تقرير خاص: #عون في #المملكة.. من تنازل لمن؟!
مالك ضاهر ..
في زيارته الأولى إلى الخارج قام الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون بجولة خليجية قادته تواليا إلى المملكة السعودية ومن ثم قطر، ولم يمنع الرجل عن القيام بذلك أنه كان المرشح الوحيد لحزب الله إلى رئاسة الجمهورية، كما لم يشعر عون بالحرج لقيامه بذلك بل بالعكس اعتبر أن من حقه كرئيس للبنان أن يرتب أولويات في الانفتاح على الخارج وأن يزور من يشاء ساعة يشاء، رغم أنه علل أن زيارته الأولى كانت للمملكة بأنها هي كانت أول من وجه له دعوة لزيارتها.
والحقيقة أنه بالتحليل السياسي لا يمكن أن تكون زيارة عون إلى الرياض خالية من أي دلالات وأن تكون مجردة عن أي شيء آخر، وإن كان هناك ترحيب سعودي بها وإن حظيت بعدم ممانعة حزب الله الذي اعتبر على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن من حق العماد عون بل من الطبيعي أن يقوم بزيارات إلى الخارج سواء إلى المملكة أو غيرها.
عن الدلالات والنتائج..
فما هي الدلالات السياسية وغير السياسية لهذه الزيارة؟ وهل فعلا يريد عون إعادة العلاقات اللبنانية السعودية إلى سابق عهدها وهل باستطاعته ذلك؟ وهل يمكن أن تعود السعودية للعب هذا الدور في دعم لبنان وإرسال الأموال للاستثمار فيه والسماح لمواطنيها بالسياحة في بلاد الأرز؟ وهل عودة العلاقات إلى طبيعتها سهل إلى هذه الدرجة أم أن الأمر مرتبط بشكل أو بآخر بما يجري في المنطقة وما يُحكى عن تورط المملكة بشكل مباشر أو غير مباشر بما يجري في سوريا بالتحديد؟ وماذا عن سياسة النأي بالنفس التي تحدث عنها عون؟ هل تسمح بعودة العلاقات إلى طبيعتها مع من هو متورط في ما يجري في المنطقة؟ وهل يمكن للمملكة أن تعود إلى لبنان كما كانت في السابق بينما هناك من يعتبر أن الأمور في بيروت يتحكم بها حزب الله بدءا من إيصال رئيس الجمهورية وصولا إلى تشكيل الحكومة بالإضافة إلى قوته في مختلف مفاصل الحياة اللبنانية؟
وهل يمكن أن يكون هدف الرئيس عون هو فتح قنوات للتواصل بين السعودية وإيران؟ وهل باستطاعة لبنان وللعماد عون لعب مثل هذا الدور؟ أليس في الأمر مبالغة مفرطة باعتبار أن المسألة أكبر من لبنان وترتبط بمجريات إقليمية ودولية كبرى؟ ولماذا لم يلتق العماد عون والوفد المرافق ولي العهد السعودي محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان؟ وهل لذلك دلالات أن الزيارة لن تكون مؤثرة كفاية أو ربما لن تقوى على إصلاح ما فسد من العلاقات بين البلدين؟ وماذا عن الهبة السعودية وهل ستعيد المملكة ضخها للفرنسيين كي يكملوا صناعة وتسليم السلاح للبنان؟
كسر الجليد.. ولكن؟!
حول ذلك تعتبر مصادر مطلعة أن "زيارة عون ستسمح بكسر الجليد بين البلدين بعد سنوات من الجمود والقطيعة"، وأضافت أن "الوفد اللبناني بحث في كثير من المسائل المشتركة التي تهم البلدين من دون التوصل لاتفاقات نهائية وحاسمة في أي ملف من الملفات"، وأوضحت أن "كل ما صدر مجرد وعود متبادلة أو وعود بدراسة بعض الملفات منها على سبيل المثال ملف الهبة التي وعد الملك سلمان بن عبد العزيز بدراسة إمكانية إعادتها وأن كان ذلك في قالب من الود مع ضيفه".
