تقرير خاص: عودة أحكام الموت.. هذا هو مستقبل #المملكة الباهر؟!
مالك ضاهر ..
عادت الإعدامات بحق النشطاء في المملكة السعودية إلى الواجهة عبر إعلان السلطات تنفيذ أحكام الإعدام بحق أربعة شهداء هم: يوسف علي مشيخص، زاهر عبد الرحيم البصري، أمجد ناجي آل أمعيبد ومهدي محمد حسن الصائغ، والتهم كلها تتمحور بالخروج على "ولي الأمر" والتعبير عن الرأي وانتقاد أداء السلطات العاملة والمطالبة بالحقوق، كما وجهت إليهم تهم حول "إطلاق النار على رجال الشرطة وإصابة عدد منهم والمشاركة في تجمعات مثيرة للشغب وإعاقة الجهات الأمنية عن القيام بمهامها والتستر على إرهابيين"، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية السعودية.
التوقيت المريب!!
وقد حاولت السلطات في المملكة إلصاق التهم بالإرهاب وإثارة الفوضى بالشهداء، في حين تزامن الإعلان عن تنفيذ الإعدامات مع ما يجري: -من جهة منذ أكثر من شهر في منطقة العوامية بحق الأهالي وبالتحديد في حي المسورة التي تهدم المنازل على رؤوس ساكنيها وتستهدف الأحياء السكنية بالأسلحة المختلفة ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى.
-ومن جهة ثانية تزامنت الإعدامات مع ما تم تحقيقه من انجازات ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، بما يحمله من تداعيات على وجود هذا التنظيم الإرهابي في كل المنطقة.
كل ذلك أوحى أن هناك اختيارا دقيقا وفق أجندات وحسابات سعودية معينة لتوقيت تنفيذ الإعدامات والإعلان عن حصولها، فهل ما جرى هو مجرد صدفة ليس أكثر أم أن الأمر فعلا تم تحديده بعناية فائقة بهدف لفت الأنظار سعوديا وحتى خليجيا عما يجري في المنطقة؟ هل هزيمة داعش تعني انتكاسة للبعض فأراد الانتقام من الأبرياء وإلصاق تهم الإرهاب بهم؟ وهل لتنفيذ هذه الإعدامات تبعات سياسية تهدف لاستكمال استهداف مكون أساسي في المملكة وبالتحديد في المنطقة الشرقية؟ وهل أن مجرد التعبير عن الرأي يستحق عقوبة الإعدام؟ وما ارتكب هؤلاء الشهداء حتى يكون مصيرهم القتل تحت أي حجة كانت؟ ولماذا في كل دول العالم يمكن للإنسان أن يقف وينتقد ويحاسب السلطة إلا في بلادنا يجب عليه أن يدفع حياته ثمنا للكلمة الحرة؟ هل هذا من الشرع والدين والقانون والأخلاق في شيء؟ خاصة أن من الشهداء من اعتقل وهو لم يبلغ سن الرشد المتعارف عليه دوليا أي 18 عاما، وهل هذه هي الرؤى التي ستطبق في البلاد وتحكم المملكة للسنوات المقبلة؟ هل هذه هي الرؤى الإصلاحية التي بشرنا بها والتي ستجعل مستقبلنا باهرا وجميلا؟
الحكم الجديد والثقة المفقودة..
واللافت أن بعض عوائل الشهداء زاروا قبل فترة أبناءهم في المعتقل ولم يكن هناك أي مؤشرات تدل أو تظهر بقرب حصول تنفيذ الإعدامات، حتى أن البعض كان حتى الأمس القريب يراهن على جهد قد يبذل في الداخل السعودي بهدف إعادة الثقة المفقودة بين الشعب والسلطة، خاصة مع حدوث تغييرات على مستوى ولاية العهد بعد عزل ولي العهد القديم محمد بن نايف وتعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد مع احتمال كبير أن يصبح ملكا خلفا لوالده الملك الحالي، فتوقع البعض أن يتدخل ولي العهد للبحث عن مخارج توصل إلى تعزيز معالم الثقة والتواصل بين الناس والقيادات الشابة التي يجب أن تؤكد أنها آتية لتعمل لمصالح الناس لا العكس، إلا أن كلا من ذلك لم يحصل ويبدو أن مسلسل الاستهداف للمذهب الشيعي سيستمر في أسلوب من التمييع للقضايا وسط صمت عارم يلف الإعلام والرأي العام داخل المملكة خوفا على المصالح والنفوس من ردات الفعل السلبية لأصحاب القرار في المملكة.
