تقرير خاص: قمة #الكويت.. فرصة لإخراج البعض من مآزقهم؟!
مالك ضاهر ..
على نار حامية وضعت أجواء القمة الخليجية التي ستعقد في الكويت الثلاثاء والأربعاء، خاصة مع تأكيد الدولة المستضيفة انتهاء كافة الإجراءات اللازمة للاستضافة وفي ظل استمرار الأزمة الخليجية حيث تقاطع المملكة السعودية، والإمارات والبحرين ومعهم مصر منذ عدة أشهر دولة قطر.
وفي ظل تضارب الأنباء عن مستوى مشاركة الدولة المقاطعة، أعلنت قطر على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد سيحضر شخصيا في القمة لتمثيل بلده من دون إيفاد أي ممثل له للقيام بالمهمة، كما أكدت سلطنة عُمان مشاركتها في القمة بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء محمود بن فهد.
القمة.. ومصير الأزمة الخليجية
لكن ماذا عن باقي دول مجلس التعاون المقاطعة لقطر، هل ستشارك أم أنها ستقاطع؟ وإن قررت المشاركة بأي مستوى ستكون؟ وماذا يعني أن تقرر قطر المشاركة بأعلى مستوى عبر حضور أمير البلاد شخصيا؟ وأي دلالات سياسية لكل ذلك حول مصير الأزمة الخليجية والموقف الكويتي من دول الأزمة؟
أجواء من التفاؤل تعم الأوساط الرسمية الكويتية التي تبشر بنجاح انعقاد القمة، وأمير الكويت تابع خلال الأيام الماضية كافة التفاصيل المتعلقة بانعقاد القمة، ما يؤكد الإصرار الكويتي على بذل كل الجهود لإخراج المنطقة من تبعات الأزمة، وبالسياق خرجت بعض التحليلات التي تؤكد أن الكويت ستطرح ملف الأزمة خلال القمة في محاولة للوصول إلى حل لها ينهي القطيعة بين الأخوة والجيران.
وعشية التئام القمة، عقد وزراء خارجية مجلس التعاون الاثنين اجتماعهم التحضيري للقمة، وهو أول اجتماع على هذا المستوى منذ اندلاع الأزمة الخليجية، ولكن الاجتماع انتهى بمغادرة الوزراء القاعة رافضين الحديث عما دار خلاله، ما دفع بوزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد الصباح لإطلاق وعد لعقد مؤتمر صحفي لشرح ما حصل من دون أن يحدد موعده.
تفاؤل كويتي وحضور خليجي..
واللافت مستوى المشاركة في الاجتماع، حيث حضر بالإضافة إلى وزير الخارجية الكويتي، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش ومساعد وزير خارجية البحرين عبد الله بن فيصل الدوسري.
وبالسياق، نقلت مصادر مطلعة على أجواء الاجتماع عن وزير الخارجية الكويتي قوله إن "قادة دول مجلس التعاون عبروا عن حتمية اللقاء استشعارا للتحديات التي تهدد أمننا واستقرارنا واستجابة لمشاعر صادقة من شعبنا الخليجي"، مضيفا "نلتمس في هذا الوقت أهمية التماسك والإخاء وضرورة الالتقاء تعزيزا لطاقات مجلسنا في استئناف مسيرتنا المباركة إيمانا من الجميع بأن مجلسنا حصن متين في مناعة أوطاننا".
ورغم مستوى الحضور في اجتماع وزراء الخارجية، لم يتم تأكيد حضور كافة زعماء دول المجلس للاجتماع الذي تستضيفه الكويت، وليس بالضرورة أن يحضر مثلا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز رغم أن وزير خارجيته عادل الجبير حضر الاجتماع، كذلك ليس بالضرورة حضور الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، كما أنه من غير المؤكد حضور رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان وما إذا كان سيرسل ولي العهد محمد بن زايد إلى القمة، خاصة أن مشاركات الشيخ خليفة القليلة في الكثير من المناسبات قد تجعل عدم حضوره أمراً وارداً وتثير الكثير من علامات الاستفهام.
رسائل المملكة ودلالات انعقاد القمة..
وتجدر الإشارة إلى أن بعض وسائل الإعلام نقلت عن مصادر دبلوماسية قولها إن "الملك السعودي سيترأس وفد المملكة في قمة الكويت"، ولكن لا شيء محسوم حتى الساعة وإن حضور القادة شخصيا لا سيما الملك السعودي قد يحمل دلالات معينة حول إمكانية إنهاء الأزمة الخليجية، إلا أنه أيضا قد يحمل رسائل لمن يهمهم الأمر أن المملكة لن تترك المجلس بتصرف غيرها من الدول سواء كانت قطر أو حتى الكويت لتفعل ما تشاء أو تصدر القرارات التي تخدم مصالحها، لا سيما أن المملكة تعتبر نفسها الدولة القائدة بين دول مجلس التعاون وهي عندما افتعلت الأزمة مع قطر تصرفت على هذا الأساس رغم عدم تحقيق الأهداف المبتغاة من ورائها.
كما أن المشاركة السعودية بأي مستوى كان سيكون هدفه الأول هو الحفاظ على وجود المجلس الذي طالما يتم السعي للسيطرة عليه كي يشكل في لحظة ما حصانة إقليمية بمواجهة الآخرين، وهذا ربما ما قد تحتاجه المملكة في المستقبل أمام سلسلة طويلة من حلقات الفشل المتنوع في كثير من ملفات المنطقة وليس آخرها ما يجري اليوم في اليمن.
بكل الأحوال يمكن رصد بعض الدلالات لانعقاد القمة في الكويت، منها:
-تمسك الدول الخليجية مجتمعة بوجود وبقاء مجلس التعاون كحاضنة خليجية جامعة أيا كانت الخلافات بين الأنظمة.
-الموقف السعودي الذي يبدو واضحاً بعدم ترك المجلس لسيطرة الآخرين، بل التمسك به من جديد والاستفادة من وجود الكويت وعُمان لترك الباب مفتوحا أمام إمكانية العودة للحوار داخل المجلس.
-تراجع التصلب في الموقف البحريني الذي كان رافضا في البداية من حضور أي قمة خليجية تحضرها قطر طالما لم تتراجع عن مواقفها أو لم تنفذ شروط الدول المقاطعة، وهذا ما لم يحصل حتى الساعة.
-ثبات قطر على موقفها وإظهار صوابية قرارها منذ بداية الأزمة وأن الحلول لا تكون إلا بالحوار والتلاقي، وهي ستحضر بشخص أميرها للتأكيد على جهوزيتها للتلاقي مع الأشقاء والجيران.
-تأكيد صوابية الموقف المرن والمتوازن للكويت وعُمان وأن الأزمات والمشاكل لا تحل بالقطيعة بل بالنقاش والحوار والتلاقي.
-الاعتراف بالدور الكويتي كوسيط بين مختلف دول مجلس التعاون والسعي الدائم لأميرها لتقريب وجهات النظر.
بكل الأحوال تشير التوقعات إلى أن القمة الخليجية في الكويت ستمر بسلام بمن حضر وأيا كان مستوى التمثيل لمختلف الدول، علّها تشكل فرصة للبعض للتراجع عن مواقفهم النارية وإصدار القرارات الهوجاء بكل الاتجاهات، وربما تكون هذه القمة فرصة لتشكيل منصة خليجية تستطيع إنزال البعض عن الأشجار التي صعدوا إليها بفعل السياسات الخاطئة من اليمن إلى بيروت.
أضيف بتاريخ :2017/12/04