تقرير خاص: حظر سفر الأمريكيين.. تأجيج للفتنة وضرب للمصالح #السعودية
مالك ضاهر ..
في خضم التطورات الحاصلة في الداخل السعودي والمنطقة، بادرت الإدارة الأمريكية إلى تحذير المواطنين الأمريكيين من السفر إلى المملكة السعودية بسبب ما وصفتها بالتهديدات الإرهابية وهجمات الصواريخ البالستية من الأراضي اليمنية.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان لها إن "التهديدات الإرهابية مستمرة"، بما في ذلك المدن الكبرى كالرياض وجدة والظهران، وإن هجمات قد تحدث من دون سابق إنذار في أي مكان في جميع أنحاء المملكة السعودية، وأضافت أن "الجماعات الإرهابية استهدفت مصالح حكومية ومساجد والأماكن التي يرتادها المواطنون الأمريكيون وغيرهم من الغربيين".
الغايات الأمريكية من قرار حظر السفر..
فماذا يعني هذا التحذير الأمريكي حول الأمن في المملكة؟ وأي دلالات يحملها هذا الأمر؟ وما سر إطلاق هذا الموقف الأمريكي في هذا التوقيت الدقيق بالذات؟ هل فعلا المملكة تعاني من وضع أمني هش أم أن غايات أمريكية محددة تقف خلف القرار؟
لا شك أن الإدارة الأمريكية لا تقدم على أي خطوة بشكل خيري أو لتقديم خدمات مجانية، لذلك رغم أن الأمريكيين وبالتحديد دونالد ترامب، يحاولون الإيحاء أن العلاقات المميزة تربطهم بالرياض وأن العلاقة إستراتيجية مع القيادة الجديدة في المملكة إلا أن الأمريكي دائما يبحث عن مصالحه أولا وأخيرا سواء في الفترة الحالية أو حتى لفترات لاحقة قريبة أو بعيدة، من هنا التأكيد أن القرار الأمريكي يحمل العديد من الدلالات ويهدف إلى تحقيق عدة أهداف منها:
-الأمريكي يريد صب الزيت على نار الفتنة السعودية اليمينية وتأجيج الصراع السعودي الإيراني، خاصة بعد قرار الجامعة العربية، عبر القول إن المملكة مهددة بنيران يمينية بدعم إيراني كما تدعي الرياض والجامعة العربية، ولذلك المخاطر عليها كبيرة ما يجعلها غير آمنة.
-الأمريكي يسعى لتأجيج الصراع السعودي الإيراني بهدف الضغط على المجتمع الدولي بعد سعي سعودي بدفع الجامعة العربية لنقل ملف الخلافات مع إيران إلى الأمم المتحدة عبر دعوة الفريق العربي لمخاطبة مجلس الأمن بذلك، والعمل لإصدار قرارات أو حتى توصيات تنتقد إيران من قبل المنظمة الأممية، ما قد يشكل فرصة أمريكية لفتح ملفات جديدة ضد طهران بعد فشل ما كان يخطط لإلغاء الاتفاق النووي.
-الأمريكي يعمل لتأجيج الصراع الداخلي في المملكة عبر القول إن هناك مناطق غير آمنة لوجود جماعات خارجة على القانون كما هو الحال مثلا بالمنطقة الشرقية، وبذلك تحاول الإدارة الأمريكية التماشي مع الرغبات السعودية بوصف مناطق بأكملها بالخطر والإرهاب ووصف مكون كامل بالإرهاب فقط لأن غالبية من يسكن هذه المناطق هو من بيئة دينية أو فكر أو مذهب واحد.
تأجيج الفتن وسحب الاستثمارات..
-الأمريكي يريد القول للعالم بصورة غير مباشرة إن المملكة بلد غير آمن ولا يجوز بالتالي الاستثمار فيه، لأنه لا يجوز دفع المال في بلد يتعرض لخطر الصواريخ الباليستية أو العمليات الإرهابية، وفيه مناطق خطرة بأكملها وفيه اعتقالات تنفذ بكل الاتجاهات سواء ضد العائلة الحاكمة أو ضد رجال الدين أو ضد رجال أعمال وقيادات ومسؤولين بحجج وذرائع مختلفة.
كل هذا يفسر أنه يشكل ضربة موجهة للاقتصاد السعودي والمشاريع الحالمة من "نيوم" وصولا للرؤى البعيدة الأمد التي يعول عليها ولي العهد محمد بن سلمان للترويج لنفسه بخلافة والده عبر نقل البلاد إلى مراحل جديدة من "الانفتاح"، ما يثير التساؤلات عن حقيقة علاقة الصداقة الأمريكية السعودية بينما واشنطن تعمل لضرب مسيرة البلاد واقتصادها بهذه الطريقة وتعطل المشاريع المستقبلية.
-الأمريكي يريد استفزاز القيادة السعودية الشابة كي تزيد من ممارساتها المتسرعة، بما يساعد واشنطن أكثر على ابتزاز الرياض عبر اختلاق الأوهام والمخططات المرعبة التي تحتاج إلى ممارسات سعودية إضافية لكسب الرضى الأمريكي واسترضائهم أكثر عبر دفع المزيد من الأموال أو الحصول على منافع نفطية جديدة.
المصالح الأمريكية في المنطقة..
-من حيث التوقيت يشير القرار الأمريكي إلى أن الأمريكيين يلعبون على ما يحصل في المنطقة من خلافات لزيادة رقعة مصالحهم ومصالح الكيان الإسرائيلي، فالإدارة الأمريكية تغطي الحرب على اليمن وفي نفس الوقت تقول إن المملكة غير آمنة بسبب هذه الحرب، واشنطن تغطي الممارسات والتجاوزات في الداخل بحق أبناء المنطقة الشرقية وتذهب للقول إن المخاطر في هذه المناطق قائمة، واشنطن تغطي الفساد السعودي ومن ثم تغطي القضاء عليه بطرق لا تمت بصلة إلى القوانين والأصول القضائية ولا الشفافية ومحاربة الفساد.
-الإدارة الأمريكية تعمل للترويج أن المملكة غير آمنة ومهددة بهدف زيادة تدخلها أكثر فأكثر في هذه البلاد، وربما يكون هناك مشاريع أمريكية أبعد وأخطر تُحضر للمملكة سواء عبر نشر قوات إضافية وإقامة مقرات وقواعد عسكرية، وصولا إلى الحديث عن بدء مشاريع تقسيمية وتفتيتية داخل المملكة، خاصة أن هناك مناطق نفوذ أمريكية في الخليج والبحر الأحمر قد تحتاج اليوم واشنطن إلى زيادة تواجدها فيها لتمرير مشاريع مشبوهة لا سيما فيما يتعلق بالتقارب السعودي الإسرائيلي.
كل ذلك يدعو إلى التنبه من اليد الأمريكية الخفية التي تعمل في الكواليس أما لاختلاق وقائع معينة تخدم مشاريعها أو للاستفادة من التناقضات والخلافات والأخطاء التي ترتكب يوميا في المملكة السعودية، فالعقل المصلحي الأمريكي لن يتردد في تحقيق خطط ومصالحه ولو على حساب مصالح المملكة وأمنها واستقرارها.
أضيف بتاريخ :2017/11/24