تقرير خاص: هل دخلت #البحرين مرحلة جديدة بعد إعدام الشبان الثلاثة؟
مالك ضاهر ..
رغم كل المطالبات والتنبيهات التي وجهت إلى النظام البحريني بضرورة التهدئة وعدم جرّ البلاد إلى مزيد من التوتر، أقدمت السلطات البحرينية على إعدام 3 شبان هم علي السنكيس وسامي مشيمع وعباس السميع بتهمة التهجم على القوى الأمنية وقتل ضابط إماراتي، ضاربة بعرض الحائط كل محاولات إعادة فرض العقلانية في التعاطي مع الأمور والتروي في تطبيق أحكام تحمل التأخير بل الإلغاء ولا مبرر لتنفيذها بهذه السرعة الفائقة بعد تصديقها من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وسرعان ما تفاعل الشارع البحريني مع إعلان خبر تنفيذ حكم الإعدام بحق الشبان الثلاثة، حيث عمّت التظاهرات مختلف المناطق البحرينية وحصلت اشتباكات في بعض الأحيان بين متظاهرين وقوى أمنية على خلفية قمع قوات الأمن للتظاهرات واستخدام القنابل والغازات السامة والرصاص الحي وبالأخص رصاص الشوذن المحرم دوليا، وتؤكد المشاهد والصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي أن لا صوت يعلو على صوت الرصاص في البحرين.
هل النظام البحريني يسعى إلى العنف الشامل في البلاد؟
ولكن لماذا يختار النظام البحريني هذا الأسلوب المتعمد في سفك الدماء وأخذ الأمور سريعا نحو التصعيد؟ والمتتبع للأمور البحرينية يرى أنه خلال أيام قليلة صدرت أحكام الإعدام وصُدقت من الملك حمد بن عيسى وجرى تنفيذها لتتطور الأمور وكأن المقصود أخذ البلاد نحو الفوضى المتعمدة والعنف الأوسع والأشمل، فلماذا لا تسعى السلطات البحرينية إلى التهدئة وإلى استيعاب الشارع بدل دفعه إلى ترك السلمية التي طالما تميز بها؟ ولمصلحة مَنْ أخذ البلاد إلى العنف والعنف المضاد؟ هل هناك من أعطى السلطات البحرينية الضوء الأخضر للقيام بذلك؟ وماذا لو فعلا قرر البحارنة عدم البقاء على خيار السلمية والانتقال إلى رد العنف بالعنف؟ أليس النظام يتحين الفرصة كي يقول للعالم أجمع أنا أقتل "متمردين" ولا يمكن مع العنف إلا استخدام العنف؟
والسؤال الأهم هل باستطاعة النظام ضبط الأمور إذا ما قرر الشعب الابتعاد عن السلمية؟ أم أن الأمور ستحتاج إلى طلب العون السعودي والإماراتي وغيرهما من وراء البحار خوفا من هرب ما يسمون ب "مرتزقة" النظام يعملون في الأمن والعسكر ويقبضون رواتب مقابل إطلاق النار على الناس؟ هل مثل هؤلاء قادرون على الوقوف بوجه الشعب وخياراته إذا ما قرر النزول لأخذ حقه بالقوة؟ وبالعودة إلى أحكام الإعدام التي تثير الشكوك والريبة: ماذا كان يفعل الضابط الإماراتي الذي اتهم الشبان بقتله؟ هل جاء سائحا إلى البحرين أم معتديا؟ هل المطلوب أن يقتل البحارنة مرتين: مرة من قبل الضابط الذي جاء مع أرتال القوات السعودية والإماراتية لقمع البحارنة ومن ثم قتل البحارنة وقمعهم أكثر فأكثر بحجة أن ضابطا إماراتيا وعناصر أمنية قتلوا في ظروف غير واضحة أصلا؟ وهل أن التصعيد الكبير الذي أحدثه النظام البحريني سببه عملية الفرار التي حصلت من قبل 10 سجناء معارضين من سجن جو المركزي؟ هل يقوم النظام بكل هذا التصعيد للتغطية على ضعفه الأمني وللإيحاء بقوته المفرطة بينما الواقع هو عكس ذلك تماما؟ في الخلاصة هل دخلت البحرين في مرحلة جديدة بعد ما جرى ويجري؟ هل بعد تنفيذ إعدام الشبان الثلاثة يختلف عما قبله أم أن المسألة لا تتعدى فورة شعبية ستعود وتهدأ بعد فترة؟
لمواصلة النضال.. بسلمية؟!
