تقرير خاص: زيارة ترامب إلى #المملكة.. ما قبلها كما بعدها؟!
مالك ضاهر ..
وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض في زيارة منتظرة تم الأعداد والتحضير لها بشكل غير مسبوق، حيث سيمكث ترامب في المملكة السعودية ليومين يعقد خلالها 3 قمم سعودية، عربية وإسلامية، وكأن الأمر يوحي بأن الزيارة تشكل محطة مفصلية -أو هكذا يراد لها- في تاريخ العلاقات ليس فقط بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية وإنما أيضا بين الأخيرة والدول التي سيحضر ممثلوها وربما أيضا الدول غير المشاركة في هذه القمم، ويبدو أن العمل جار للتحضير كي ينتج عن هذه القمم ما سيكون مؤثرا من الأمور على صعيد المنطقة والعالم.
فترامب يأتي إلى المنطقة ليس فقط للحصول على المال السعودي، فالرجل بإمكانه أن يضع يده على هذا المال بطرق مختلفة، إلا أن من أعدّ العدة لسيناريو الزيارة واستقدام كل هذا الحشد أراد تحقيق عدة أهداف بضربة واحدة، وأراد إيصال رسائل في أكثر من اتجاه ومن ثم رسم خطوط وأسقف لجهات قريبة وبعيدة في هذا العالم بما يؤثر على الوضع الإقليمي والدولي.
رسائل مختلفة..
فما هي الرسائل التي تحملها زيارة ترامب التي وصفت بـ"التاريخية" إلى المملكة؟ وماذا يريد ترامب من هذه الزيارة وكيف سيستثمرها داخليا وخارجيا؟ وماذا تريد المملكة السعودية من هذه الزيارة؟ وهل تنحصر الأهداف السعودية بالإقليم أو العالم أم أن لها أبعادها الداخلية في الاقتصاد والسياسية والأمن والعسكر؟ وهل لهذه الزيارة أية تأثيرات على مستقبل الحكم في المملكة؟ وهل الدول التي ستحضر إلى هذه القمم سيكون لها أهدافها الخاصة أم أنها ستكون مرتبطة بما تريده القيادة السعودية وبالتحديد من رسم كل رؤية هذه الزيارة وخطط لها؟
ولكن لماذا كل هذا الحشد لاستقبال ترامب؟ هل هكذا يتم رد الفعل لمن أوعز بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض بمنع دخول مواطنين من دول عربية وإسلامية إلى الولايات المتحدة؟ هل يستحق الأداء الأمريكي لعشرات السنين كل هذا الترحيب والتهليل أم أنها الطموحات الشخصية والمصالح الفردية لبعض الحالمين بالوصول إلى المقعد الأول في كل الدول الحاضرة؟ هل يستحق هذا المقعد الإطاحة بكل شيء كرمى لعيون "سيد البيت الأبيض"؟ أين النخوة والقيم العربية والإسلامية أمام كل الإجرام الأمريكي على مدى سنوات وأمام الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" التي تعتدي يوميا منذ عشرات السنين على الفلسطينيين والعرب والمسلمين؟
طموحات اقتصادية..
يمكن بالتحليل السياسي الإدراك أن لترامب طموحات اقتصادية مباشرة يريد تحقيقها من خلال هذه الزيارة لصرفها وتسييلها في الداخل الأمريكي في محاولة لرفع شعبيته الهزيلة، فالرجل يحاول بمجيئه الحصول على أعلى نسبة من الاستثمارات السعودية في الداخل الأمريكي وتأمين فرص عمل لما يزيد عن مليون عاطل عن العمل في بلاد "العم سام"، بالإضافة إلى صفقات بيع أسلحة على أنواعها للمملكة الغارقة في حرب اليمن ولدول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول.