وبحسب بعض وسائل الإعلام اللبنانية فإن عدم لقاء الرئيس عون والوفد المرافق بـ"الرجلين القويين في المملكة" والمقصود بهما محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، يترك علامات استفهام حول نتائج الزيارة وأنه قد لا تتجاوز حدود كسر الجليد، بينما اعتبر وزير الداخلية في الحكومة اللبنانية نهاد المشنوق(المحسوب على تيار المستقبل الحليف للمملكة) أن "لبنان الآن في مرحلة تجربة بالنسبة للسعودية"، قبيل عودة العلاقات غلى سابق عهدها باعتبار أن ذلك سيكون مرهونا بالأداء اللبناني في المرحلة المقبلة.
فما هو المطلوب من لبنان تحديدا حتى "تصفح" عنه السعودية؟ وكيف يمكن لعون لعب هذا الدور؟ صحيح أن عون حليف قوي لحزب الله الذي "تمتعض" منه المملكة، لكن هل باستطاعة عون "المونة" على الحزب لوقف خطابه المرتفع بحق المملكة أو أن يمون عليه بالانسحاب من سوريا حيث يعتبر الحزب نفسه هناك يقاتل الإرهاب ويواجه المشروع الذي تدعمه المملكة؟
في هذا الإطار اعتبر الوزير المشنوق أن "الهبة السعودية للجيش توقفت لإسباب سعودية وتنفيذها يحتاج لاثمان سياسية وأن الرئيس عون حمل على كتفيه أن يضمن سياسة جديدة للبنان".
إنجاز أم تنازل؟!
فلو تحقق ذلك فعلا واستطاع عون رسم سياسة لبنانية جديدة مؤيدة للمملكة أو أنه يقدر على إجبار حزب الله على مهادنة المملكة، فهذا بالتأكيد سيكون انجازا سعوديا يسجل للملك سلمان وللقيادة الحالية، لأنه سنكون سحبنا الرئيس عون من صف حزب الله إلى صفنا وسجلنا نقاطا عدة في مرمى المحور الآخر، إلا أنه يجب إعادة السؤال البديهي أكثر من مرة: هل عون قادر على ذلك؟ وهل حزب الله سيقبل بذلك لو بادر عون بهذا الاتجاه؟ وما المقابل الذي يطرح مقابل كل هذا التنازل؟ فالواقع يشير إلى أن حزب الله يحقق إنجازات في سوريا وغير سوريا، فهل يقدم التنازلات مجانا على طبق من ذهب؟
صحيح أن كل التحليل يصب في خانة الخطوة التي قام بها عون باتجاه المملكة حيث زارها أولا بما يمثل انجازا سعوديا، إلا أن هناك من طرح مسألة أن مجرد استقبال عون في المملكة أولا وقبل أي دولة أخرى هو تنازل سعودي أيضا، انطلاقا من أن عون هو مرشح حزب الله وأن حليف المملكة الأول في لبنان رئيس الحكومة الحالي سعد الدين الحريري رضخ لخيار حزب الله في الاستحقاق الرئاسي بعد طول انتظار، حتى أن في لبنان الجميع يعلم -وأن كان البعض يرفض الاعتراف- بأن الحريري نفسه ما كان ليصل لولا موافقة حزب الله، وبالتالي فالعملية برمتها تسجل في خانة التنازلات المتلاحقة، ولا يخفيها حفاوة الاستقبالات وإقامة أفخر مآدب الطعام بدءا من الرياض وصولا إلى الدوحة.
ولعل خير ما يؤكد على ما سبق ذكره هو الكلام الذي صدر عن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عند استقباله بحفاوة الرئيس ميشال عون في الدوحة، حيث أثنى الشيخ تميم على "خيار انتخاب عون كرئيس للجمهورية لكونه الأفضل لأنه سيقود لبنان إلى بر الأمان"، فهذا الكلام سواء قصد أم لم يقصد الأمير القطري الشاب فهو يلخص حقيقة كل ما جرى في الملف اللبناني ومن تَنَازَل لِمَن ومن حقق الانتصارات السياسية وغير ذلك يبقى مجرد كلام للتسويق الإعلامي والسياسي ليس أكثر.
أضيف بتاريخ :2017/01/15