تقرير خاص: زيارة #ترامب إلى المملكة.. الأثمان والأهداف الإستراتيجية
مالك ضاهر..
"نحن لا نحصل على شيء مقابل الخدمات الضخمة التي نقدمها للدفاع عن بعض الدول والمملكة السعودية إحداها.."، هذا ما سبق أن أعلنه دونالد ترامب قبيل فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا بالتحديد ما يعمل على تنفيذه ترامب الرئيس اليوم، وتأتي زيارته إلى المملكة في هذا السياق حيث انتشر في وسائل الإعلام عن رغبة سعودية بتوظيف 40 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي.
والحقيقة أن العالم بتاريخ ترامب يدرك أنه رجل أعمال من الباب الأول همه الأساسي الحصول على المال بشتى الطرق، وهو بهذه العقلية كما يبدو يدير البيت الأبيض وينسج علاقاته مع مختلف الأطراف لا سيما من يعتقد أنه يمكنه تحصيل الثروات من خلالها، ومن سيكون أفضل من المملكة السعودية الغنية لتحقيق هذه الأحلام ورفع القدرات الاقتصادية الأمريكية، وربما قرار أن تكون الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي إلى المملكة أفضل دليل على صوابية الرأي القائل إنه قادم لعقد الصفقات التجارية أيا كان المقابل الذي ستطالب به الرياض لحمايتها أمنيا وسياسيا في ظل كل ما تفعله في المنطقة وفي ظل كل ما يدور حولها.
أي مصلحة سعودية وراء الزيارة؟
ولكن هل ما سيحصل عليه ترامب من أموال يحقق مصالح المملكة السعودية وشعبها على مختلف المستويات الإقتصادية والحياتية والإجتماعية؟ أم أن الأمر يقتصر على خدمات تقدم لصحاب القرار في السلطة للقيام بالحروب هنا وهناك؟ بمعنى آخر هل من فائدة فعلية ستعود على المواطن السعودي وعلى خزينة الدولة أم أن الأمر سيقتصر على تغطية القرارات الفردية لبعض من هم في سدة القرار في السلطة؟ وهل الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة قد تحقق تطورا معينا في الثروة السعودية أم أنها محض مصالح خاصة للأمريكيين؟ وماذا ستقدم فعلا واشنطن للمملكة؟
هل ستقدم لنا مشاريع إنمائية معينة لتطوير المجتمع وخلق فرص عمل بين الأجيال السعودية التي تزداد فيها نسب البطالة بشكل كبير ومتسارع؟ هل سيدفع ترامب باتجاه زيادة جرع الديمقراطية وحرية الرأي ومراعاة حقوق الإنسان في المملكة أم أن الأمر لا يعني كثيرا البيت الأبيض؟ هل ستدفع واشنطن باتجاه وقف القتل واقتحام الأمنيين في العوامية أم أن بيع السلاح الأمريكي يعمي عيون من يتغنى بالحرية والديمقراطية؟ هل علم ترامب بما يجري في اليمن وأراد مساعدة أطفاله بمواجهة "الكوليرا" أو أنه سيعمل على بيع المملكة السعودية الدواء المناسب كي تقوم هي بمعالجته بالشكل المناسب؟
وماهي الأبعاد السياسية والإستراتيجية التي تقف خلف هذه الزيارة إلى المملكة وحشد مجموعة من القادة والزعماء العرب والمسلمين للقائه في "أرض الحرمين"؟ هل للموضوع ارتباط وثيق بما يجري بالمنطقة بشكل عام خاصة أن للمملكة خيوطا وقنوات تربطها بكل ما يجري بدءا من الحرب المباشرة في اليمن وصولا للقتال عبر الأدوات والحلفاء في أكثر من ساحة؟ فهل ما يمكن وصفه بـ"الفشل" دفع بترامب إلى الحضور شخصيا إلى الرياض للتباحث في كيفية إنهاء هذه الأزمة التي تتشعب عنها في كل يوم تفاصيل ومشاكل جديدة؟ هل المسألة تأتي في إطار إنهاء الأزمة اليمنية أم إطلاق اليد السعودية من جديد هناك؟
الزيارة بين الداخل السعودي.. والفشل في المنطقة
وهل لزيارة ترامب أبعادها السياسية في الداخل السعودي؟ هل لها آثار حول دعم أطراف على حساب أطراف أخرى؟ خاصة أنها جاءت بعد "الزيارة التاريخية" كما وصفت لولي ولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن حيث التقى عددا من المسؤولين الأمريكيين على رأسهم الرئيس ترامب، فهل يمكن وضع هذه الزيارة في إطار التمهيد لمستقبل ولي ولي العهد السياسي، خاصة أن ترامب كسر تقليدا للرؤساء الأمريكيين بأن أول زيارة تكون لكندا أو للمكسيك أي للدول المترابطة جغرافيا مع الولايات المتحدة.