انقلاب المعايير.. والنتائج المنتظرة
ويمكن التوقع بما قد ينتج من آثار عن هذه الزيارة خاصة أنها تأتي قبل توجه ترامب إلى الكيان الإسرائيلي، فطائرة الرجل ستنتقل من الرياض إلى تل أبيب مع ما لذلك من دلالات ومؤشرات ليست بالسهولة التي قد يعتقدها البعض على العلاقات العربية-الإسلامية-الإسرائيلية وبالتحديد السعودية-الإسرائيلية، ومن هذه الآثار:
-التأكيد أن المنطقة ما زالت حتى الساعة قلب العالم بما تشهده اليوم ولاحقا من أحداث، والتي تتنقل النار فيها بين دولها بما يخدم "إسرائيل" التي بقيت حتى الساعة بعيدة عن أي مشاكل أو اضطرابات مع محاولة استنزاف كل أعدائها بما يجري واختلاق الأحداث لهم لإشغالهم عنها.
-التأكيد على ضرورة محاربة الإرهاب بدءا من الجماعات التكفيرية الأصولية(على الرغم من معرفة المصادر الفكرية والمالية لهذه الجماعات وأصل نشأتها)، وصولا لكل من لا ينضوون تحت الخطاب الذي يرفعه الحلف الأمريكي السعودي، وبعد ذلك يمكن ضم أي دولة أو حزب أو جهة أو جماعة أيا كانت تحت مسمى الإرهاب وإعلان الحرب عليها بكل الوسائل وبالتالي تكون بعض الدول أبعدت عنها تهم رعاية الإرهاب ودعمه، مع أن قانون "جاستا" ما زال قائما وحاضرا في الولايات المتحدة ولا حاجة للتدليل أنه يؤكد التورط السعودي بدعم إرهاب تنظيم "القاعدة".
-التأكيد على ضرورة مواجهة إيران ومحور المقاومة، وتكريس إيران هي العدو لكل الحاضرين في قمم الرياض الثلاثة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأيضا لبعض المتغيبين قصرا أو لعدم توجيه الدعوة لهم.
-محاولة شطب "إسرائيل" كعدو للأمتين العربية والإسلامية بما يستتبع ذلك محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وإن لم يعلن عن كل ذلك صراحة، إلا أن تكريس وحدة العدو بين دول الخليج و"إسرائيل" ماذا يعني؟ وأليس حليف الحليف بالنسبة للعلاقة مع واشنطن وتل أبيب تنطبق بالعلاقة بين واشنطن والرياض وغيرها من العواصم؟ وماذا يعني كل ذلك؟ ماذا يكون قد بقي للإعلان عن أحلاف تجمع بعض الدول العربية والإسلامية والكيان الإسرائيلي؟ أليست روح و"شياطين" إسرائيل حاضرة في هذه القمم وأن غاب ممثلها أو مقعدها المادي؟ فكثير من الدول الحاضرة تقيم العلاقات مع إسرائيل فوق الطاولة أو تحتها.
-إنهاء أي دور عربي وإسلامي مشترك يخدم مصلحة العرب والمسلمين مجتمعين، بل تأكيد تبعية كثير من الأنظمة العربية والإسلامية للغرب وللإدارة الأمريكية بشكل مباشر، وتأكيد أن ما جرى تاريخيا من تآمر في المنطقة العربية والإسلامية كان للعائلات الحاكمة في هذه الدول الدور الأساسي فيه وصولا لأهداف ضيقة وخاصة.
-تشكيل قوة أمريكية عربية إسلامية تخدم مصالح أمريكا في المنطقة(وتبعا له مصالحا حليفتها الأساسية إسرائيل) ومواجهة كل الأطراف التي لا يسيرون تحت رحمة السياط الأمريكي أو لا يدخلون في بيت الطاعة لترامب واللوبيات المختلفة في واشنطن وفي طليعتها اللوبي الصهيوني.
يبقى أن النتائج التي قد تعلن بعد زيارة ترامب وعن القمم التي ستعقد في الرياض هذه الأيام قد لا تكون هي النتائج النهائية أو النتائج الكاملة، إنما قد يكون هناك الكثير من النتائج التي تبقى أو يريد لها أن تبقى طي الكتمان والتي ستظهرها الأيام عبر الخطوات العملية تباعا في أداء الدول والحكام في المنطقة والعالم.
أضيف بتاريخ :2017/05/20