تقرير خاص: المواقف الأوروبية تحد من المخططات #السعودية في #لبنان
مالك ضاهر ..
أكدت مجريات وتفاصيل المقابلة التلفزيونية التي أجراها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الأنباء أنه قيد الاعتقال أو الإقامة الجبرية في المملكة السعودية، ولم تساهم هذه المقابلة في تبديد الشكوك والغموض حول حرية الحريري وعائلته بل بالعكس زادت من منسوب الخوف عليه وعلى عائلته وأكدت المؤكد أنه يتكلم بما يريد غيره ويتصرف تحت ضغط وابتزاز لإطلاق مواقف سياسية لا تعبر عن رغباته بشكل كامل.
كل ذلك يُظهر أن المخطط السعودي الموضوع لم يصل إلى خواتيمه بعد وأن فصوله قد تتواصل في المرحلة المقبلة بغية محاربة حزب الله في الساحة اللبنانية وكرد على الخسائر التي تجنيها الرياض أمام النجاحات الواضحة لمحور المقاومة على امتداد ساحات المنطقة، لكن يبقى السؤال الأهم كيف سيكون الرد السعودي في لبنان؟ وعلى ماذا تراهن المملكة كي تواجه حزب الله وإيران في لبنان بعد كل ما يجري في المنطقة؟ هل المواجهة السعودية ضد حزب الله ستكون محض سياسية إعلامية بواسطة أدوات المملكة في لبنان أم أن الأمر قد يتدحرج إلى أشكال أمنية أو عسكرية معينة؟ وبكل الأحوال كيف ستتعامل المملكة في تصعيدها المفترض في لبنان أمام المواقف الغربية والأوروبية تحديدا الرافضة لضرب الاستقرار في لبنان؟
فشل المخطط السعودي..
الواضح من مجريات الأحداث أن المملكة السعودية فشلت في أخذ لبنان إلى أتون الفتنة المذهبية أو الطائفية على خلفية إجبار الحريري على الاستقالة بهذه الطريقة وفشل الرهان على جر اللبنانيين إلى لعبة الشارع أو إلى التقاتل والتصادم فيما بينهم في مختلف المناطق المتداخلة طائفيا وهي كثيرة على امتداد الخريطة اللبنانية، علما أن الأدوات السعودية بقيادة الوزير تامر السبهان عملت على التجييش الإعلامي لرفع منسوب التوتر حتى وصلت إلى حد الدعوة إلى التظاهر من دون أن تلقى التجاوب المطلوب شعبيا وبالتحديد من تيار وأنصار الرئيس سعد الحريري الذين شعروا بالإهانة والمذلة نتيجة الأداء السعودي، كما أن حفظ الاستقرار وضبط الأمن يسجل لطريقة تعاطي القيادات السياسية الحكيمة في لبنان على رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، بالإضافة إلى أداء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي لعب دورا كبيرا في تهدئة الأوضاع، كما أبدى اهتماما كبيرا بسلامة الحريري وعائلته أكثر بكثير من الكثير من "حلفاء" الحريري نفسه.
مواصلة الرهان.. والمواقف الأوروبية المعارضة
وكل المعلومات التي تحدثت عن سعي سعودي لتحريض "إسرائيل" بشن حرب على لبنان لضرب حزب الله قد باءت بالفشل، رغم التعهد بتمويلها ودفع "رشوة" ضخمة للكيان الإسرائيلي جراء ذلك، إلا الحسابات ومعادلات الردع مع حزب الله تدفع تل أبيب إلى مراجعة حساباتها جيدا قبل الغوص في أي حرب أو مغامرة جديدة في لبنان لأن الأثمان ستكون مكلفة عليها.
