التقارير

تقرير خاص: التضييق على أبناء #المنطقة_الشرقية إلى ارتفاع.. الأسباب والمسؤوليات؟

 

 مالك ضاهر ..

كثيرون يرسمون صورة نمطية تقليدية عن المملكة السعودية بأنها من الدول التي يعيش الناس فيها برخاء وراحة وأمان في ظل تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في "بلاد الحرمين"، من دون معرفة حقيقة ما يجري فعلا على أرض الواقع أو التأكد من المعلومات التي توحي أن المواطنين يعيشون عيشة الملوك والأمراء السعوديين.

 

فما هو حال المسائل المتعلقة بالخدمات العامة والتقديمات التي تقدمها الدولة للمواطنين؟ وهل يصل إلى المواطن كل احتياجاته أم أن هناك خدمات تنقص لدى البعض دون البعض الآخر؟ وكيف هي علاقة المواطن بالإدارة ومؤسسات الدولة المختلفة؟ هل هذه العلاقة تؤسس على أساس المواطنة واحترام حقوق الإنسان أم على أسس وخلفيات مختلفة تماما؟ وهل كل المناطق في المملكة تحظى بنفس الاهتمام أم أن هناك تمايزا وتمييزا بين مدينة وأخرى أو منطقة ومنطقة؟ وما هي أسباب هذا التمييز إن وجد؟ وهل هو تمييز مقصود ومتعمد أو أنه غير مقصود ويحصل نتيجة إهمال أو سوء إدارة من قبل المؤسسات الرسمية أو من قبل الموظفين؟

 

الوجه الحقيقي!!

الواقع أن المعلومات الواردة من داخل المملكة تتنوع في هذا المجال حيث يمكننا أن نلاحظ البزغ والفخامة بمجرد الحديث عن قصور ملكية أو أميرية كما يمكن ملاحظة ذلك في بعض المناطق دون أخرى، إلا أن الأخبار والمشاهد عن وجود حالات مرتفعة من الفقر المدقع والإجحاف الكبير والتعديات الحقوقية المختلفة، تنتشر بشكل متعاظم على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام، وكعينة عن هذه المناطق يمكن طرح حالة المنطقة الشرقية في المملكة التي يسمع بها دائما انطلاقا من تعاطي الدولة معها وكيفية نظرة الناس لما يمارس ضدها.

 

فكيف يتم التعاطي مع أهالي المنطقة الشرقية وهل تقدم لهم الخدمات بشكل اعتيادي أم يتم تمييزهم عن غيرهم سلبا أو إيجابا؟ وهل لذلك خلفيات سياسية نظرا للموقف المعروف من السلطة وطبيعة الممارسات التي تقوم بها؟ وهل الثقة والاحترام هما ما يحكمان العلاقة بين الإدارة والمواطن في هذه المنطقة؟ هل الانفتاح يجد له مكانا بين السلطة وأبناء المنطقة الشرقية أم أن اللاثقة والخوف والشك هي من الأمور تحكم هذه العلاقة؟ ولماذا تغيب كل هذه الأمور عن الإعلام؟

 

وحول ذلك تقول مصادر سعودية إن "مظاهر التضييق واضحة على أهل القطيف سواء من اعتقال الشباب والقصر أيضا من الشوارع دون أي مبررات قانونية وشرعية بل إن الإنسان يعتقل في المنطقة الشرقية لأتفه الأسباب وأبسطها"، وأضافت بسخرية أن "الاكتظاظ في التوقيف بشرطة القطيف بات لا يحتمل نتيجة ارتفاع معدل التوقيفات".

 

وأوضحت المصادر أن "من مظاهر التضييق على أهل القطيف تعمد إغلاق المحلات التجارية الخاصة بأبناء المنطقة والبحث عن أبسط الأسباب لتقوم السلطة بذلك بينما هناك تساهل كبير في حالات مشابهة مع الأجانب الموجودين في المنطقة"، ولفتت إلى أن من مظاهر التضييق يمكن رصد حالات التشديد والمبالغة بتنفيذ المخالفات المرورية في القطيف"، "فهذا الأمر واضح لا لبس فيه بينما يتم التغاضي بالمقابل عن مخالفات مشابهة في مدن محيطة بالقطيف"، قالت المصادر.

 

وأشارت هذه المصادر إلى أن "من مظاهر التضييق أيضا هو تشديد الخناق على مداخل المدينة بشكل أكثر بكثير من الماضي"، ولفتت إلى أن "أبواب السلطة مغلقة عن أهالي القطيف حتى تجاه من هو في فلكها"، وأضافت "صحيح أن هناك إيقاف لكثير من المشاريع التنموية في المملكة إلا أن هذا الإيقاف موجود بشكل خاص ومنذ زمن في القطيف، فالمنطقة من الأساس تعاني شحا في هذه المشاريع".

 

وأوضحت المصادر أن "التحريض الإعلامي ضد أهالي المنطقة لا يتوقف وأساسه طائفي ومذهبي وأن كان في بعض الأحيان يتم إلباسه اللبوس السياسي"، مذكرة "بملاحقة النشطاء والمعارضين وصولا لاغتيال البعض في الطرقات واعتقال البعض الآخر وإعدامه بعد إجراءات محاكمات صورية لهم".