وهذا الشهيد عباس السميع في ندائه الأخير قبيل إعدامه يوصي بمواصلة النضال ومواجهة الظلم، ودعا إلى ذلك عبر الالتزام بمواصلة الحراك السلمي، فالشهيد كان يدرك تماما مقاصد النظام الحاكم الهادف لرفع وتيرة التصعيد وصولا لاستفزاز الناس وإنزالهم إلى الشوارع ودفعهم لترك السلمية واستخدام العنف بما يعتقد أنه يبرر له استخدام العنف المفرط ضدهم، لذلك هناك من القوى السياسية البحرينية من ما يزال يدعو للالتزام بهذه السلمية لأنه يظن أن النظام في البحرين يهدف لإنهاء سلمية الحراك وفي ذلك مصلحته هو لا مصلحة الثورة الشعبية المحقة في البحرين.
إلا إنه وفي المقابل هناك من يدعو وبصراحة إلى الكف عن إعطاء الأمان للنظام القائم في المنامة، بل جعله يدرك ويحس بأن الرد حاضر على كل فعل يرتكبه، وهذا الفريق البحريني يعتبر أن الصورة الأمثل للسلمية هي التعبير الحضاري السلمي من دون استخدام العنف والقوة ابتداء، لكن عندما يتم الاعتداء على الحراك السلمي وعندما يعتقد الطرف الآخر أن الشعب وقواه السياسية لن تحرك ساكنا أمام أي ممارسة أو قتل أو قمع فهذا ليس من السلمية بشيء بقدر ما هو ركون للظلم والقهر، لذلك يدعو هذا الفريق إلى تفعيل العمل السياسي السلمي وبالتوازي معه تفعيل العمل الثوري المسلح الذي يبقى موجودا لحماية التحركات السلمية من أي اعتداء تقوم به السلطة.
وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى بروز ما يسمى "المقاومة الإسلامية في البحرين – سرايا الأشتر"، التي تبنت عملية ضد قوات أمنية بحرينية أدت إلى إصابة عنصر بطلق ناري، ونبهت هذه السرايا "النظام بأن استمراره بالاعتداء على الشعب سيرتب المزيد من العمليات ضده".
في حين أن هناك من التيارات السياسية من دعا للاقتصاص مباشرة من الملك حمد بن عيسى باعتبار أنه هو المسؤول عن كل ما يجري، واعتبر أن "مرحلة ما بعد سفك الدماء الطاهرة للشبان لها مقتضياتها التي ينبغي العمل عليها لتثمر دماؤهم الطاهرة وتكون نقمة على الظالمين وحماتهم الغربيين"، وطالبت بتوجيه إنذار "للمصالح الأجنبية والغربية للدول الداعمة للحكم في البحرين الاقتصادية والسياسية منها وغيرها بأن البحرين ليست آمنة لكم وبأن غضب الناس لن يفرق بينكم وبين النظام"، وشددت على أن "ثورة شعب البحرين لا يجب أن تبقى سلمية بالمطلق".
عن اغتيال حقوق الإنسان.. والرد المناسب
وقد أثارت عملية إعدام الشبان موجة انتقادات داخلية وإقليمية ودولية لاسيما من منظمات حقوق الإنسان ونشطاء الرأي، ومن الجدير ذكره هنا هو ما أكده أحد الخبراء في المجال الأمني من أن "السلطات في البحرين أقدمت عن سابق إصرار وتصميم باختيار طريقة وحشية وهمجية وغير إنسانية لإعدام الشهداء عبر اختيار قناصين في قمة الإحتراف لتنفيذ الإعدام"، وأشار إلى أنه "من تحليل مشاهد وصور أجساد الشهداء تظهر رصاصتين بنفس المكان بفارق ملم واحد أو اثنين على أكثر تقدير وهذا يضعنا أمام احتمال وحيد وهو أنه تمّ تقييد الشهداء تقييدا محكما قبل تنفيذ الإعدام لضمان عدم حركتهم"، وتابع أنه "بالتدقيق في مخارج إطلاق الرصاصات نلاحظ أن هناك نوعين من الرصاص المستعمل أحدهما من النوع المتفجر والمعروف بالدمدم وهو نوع محرم استعماله".
كل ذلك يؤكد المؤكد أن ما يرسم للبحرين أكبر وأبعد مما يتوقعه البعض، والأكيد أن أفعال النظام لن تبقى تُلاقى بالسلمية المفرطة أقله من جزء معين من البحارنة الذين هم وحدهم يقيّمون الموقف الداخلي وما يمكن أن يفعلوه سواء بالبقاء على السلمية أو الانتقال إلى خيارات أخرى، استنادا لتوجيهات القيادات الدينية والسياسية البحرينية.
أضيف بتاريخ :2017/01/17