العنف والترهيب لا يحل المشكلة..
وتشير بعض المصادر الخليجية المطلعة أن "الأسلوب العنفي الذي تدار به الأمور في المملكة خاصة تجاه النشطاء السلميين سيزيد الأمور تعقيدا ولن ينفع في إسكات الأصوات المطالبة بالحقوق والحريات"، ونبهت من أن "سفك الدماء والتعدي على الحقوق لن يغير من واقع الأمر شيئا وأكبر دليل على ذلك هو ما يجري في الجارة البحرين حيث يتزايد الحراك الشعبي انطلاقا من الاعتداءات التي تمارسها السلطة"، وأكدت أن "الحل يكون بالعودة إلى الحكمة والاستماع إلى صوت العقل ومطالب الناس والعمل على تحقيقها بما يعيد بناء جسور الثقة المتهاوية بين الحكام والشعوب في المملكة وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي".
ومن أبرز الأمثلة على عدم انتهاء القضايا بقتل الرموز هو اغتيال الشهيد الشيخ نمر باقر النمر الذي ما زال حاضرا في يوميات أهالي المنطقة الشرقية بشكل خاص ولدى كل أطياف الطائفة الشيعية والمسلمين والأحرار في منطقة الخليج، فالرجل على رغم من غيابه جسدا عن الدنيا إلا أن مواقفه ورمزيته حاضرة وتتفاعل وتثبت صدقية وصوابية رؤيته لكل ما يجري لا سيما بمواجهة الحاكم الظالم الذي لا ينال رضى شعبه وضرورة الوقوف بوجهه وإسماعه الانتقاد الذي يستحقه لا مهادنته في العلن وانتقاده في السر.
انتهاكات بالجملة..
من جهتها، استنكرت العديد من المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية تنفيذ الإعدامات بحق الشبان الأربعة بشكل خارج عن القانون بما يدل على استهزاء بكافة القيم الإنسانية وانتهاك صارخ للقوانين الدولية وكذلك لكثير من القوانين المحلية، وأشارت بعض المنظمات إلى أن "فترة الحكم الحالي في السعودية لا تختلف عن الفترة السابقة بل برزت فيها انتهاكات وتجاوزات وخاصة في ما يتعلق بحرية التعبير وحق الحياة"، وأوضحت أن "كل ما يتم إعلانه عن إصلاح أو تطوير في القضاء أو في الشؤون المتعلقة بنظام العدالة ليس له انعكاسات ملموسة على نظام العدالة".
ومن الانتهاكات التي سجلت وأضيفت إلى سلسلة الانتهاكات الطويلة التي شابت اعتقال ومحاكمة الشهداء الأربعة، مواصلة السلطات المنع من تسليم جثامين الشهداء، علما أن الأهالي لم يبلغوا بشكل رسمي بعملية الاغتيال بل سمعوا بذلك في وسائل الإعلام.
وبالتزامن مع ما يجري تعمدت السلطات السعودية مواصلة أسلوبها في المناورة وتمييع القضايا وعملت على تأجيل جلسة النطق بالحكم في قضية الشيخ حسين الراضي إلى الشهر المقبل بعد أن كانت مقررة الخميس 13-7-2017، وهذا الأسلوب بالمماطلة لا يبشر بخير لأنه قد ينطوي على مخاطر إصدار أحكام قاسية بحق الشيخ المعتقل وقد يكون التأجيل هو لمنع التأجيج في الشارع السعودي وتجنب زيادة التوتر مع الأهالي في المنطقة الشرقية، ليبقى السؤال هل سيستمر مسلسل التصعيد والجنون أم سنشهد التهدئة المطلوبة لمصلحة الجميع وفي مقدمتهم الوطن؟
أضيف بتاريخ :2017/07/14