يبقى أنه يمكن للنظام السعودية تحريك خلايا نائمة إرهابية بغية التفجير وجر لبنان أكثر فأكثر إلى الفتنة ولكن لهذا الأمر محاذيره الكبيرة على الأمن اللبناني خاصة أن في البلد أعداد كبيرة من النازحين السوريين الذي جرى التوافق الدولي والعربي على تركهم في لبنان حتى إشعار آخر وعدم دفعهم لمغادرته لأن ذلك سيعني أنهم قد يسعون للذهاب إلى أوروبا الأمر الذي لا تريده الدول الأوروبية، ولذلك خرجت الأصوات عديدة ترفض جر لبنان إلى هذه اللعبة، حيث دعا وزير الخارجية الفرنسي جان أيف لودريان إلى "عدم التدخل في شؤون لبنان"، كما عبر وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل عن مخاوف من أن يصبح لبنان ألعوبة بيد بعض الدول، وأضاف "كي يكون هناك حل سياسي في لبنان يجب أن يكون لكل من المسؤولين السياسيين بالتأكيد حريته الكاملة في التحرك وأن يكون عدم التدخل هو المبدأ الأساسي".
بدوره، أكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين أنه "يجب توضيح وضع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لأن الأمر يتعلق بسيادة الدولة اللبنانية"، هذا وشدد وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو على "دعم بلاده القوي لوحدة لبنان وسيادته واستقلاله ولقياداته السياسية"، ولفت إلى أن "إيطاليا تحث جميع الأطراف في لبنان والمنطقة على بذل شتى الجهود من أجل الحفاظ على البلد من الصراعات والتوترات الإقليمية".
وفيما حذر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون من "استخدام لبنان مسرحا لخوض ما اسماه نزاعات بالوكالة"، لفت إلى أن "الولايات المتحدة تحث كل الأطراف في داخل لبنان أو خارجه على احترام وحدة واستقلال المؤسسات الوطنية الشرعية في لبنان ومن ضمنها الحكومة والقوات المسلحة".
كما أكدت وزارة الخارجية البريطانية على "الدعم الكامل لسيادة لبنان واستقلاله"، وتابعت أن "الرئيس سعد الحريري هو شريك جيد وموثوق ونتمنى عودته إلى بيروت من دون مزيد من التأجيل من أجل الاستقرار السياسي اللبناني"، ودعت "جميع الأفرقاء المهتمين بلبنان إلى عمل ما في وسعهم لتشجيع عودة الرئيس الحريري والعمل على الحد من التوتر"، بالإضافة إلى المواقف الغربية والأوروبية برز الموقف المصري الرافض للحرب على لبنان، وقد أوفد الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير خارجيته سامح شكري إلى المنطقة للبحث في آخر التطورات وسبل التهدئة لا سيما في لبنان.
المملكة بين نارين..
فالأكيد أن النظام السعودي اليوم واقع بين نارين: النار الأولى، عدم قدرته على التصعيد أكثر في لبنان نتيجة وضعه الداخلي وكذلك نتيجة سلسلة المواقف الأوروبية والغربية الرافضة للتصعيد والتي شكلت في الفترة الماضية صمام أمان وضمانة لحماية الاستقرار في لبنان، أما النار الثانية فهي عدم قدرة النظام السعودي على التخلص من عبء ما فعله مع الحريري بعد أن أجبره على تقديم استقالته من دون أن يجني أي فائدة سياسية من ذلك.
أي أن السعودي بالخلاصة بدل أن يحاول النزول عن الشجرة في اليمن وتخفيف بعض الأثقال عن كاهله وبدل استخدام لبنان ورقة لتحقيق نتائج ايجابية له كي يقايضها مع أي ملف أخر في المنطقة سواء في اليمن أو غيرها، انقلبت الصورة عليه وصعد مرة أخرى إلى شجرة جديدة ولا يبدو أنه قادر على النزول عنها سريعا، ولا ندري إن كان هذا النظام يعرف فقط الصعود دون النزول فهو عالق اليوم في ورطة اعتقاله للحريري وطريقة إذلاله المهينة والفاضحة أمام الرأي العام وعليه إيجاد طريقة للتخلص من هذه الورطة، حيث قد يحاول الهروب إلى الأمام والبحث عن مزيد من التصعيد في محاولة لإخراج نفسه من المأزق.
أضيف بتاريخ :2017/11/13