه ضد نظام سياسي؟ وماذا ستكون ردة فعل كل هؤلاء لو جرى هذا الإعدام في بلد أخر غير المملكة السعودية هل سنرى كل هذا الصمت والتجمد أم أن الغيرة الدينية والإنسانية ستتعالى؟

 

-إن مواقف الشيخ الشهيد النمر أظهرت جرأة منقطعة النظير لإنسان يواجه جلاده بكل رجولة وصلابة دون خوف أو وجل رغم أنه يدرك أن هذا الجلاد لن يتوان عن قتله ولعلمه أن خصمه يتزلف منه موقف مهادنة أو لين، إلا أنه رفض الرضوخ حتى في سجنه ومعتقله، تصديقاً للحديث الشريف بأن "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".

 

الفشل يلاحقهم.. والحل بتصحيح السلوك

كل ذلك يؤكد فشل تحقيق الأهداف التي رسمت لاغتيال الشيخ الشهد النمر، ففكره بات مدرسة تنهل منها الأجيال لرفع الظلم وتحصيل الحقوق، ويبقى أنه يجب على من يريد الاستمرار في الحكم بشكل فعال في المملكة العمل للحفاظ على الاستقرار العام في مختلف الصعد في المملكة التوقف فورا عن سياسة الإستعداء للناس بدل أن تبقى الأجواء البوليسية هي الحاكمة في المملكة وأجواء الرهبة هي المسيطرة على أي تواصل بين الناس والسلطة، فالتقرب من المواطنين وبناء الثقة معهم هي الرافعة لأي حاكم أمام أي مشاكل تمر بها البلاد، وهذا أفضل من تقسيم الناس والتمييز بينهم على أساس الطائفة أو المذهب.

أضيف بتاريخ :2017/01/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد