تقرير خاص: استفتاء #كردستان والصمت السعودي.. ماذا عن مشاريع التقسيم؟!
مالك ضاهر ..
أثيرت مؤخرا مواقف مشككة برغبة المملكة السعودية في الحفاظ على وحدة العراق، وذلك على خلفية إجراء استفتاء لانفصال إقليم كردستان في الشمال، وطرحت مواقف وآراء مختلفة أن الرياض تدعم وتؤيد ضمنا انفصال الإقليم بما يخدم سياساتها في المنطقة خاصة تجاه بعض الدول التي تصنف في المحور الآخر لا سيما إيران، سوريا والعراق وأيضا تركيا التي وقفت إلى جانب قطر في الأزمة المتواصلة معها من قبل دول المقاطعة الأربع.
والموقف السعودي يجري التأكيد والتدليل عليه من باب أنه في ظل موجة المواقف الإقليمية والدولية التي تناولت مسألة الاستفتاء -سواء مع أو ضد- لم تصدر مواقف سعودية صريحة رسمية أو عبر مصادر بعض الوزارات أو الكيانات السياسية تؤكد الرفض السعودي للاستفتاء، ما فُهم أنه "نأي بالنفس" أو موافقة ضمنية على الانفصال الكردي مع كل ما قد يحمل من تبعات على دول شقيقة أو جارة ولدينا حدود مع بعضها، وما قد يحمله الأمر من تبعات على مستوى الإقليم انطلاقا من أن نجاح تجربة الإقليم بالاستقلال ستفتح الباب أمام تجارب أخرى مشابهة سواء في العراق أو سوريا وكل المنطقة العربية حتى أن البعض تحدث أن منطقة الخليج عامة والمملكة السعودية خاصة لن تكون بمنأى عن "موجات الاستفتاءات" المفترضة بعد نيل كردستان استقلاله المحتمل.
المشروع الأمريكي للتقسيم.. إلى الأضواء من جديد!!
والحديث المتجدد عن المشروع الأمريكي لتقسيم المنطقة عاد بقوة بعد استفتاء كردستان، حتى باتت التسريبات عن محاولات أو مشاريع لإعادة طرح دويلات دينية أو مذهبية أو عرقية في أكثر من بلد عربي وإسلامي في المنطق، بهدف "تقسيم المقسم وتفتيت المفتت" كما ينقل عن أحد البرلمانيين العرب، فالمشروع الاستعماري الغربي الذي كانت تقوده بريطانيا مطلع القرن الماضي هدف إلى تقسيم الأمة والمنطقة وفق مشاريع متنوعة، أُعلنت عبر اتفاقية "سايكس-بيكو" وصولا لإيجاد الكيان الإسرائيلي في المنطقة، واليوم مع تغير الظروف والمعطيات يهدف المشروع الأمريكي لتقسيم ما قسمته بريطانيا وفرنسا قبل ما يقارب المئة عام على أسس ومفاهيم جديدة تهدف إلى شرذمة الأمة أكثر فأكثر، وإذا كان الهدف البريطاني وقتها التقسيم لإيجاد "إسرائيل" فلا بد أن الهدف اليوم هو مزيد من التقسيم لضمان أمن واستقرار وبقاء هذا الكيان الغريب عن الأمة والمنطقة.
ولذلك فالخطورة لا تكمن فقط في ذات المشروع الأمريكي فقط الذي لم تظهر كافة تفاصيله إلى العلن وربما لن تظهر في المدى المنظور، بل هناك خطورة كبيرة من كل جهة أو دولة أو طرف قد يتدخل في تنفيذ هذا المشروع سواء عبر العمل التنفيذي السياسي على شاكلة المطالبة بالانفصال أو بأشكال أخرى، أو عبر تقديم الغطاء السياسي لمثل هذه المشاريع اعتقادا أو رغبة في الحصول على مصالح آنية أو زمنية ضيقة جدا ترتبط فقط بطموحات فردية وشخصية، ولكن من يضمن أن من سيساهم بإشعال النار في المنطقة سيسلم من عدم وصولها إلى عقر داره، وهل الدعم السري والخفي لموجات الانفصال وللتقسيم بمفهومه الأوسع، سيجعل الجهات الداعمة بمنأى عن التقسيم نفسه؟
هل تسمح المملكة بالتقسيم؟!
