تقرير خاص: التعاطي مع #الأزمة_الخليجية.. انتكاسة جديدة للسياسة #السعودية؟!
مالك ضاهر ..
ما تزال الأزمة الخليجية تراوح مكانها بين قطر وبعض الدول على رأسهم المملكة السعودية، حيث قطعت علاقاتها الدبلوماسية واتخذت بحق الدوحة مجموعة من الإجراءات بهدف عزلها وأغلقت الحدود البرية والمجالات الجوية والبحرية بتهم أن الدولة القطرية تموّل وتدعم الجماعات الإرهابية، وكتب الكثير عن هذه الأزمة وخرجت تحليلات حول أسبابها ومفاعيلها وتداعياتها وكيف سيتم التعامل مع قطر من قبل الدول المختلفة.
والإجراءات التي اتخذت عند بداية الأزمة أظهرت أن هناك مجالات للحسم بشكل سريع مع ظهور شبه إنكفاء للقيادة القطرية التي حاولت تقديم التوضيحات حول ما جرى سابقا من خروقات للمنصات الالكترونية القطرية، إلا أنه مع مرور الوقت بدا واضحا أن المسؤولين القطريين انتقلوا من حالة الدفاع للهجوم، حيث بدأوا بالحديث أن الأزمة لا يمكن حلها إلا بالحوار بعد أن كانت الأخبار تتحدث عن شروط تعجيزية أرسلت من قبل المملكة السعودية والإمارات إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد هدفها الأول والأخير إخضاع قطر لإرادات بعض المسؤولين الخليجيين.
وضع قطر وصمودها أمام الهجمة..
فما هي الأسباب التي جعلت قطر تنتقل إلى خط الهجوم ولم تعد تكتفي بالدفاع والتبرير؟ هل أن العلاقات مع بعض الدول مثل تركيا وإيران وروسيا والصين أعطت النفس لقطر كي تعود لرفع الصوت ضد محاولات الإقصاء والإلغاء وانتهاك سيادتها؟ أم أن الأمر يتعلق بقدرات قطرية في الشرق والغرب أساسه العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ هل قوة دول مجلس التعاون الخليجي وتضامنها فيما بينها تعطي الأمان للدوحة أم أن المجلس أظهر أنه أوهن مما كان يظن البعض حيث الخلافات الجوهرية تنخر في علاقات الدول؟
لكن ماذا لو طالت القضية القطرية ولم تستطع المملكة السعودية(باعتبارها صاحبة الكلمة الفصل في الهجوم على الدوحة وباقي الدول في مركز التابع) من حسم المسألة وأي هيبة ستكون بعد ذلك للمملكة في الإقليم وبالأخص في منطقة الخليج وبالتحديد أمام دول مجلس التعاون؟ وأي صورة ستكون للمملكة أمام عجزها عن ردع دولة من أصغر دول مجلس التعاون؟ وكيف يمكن للمملكة حسم ملفات أخطر وأكبر وهي عاجزة عن ترتيب البيت الخليجي الداخلي؟ كيف يمكن للرياض أن تنهي ملفات تمتد من طرابلس الغرب وصولا إلى طهران مرورا بالقاهرة وبيروت وغزة ودمشق وبغداد بينما هي عاجزة عن تطويع قيادة شابة على مقربة منها مع كل هذه الإجراءات التي فرضت عليها برا وبحرا وجوا وفي مختلف المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية وغيرها؟ هل المملكة قادرة على الحسم وبسهولة إنما هي تحاول ترك الفرصة لقطر كي تعود إلى بيت الطاعة مختارة أم أن الحسم مسألة مستحيلة على الرياض ويحتاج إلى تدخلات خارجية تصل إلى مستويات غربية وأمريكية؟
ماذا تحتاج الرياض لحسم الأزمة؟!