 

تعددت الأسباب والنتيجة..؟!

اللافت أن هذه الأمور المذكورة أعلاه تم تعدادها على سبيل المثال لا الحصر لأنه لو أردنا تعداد كل ما يعاني أهل القطيف فإن اللائحة ستطول، إلا أنه يمكن بالتحليل القيام بمحاولات لأدارك بعض أسباب هذه المعاناة التي يعيشها الناس في القطيف خاصة وفي المنطقة الشرقية عامة، ومن هذه الأسباب:

 

-ماهو طائفي ومذهبي بالدرجة الأولى، فالسلطة في المملكة تحاول الإيحاء بأن كل من ينتمي إلى مذهب معين أو طائفة بحد ذاتها فهو معاقب سلفا ومحكوم عليه بالحد الأدنى عبر حرمانه من خدمات معينة وبالتضييق عليه وغيرها من الأمور التي ستوصل الناس إلى أحد خيارين: إما الصمت والعيش منتقصة الحقوق، وإما الوصول إلى مرحلة يطفح معها الكيل تمهيدا للانفجار والتحرك بالأشكال المختلفة للمطالبة بالحقوق ما يتيح للسلطة التصعيد بوجه التصعيد.

 

-من هذه الأسباب ما هو سياسي، فالغالبية من أهالي القطيف والمنطقة الشرقية سياسيا لديهم الكثير من الملاحظات على الأسلوب وطريقة إدارة الأمور في مختلف الجوانب والملفات في الدولة، سواء كانت هذه الملفات داخلية أو خارجية، وبالتأكيد أن هذا ليس وليد اليوم أو السنوات القليلة الماضية إنما هو نتاج سنوات طويلة من العلاقة بين السلطة الحاكمة وأبناء القطيف.

 

-من هذه الأسباب ما له علاقة بالنفط الموجود في منطقة القطيف، فهل يعقل أن منطقة تحتها ثروات نفطية هائلة كما هو الحال في المنطقة الشرقية وتبقى تعاني كل هذه الأزمات المعيشية والحياتية؟ أليس في الأمر غرابة شديدة؟ ألا يطرح هذا الأمر الكثير من التساؤلات؟ أليس أنجع أسلوب لإشغال الناس عما يوجد في المنطقة من خيرات هو إلهاؤهم بالمناكفات السياسية وإدخالهم في متاهاتها وجعلهم يطالبون بحقوق وحريات يفترض أنها بديهية؟ فلو حصل أهل هذه المنطقة على ما فيها من خيرات هل سيقبلون أن يعاملوا في يوم من الأيام كمواطنين درجة ثانية أو ثالثة؟ وهذا الأمر يطرح تساؤلات حول إمكانية أن تكون هذه الأمور مطبقة بضوء أخضر خارجي ربما وليس فقط بتخطيط داخلي.

 

-السعي الأجنبي لا سيما الأمريكي ومن قبله البريطاني إلى إبقاء الشقاق موجود ومتجذر بين أبناء البلد الواحد والأخوة في ذات المنطقة، لأن الغرب ومن ضمنه الولايات المتحدة الأمريكية لا يضمن الحصول على نفط المنطقة الشرقية لو كان الحال على غير ما هو عليه منذ عشرات السنين وحتى اليوم في المملكة.

 

إذا عُرِفَ السبب بطًل العجب..

هذه الأسباب وغيرها مما لم يذكر هنا سيكون دافعا بطريقة أو بأخرى للتضييق على الناس ومنعهم من التعبير عن آرائهم بحرية لأنه على سبيل المثال أن من سيطالب بإجراء انتخابات تشريعية أو محلية هنا أو هناك سيطالب لاحقا بالاطلاع على المشاريع المتعلقة بخيرات المنطقة وكيف تصرف الثروات التي تنتج عنها، وأيضا نفس هذه الأسباب ستمنع الوقوف بوجه الحاكم عندما يخطئ وستمنع على المواطن المطالبة بتغيير نظام سياسي لا يوافق عليه، كما لو أراد البعض الانتقال من الملكية المطلقة المطبقة كأمر واقع في المملكة إلى الملكية الدستورية كما هو الحال في كثير من دول العالم، وعلى هذا المنوال يمكن القياس ونعرف لماذا يعدم الناس بمحاكمات عليها الكثير من الملاحظات القانونية والقضائية والشرعية، ونعرف لماذا تنتهك حرمات الأحياء والمنازل وخصوصيات الناس بتفتيشها بأشكال تعسفية ونعرف لماذا يتم التضييق على إحياء الشعائر الدينية في القطيف ولماذا يعتقل من يقول لمسؤول أن هناك تقصير من قبل بعض الأجهزة الأمنية في حماية الناس.

 

إلا أن الأكيد أن الحلول لكل هذه الأزمات والمشاكل، سهلة وبسيطة جدا وترتبط فقط بتغيير العقلية التي تدار بها الأمور حيث تحتاج فقط إلى التواضع والتقرب من الناس لبناء الثقة معهم وصولا للاعتماد عليهم بدل الاعتماد على الخارج وعلى إدارات في الغرب لا تحمي من كان مخلصا لها طوال عقود بل تبيع وتشتري بحسب مصالحها.

أضيف بتاريخ :2017/01/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد