تقرير خاص: محاكمة #نعيمة_المطرود.. وصمة عار وطعنة جديدة لحقوق الإنسان في #المملكة
مالك ضاهر ..
تستمر القوات السعودية في مسلسل تضييقها على أهالي القطيف في المنطقة الشرقية، فبعد تزايد اعتقال الشبان لا سيما النشطاء في الحراك السلمي وصولا لاغتيالهم وعدم التمييز بين المواطنين بحسب عمرهم، فالجميع بات عرضة للخطر كبارا وصغارا، وبعد كل ذلك جاء دور النساء كي يدفعن ثمنا لمواقفهن ومواقف المنطقة كلها في رفض الظلم والهوان.
صحيح أن القوات السعودية ما عادت تقيم وزنا لحرمات البيوت حيث باتت تدخل إليها كلما نفذت اقتحاما في المنطقة كما تعتدي على المنازل بإطلاق الرصاص عند اقتحام الأحياء، إلا أن الدخول في مسلسل اعتقال النساء أو اختفائهن دون إبلاغ العائلات عن ذلك سيفتح الباب على مرحلة جديدة تشوبها الكثير من الشوائب القانونية والدينية والأخلاقية، لأن من لا يأمن على نفسه وماله وعرضه كيف سيأمن على البقاء في هذه البلاد؟ فهل المطلوب الرحيل من هذه الأرض وهل المقصود تهجير الناس من بيوتهم ومساكنهم وأرض الآباء والأجداد؟ لأنه كما يبدو أنه كلما صبر الناس كلما ازداد الضغط والتضييق والظلم بحقهم فهل المطلوب خروج الناس عن صبرهم؟
هكذا تكون المساواة بين الرجل والمرأة؟!
انطلاقا من كل تلك التساؤلات، نصل إلى طرح سؤال بسيط لماذا اعتقال النساء في بلد يفترض أنه يراعي المرأة ويحفظها من العيون والأبصار ويمنع عنها الكثير من الرخص كي لا تختلط بالرجال؟ لماذا في المملكة تميزون بين الرجل والمرأة في كل شيء إلا في انتهاك الحقوق والحريات واليوم في التعسف والظلم والاعتقال؟ لماذا تحرم المرأة من أبسط حقوقها وعندما تريد السلطة تلبسها التهمة التي تشاء وفي ذلك تصبح متساوية تماما مع الرجل في المملكة السعودية؟ ولكن ما هي التهم الموجهة إلى المطرود؟ وهل فعلا ارتكبت هذه المرأة ما يوجب اعتقالها ومحاكمتها أم أن هذا الاعتقال كغيره من الاعتقالات جاء تعسفيا ليس له ما يبرره قانونا؟
بعض وسائل الإعلام السعودية تحدثت أن المطرود متهمة بالتورط في أنشطة إرهابية في القطيف، وأشارت إلى أن المطرود متهمة بالارتباط بخلية إعلامية داعمة للأعمال الإرهابية، فضلا عن مشاركتها في مسيرات هدفها إحداث الفوضى وتفكيك العقد الاجتماعي، ولفتت وسائل الإعلام إلى أن "المحكمة وجهت إليها العديد من التهم الأخرى منها: سعيها للإفساد والإخلال بالأمن والطمأنينة العامة وزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية، وإحداث أعمال شغب وإعاقة مستخدمي الطريق ومشاركتها في عدد من التجمعات الغوغائية المناوئة للدولة والمطالبة بإطلاق سراح بعض الموقوفين في قضايا أمنية والتنديد بدخول قوات درع الجزيرة للبحرين والتطاول على الأجهزة الأمنية وتحريضها الآخرين على ذلك مع علمها أن تلك التجمعات ينتج عنها اعتداء على رجال الأمن وحرق لمركباتهم وإطلاق النار على مقارهم الأمنية".
الاتهامات جاهزة.. واللائحة طويلة
ولائحة الاتهامات يبدو أنها تطول وتطول حتى يعتقد الإنسان أنه أمام جماعة إرهابية كاملة لا أمام امرأة بسيطة تعمل ممرضة بما تحمله هذه المهنة من مبادئ سامية لمساعدة الآخرين وخدمتهم وتقديم العون لهم، ولكن لا استغراب في كل ذلك عندما نعلم أن المطرود كانت ببساطة مؤيدة للحراك السلمي في البلاد الهادف لرفع الظلم الواقع على فئات معينة من أبناء الوطن، والمطرود ككثير من الناس لديها ملاحظات على أداء بعض المسؤولين أو انتقادات لسياسات عامة مطروحة أمام الرأي العام، فهل مثل هذه الأمور تحتاج كل هذه التهم؟ والحقيقة أن المسألة لا تقف عند حدود نعيمة المرود ففي وقت سابق اعتقلت السلطات إسراء الغمغام، لنفس الأسباب التي اعتقلت من أجلها السيدة المطرود وتتمحور كلها حول تأييدها للحراك المطلبي.