وهنا تطرح العديد من التساؤلات، هل فعلا المملكة السعودية ترغب بتقسيم العراق وغيرها من الدول المجاورة وهل توافق على مشاريع التقسيم في المنطقة؟ وأي مصلحة لها في ذلك؟ وعلى ماذا تراهن القيادة السعودية في صيانة البلاد ومنع وصول هذه المشاريع إليها؟
بالسياق، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط " السعودية في عددها الصادر يوم الاثنين 2-10-2017 أن "زعامات سياسية سنية تعتزم لقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي لطرح فكرة تأسيس إقليم سني"، وأشارت إلى أن "الحديث عن ذلك حتى الآن ما يزال في السر"، وأضافت أن "زعامات سياسية سنية اجتمعت مؤخرا وقررت لقاء العبادي لطرح فكرة تأسيس إقليم سني"، وتابعت أن "القوى السنية ترى اليوم أنها أمام فرصة لا تعوض لإرغام الحكومة على فكرة القبول بإقليم سني يحقق استقلالا ذاتيا لمحافظاتها خصوصا بعد الأزمة التي أثارها استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان العراق"، وأشارت إلى أن "شخصيات سنية لا تستبعد تحالفا مع الكرد في حال تعنت بغداد حيال مطلب الإقليم لكنها حتى الآن تتحدث في السر عن ذلك".
وكانت مصادر سعودية مطلعة سبق أن تحدثت قبيل إجراء استفتاء الكردستان أن "المملكة السعودية والإمارات وكيان الاحتلال الإسرائيلي يقفون في صف واحد لدعم استفتاء كردستان العراق"، ولفتت إلى أن "هذا الدعم لاستفتاء كردستان يأتي تبعا للحماس المبالغ فيه لخدمة النفوذ الإسرائيلي لدى بعض المسؤولين في البلدين".
مصالح الأمة والدول أولى من مصالح الأفراد..
واللافت هنا الموقف الصريح الصادر عن "الأزهر الشريف" حيث أكد أن "مسألة انفصال إقليم كردستان عن العراق هو مخطط استعماري لتفتيت المنطقة"، وشدد على "حرصه على وحدة الأراضي العراقية"، ولفت إلى أن "دعوات الانفصال تؤدي إلى زيادة فرقة الأمة العربية والإسلامية بما يحقق المخططات الاستعمارية بتقسيم دولها على أسس طائفية وعرقية"، ونبه من "أيادٍ خفية أصبحت تلعب على المكشوف وراء هذا المشروع الانفصالي".
وموقف الأزهر يتناغم مع الموقف المصري الرسمي الرافض لاستفتاء كردستان وكل محاولة للتقسيم في المنطقة، والقيادة المصرية طالما عبرت عن تضامنها مع الدول الوطنية في المنطقة وتأكيدها على الحفاظ على سيادة هذه الدول، في موقف واضح برفض كل المشاريع التقسيمية والتفتيتية أيا كان شكلها وأدواتها.
هذا الموقف المصري يندرج ضمن جملة المواقف العربية والإسلامية الرافضة صراحة لتقسيم المنطقة ومن ضمنها استفتاء كردستان، وكل هذه المواقف تأتي من باب الحرص على مصالح الأمة بشكل عام وعلى مصالح كل قِطر بشكل خاص، ومن هنا يجب أن ينبع الموقف السعودي الرافض لكل تقسيم حتى ولو كان يضر أو يستفز بعض الدول التي قد نختلف معها على بعض النقاط أو القضايا.
أضيف بتاريخ :2017/10/03