هل تحتاج الرياض إلى قرار أمريكي كي تبادر للحسم مع الدوحة؟ وهل يكفي القرار الأمريكي في هذا الملف أم أن هناك اعتبارات أخرى لا بد من أخذها بعين الاعتبار بدءا من العلاقات الخليجية والمنع الكويتي والعُماني أمام أي تجاوز للخطوط الحمر مع قطر باعتبار أن هناك موانع لا يجوز تجاوزها بين دول مجلس التعاون؟ وهل فعلا تقيم الرياض عند ساعة الحسم والجد أي اعتبار لأي دولة خليجية أخرى؟ هل العلاقات والمصالح بين قطر وروسيا وإيران وتركيا والصين قد تشكل عائقا أمام أي حسم باتجاه قطر؟ وماذا عن الموقف الأوروبي الداعي لحل الأزمة عبر الحوار؟ هل باستطاعة المملكة السعودية تجاوز كل ذلك والعمل منفردة ضد قطر؟
يبدو من الضروري التواضع الاعتراف بالقوة القطرية الناعمة التي لا تأخذ فقط أشكالا عسكرية وقدرات في الإعلام فقط، فقطر لديها من العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية الكثير مما يظهر أنه يدفعها إلى الوقوف ورفض أي محاولة لإخضاعها، وهي ما زالت تراهن على قدراتها الذاتية لجلب الأصدقاء نحوها ومنع الاستفراد بها، ومن الأدلة البارزة على ذلك هو توقيعها مؤخرا صفقة عسكرية لشراء 36 مقاتلة أف-15 من الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 12 مليار دولار، ودلالات هذه الصفقة ليست في قيمتها المالية بقدر ما هي في توقيتها، فقد تم توقيعها في عز الأزمة الخليجية حيث تشحذ المملكة السعودية كل أسلحتها لحصار قطر بينما الأخيرة تعمل بـ"أريحية" عالية وتذهب إلى النبع التي ترتوي منه القوة السعودية –أي واشنطن- وتوقع معه صفقة بقيمة عالية بكما يفتح الباب أمام صفقات جديدة قد تسيل "لُعاب" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويمكن الاستدلال عبرها أن الدوحة ترسل رسائل واضحة أنها قادرة على الدفع لترامب وغيره كما فعل غيرها وهي بالتالي ستضيف إلى رصيدها في العلاقات المختلفة علاقة متينة وحماية أمريكية مباشرة.
من الرابح مما يجري؟
فهل مع هذه الحال يمكن لأحد أن يمس السيادة القطرية أو الاعتداء عليها أو مواصلة الحصار ضدها بأي شكل من الأشكال؟ وهل يمكن لأي حصار أن يجدي نفعا في ظل عدم المساهمة الأمريكية به؟
الحقيقة أن البعض راح يشير إلى أن دونالد ترامب هو أكثر المستفيدين من الأزمة الخليجية والتي ربما تكون مفتعلة بأمر منه، فهو بهذه الطريقة سيكون لديه أكثر من خيار كي يقبض الأموال ويحصل على فرص عمل جديدة وواسعة للأمريكيين، فهذه الأزمة ستمكنه من الحصول على المال القطري بعد حصوله على المال السعودي والإماراتي، وبالطبع أن المال سيجر المال والدول الخليجية لديها من الثروات ما يكفي لترامب كي يحقق وعوده الانتخابية.
إلا أنه بعد كل ذلك يظهر أن المملكة السعودية بالإضافة إلى المال ستدفع المزيد من رصيدها السياسي والوطني وهيبتها الإقليمية والدولية، فهي حتى الآن وكما يبدو في المستقبل القريب ستخطو المزيد من الخطوات لعدم تحقيق أي نجاح في ملف جديد فتح على حين غفلة ضد دولة شقيقة وجارة هي قطر، ليلتحق بملفات سابقة فتحت ولم تقفل ولا ندري أن كان بالإمكان إقفالها قريبا، والسؤال هل ستقبل المملكة السعودية بطرح قطر لحل الأزمة عبر الحوار مع ما يعنيه ذلك من تراجع المملكة عن كل شروطها التي سبق أن أعلنت؟
أضيف بتاريخ :2017/06/16