وماذا عن الوضع الداخلي السعودي وما له علاقة بالحريات وحقوق الإنسان هل سيكون لترامب أي موقف تجاهه أم أنه سيعتمد من باب مصلحته الأمريكية المباشرة عدم التطرق إلى مثل هذا الأمر حرصا على عدم إزعاج أصحاب المال ممن سينفقون على الاستثمارات في بلاد "العم سام"؟ علما أن ترامب يزور الرياض على وقع ما يجري في العوامية من ممارسات واقتحامات للأحياء السكنية وإطلاق الرصاص على المنازل ما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى دون أن يرف أي جفن للفاعلين، ناهيك عما يجري في البحرين المجاورة من ممارسات قمعية مستمرة من قبل السلطات تجاه الشعب ورموزه الوطنية والدينية.
حول كل ذلك أشارت مصادر متابعة إلى أن "زيارة ترامب إلى الرياض تأتي في إطار تحقيق عدة أهداف منها المصالح الأمريكية بالحصول على الأموال السعودية عبر الاستثمارات إلا أنها أيضا تأتي في إطار محاولة لملمة الوضع بعد كل الفشل الذي تحقق لحلفاء واشنطن في المنطقة وبالأخص السعودية لا سيما في اليمن"، ولفتت إلى أن "الرأي العام العالمي يرفض ما يجري في اليمن خاصة مع كل الأخبار التي تتحدث عن انتشار كبير لوباء الكوليرا وللمجاعة بعد كل الحصار الذي فرض هناك".
عن العلاقة مع "إسرائيل" والعداوة مع إيران..
ورأت المصادر أن "ترامب بالطبع لن يأتي كي يدفع باتجاه وقف الحروب التي تحقق له ولإدارته المصالح المباشرة في السياسية والاقتصاد وغيرها من المجالات"، وأضافت "لكن ترامب سيعمل على التشاور للتغيير ربما في طريقة عمل بعض الأطراف أو بتغيير الخطاب أو شكل الحروب"، ولفتت إلى أنه "قد نرى توجه ترامب والقمة المزمع عقدها بشكل عام نحو التصويب على إيران لتكريسها العدو للأمة برعاية أمريكية، خاصة أن زيارة ترامب إلى المنطقة تشمل فقط السعودية وإسرائيل بما تحمله من دلالات للعلاقات الإستراتيجية المفترضة بين هذه الكيانات الثلاثة".
الحقيقة أن عقد اللقاء "العربي الإسلامي" مع ترامب قبيل توجهه إلى الكيان الإسرائيلي المحتل لأرض فلسطين لا يخلو من دلالات سلبية حول مدى تمسك النظام الرسمي العربي والإسلامي(وبالأخص من سيحضر هذا اللقاء) بالقضية الفلسطينية ومدى بقاء "إسرائيل" هي العدو للحاضرين وإمكانية استبدال هذا العدو التاريخي للأمة بعدو مختلق وأن كان هذا الأخير دولة إسلامية جارة اسمها إيران، تساؤلات مريبة وغير بريئة يسأل عنها أصحاب القرار في المملكة والأنظمة العربية، فهل يجرؤ أحد على تقديم الإجابات عنها؟
أضيف بتاريخ :2017/05/17