وحول كل ذلك رأى الناشط والكاتب السياسي علي آل غراش أن "ما نشر في الصحف حول محاكمة البطلة والحرة نعيمة المطرود بسبب التعبير عن الرأي هو قمة التخبط والعنجهية من قبل وزارة الداخلية السعودية"، ولفت إلى أن "ما نشر هي اتهامات جاهزة يتم لصقها بكل من له علاقة بالحراك والمطالبة بالإصلاح والتظاهر السلمي"، وأكد أن "اتهام امرأة بتلك الاتهامات هو انحطاط أخلاقي وتشويه لسمعة المرأة التي كانت من قبل محل التقدير والاحترام ولكن السلطة أصبحت لا تهتم ولا تملك أي احترام للتقاليد الاجتماعية وبالخصوص من ناحية التعامل مع المرأة".
آل غراش: اعتقال نعيمة المطرود جزء من سياسة الترهيب
وأوضح آل غراش في حديث خاص لصحيفة "خبير" الالكترونية أن "المرأة المذكورة لم تعتد على أحد وعلى الممتلكات العامة أو الخاصة ولم تغلق طريقا بل ذنبها الوحيد أنها إنسانة تملك ضميرا حيا وهي شعرت بالمسؤولية لقول كلمة الحق فيما تراه من استبداد وفساد يهدد الوطن والمواطنين وعبرت عن رأيها برفض الاعتقالات التعسفية والاختطاف والتعذيب والقتل للأبرياء"، وشدد على أن "ما يحدث هو جزء من سياسة الترهيب والتخويف للمجتمع وبالخصوص للمرأة التي أصبح لها مكانة في التعبير عن رأيها كإنسان"، معتبرا أن "السلطة لا تريد أن تتمكن المرأة من التعبير ومشاركة الرجل في المطالبة بالحقوق والإصلاح الشامل لأن السلطة تخاف من المرأة الواعية القادرة على صناعة مجتمع واعٍ وشجاع".
وبالنسبة للمواقف المتوقعة من المجتمع ككل، أكد آل غراش أنه "يجب على المجتمع عدم السكوت عن التجاوزات التي تتضمن الظلم والاختطاف والاعتقال والتعذيب والسجن للأبرياء وبالخصوص للنساء"، ولفت إلى أن "الاعتداء على المرأة واعتقالها وسجنها وتشويه سمعتها في وسائل الإعلام هو انتهاك صارخ للحقوق وللعادات والتقاليد وينبغي التحرك العام لإعلان رفض كل ما نشر من تلفيق وتزييف وتشويه لسمعة هذه المرأة المناضلة والصابرة"، ودعا "لإعلان التضامن الكامل مع البطلة نعيمة المطرود والمطالبة بالإفراج المباشر عنها فورا كما الإفراج عن المعتقلة البطلة إسراء الغمغام".
فيما طالب آل الغراش "الجميع أن يشعر بالمسؤولية حول ما يحدث من تجاوز للخطوط الحمراء من قبل السلطة المصرّة على مواصلة سياسة الاستبداد والقمع"، أكد أنه "من العار السكوت عما يحدث من انتهاك للأعراض واختطاف النساء وسجنهن رغم أنهن لم يرتكبن أي جريمة أو اعتداء"، ورأى أن "المجتمع الحي صاحب الضمير الحر لا بد أن تكون لديه الغيرة على الأعراض وعلى نسائه وبناته وأخواته"، ونبه من أن "السكوت يعني القبول والرضا بهذه الجريمة".
فهل تستمع الجهات المعنية في المملكة لصوت العقل والضمير الإنساني وتعود إلى عادات وتقاليد العرب الأصلاء ومبادئ الدين الإسلامي السمح، وترجح مصلحة البلاد والعباد أم أنها ستواصل سياسة القهر وكم الأفواه والاستخدام السياسي للقضاء لتصفية النشطاء والحسابات مع كل من لا يوافقها الرأي؟ مسائل عديدة توضع بتصرف من يدير دفة الأمور في المملكة، فهل تسمع آذانا صاغية؟
أضيف بتاريخ :2017/04/18