تقرير خاص: قرار #ترامب العدواني بحق القدس.. أين الأنظمة العربية والخليجية؟!
مالك ضاهر ..
نفذ الرئيس الأمريكي تهديداته بخصوص نقل السفارة الأمريكية في الكيان الإسرائيلي من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ضاربا بعرض الحائط كل أشكال القلق والتنبيهات التي أطلقها العديد من القادة العرب الذي هاتفهم قبيل إعلان قراره بساعات، على الرغم من أن كل هؤلاء من حلفاء واشنطن وتصنفهم في خانة "الاعتدال العربي" وتقول إن علاقاتها ببعضهم تاريخية وإستراتيجية وفي طليعتهم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
قرار ترامب سرعان ما أشعل الأرض في كل فلسطين سواء في داخل أراضي العام 1948، أو حتى في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وصولا إلى قطاع غزة المحاصر ناهيك عن تحرك الشعب الفلسطيني في دول الشتات للاعتصام والتظاهر، كما أن الفصائل والمقاومة الوطنية الفلسطينية استنفرت كل أفرادها وقيادتها ومكوناتها تحسبا لأي تطورات جديدة ودعت لانتفاضة جديدة تعم الأراضي الفلسطينية عبر الدعوة لتفعيل التظاهرات الغاضبة يوم الجمعة 8-12-2017، بالتزامن مع الذكرى السنوية لانطلاق انتفاضة الحجارة في العام 1987.
تظاهرات واستنكارات.. واستهداف القدس يتواصل
الخطوة الأمريكية التي تزامنت أيضا مع الذكرى السنوية لوعد بلفور التي مرت منذ ما يقارب الشهر في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، أحدثت خضة وحراك في العالمين العربي والإسلامي على الصعيدين الشعبي والرسمي، فنظمت التظاهرات في مختلف الدول وتوالت المواقف الرسمية والشعبية والدينية الشاجبة والمستنكرة من مختلف دول وقادة العالم، فالقدس هي محور وجوهر القضية الفلسطينية وبالقضاء عليها وإخراجها من الصراع لن يعود هناك أي معنى أو جدوى لهذا الصراع، وبالتالي الخطوة الأمريكية ليست مجرد نقل سفارة من منطقة إلى منطقة ولا مجرد إعلان تغيير عاصمة كيان من مساحة جغرافية إلى أخرى، فقرار ترامب يهدف إلى تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس مع كل ما يحمله ذلك من تبعات على مختلف الصعد.
في هذا السياق، أشارت مصادر متابعة إلى أن "تغيير عاصمة الكيان الإسرائيلي وجعلها القدس بدلا من تل أبيب يعني أن كل المواطنين في داخل المدينة المقدسة ولا سيما أهلها باتوا معرضين للطرد منها أو للدخول في المنظومة والبوتقة الإسرائيلية عبر منحهم جنسية الكيان الإسرائيلي"، وأوضحت "أي أنهم سيتخلون عن هويتهم الفلسطينية وسيتحولون تدريجيا إلى إسرائيليين مع ما لذلك من إنهاء لمسألة القدس والمسجد الأقصى في الوجدان الفلسطيني وأثره على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي نفسه".
ولفتت المصادر إلى أن "أملاك الفلسطينيين باتت بخطر في القدس وكل الاحتمالات ممكنة حيث يمكن أن تصادر هذه الأملاك أو حتى يتم الاعتداء عليها من قبل السلطات الإسرائيلية أو بواسطة المستوطنين بحماية قوات الاحتلال"، وتابعت "السؤال هو ماذا سيحل بالمسجد الأقصى وأي مستقبل سيكون له هل سيتم حرقه أو هدمه أو تدنيسه بشكل يومي؟"، ونبهت من أن "القرار الأمريكي سيجعل السيادة الإسرائيلية كاملة على القدس ما يعني القضاء على القضية الفلسطينية برمتها".
قرار ترامب والحلفاء العرب..
واللافت أن ترامب عند اتخاذه هذا القرار لم يحسب حساب لأي قوانين دولية أو اعتبارات سياسية أو اتفاقيات موقعة بهذا الصدد، كما أن ترامب لن يحسب حساب لأي من الدول "الصديقة والحليفة" للولايات المتحدة في المنطقة لا سيما المملكة السعودية والإمارات ومصر وغيرها من الدول الإسلامية والعربية، اللهم إلا إذا كانوا موافقين على مثل هذه الخطوات بهدف تصفية القضية الفلسطينية التي باتت تمثل عبئا على كثير من الأنظمة، والحقيقة أن هذه القضية ومعاناة الشعب الفلسطيني طالما كانت تمثل إحراجا لأنظمة عربية عديدة ومنها أنظمة خليجية أمام الشعوب العربية والإسلامية، ولذلك يعتقد أن كل بيانات الشجب والاستنكار الصادرة من قبل الأنظمة هي لزوم الحلقات الإعلامية ونشرات الأخبار ليس إلا بينما الواقع مختلف تماما فهم يراهنون على نجاح ترامب بإنهاء القضية الفلسطينية وإلى الأبد.
ولا بد من الإشارة هنا إلى التسريبات التي انتشرت في الفترة الماضية عن خطط أمريكية سعودية لدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقبول بمشاريع تجعل من مناطق أخرى كأبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية بدلا من القدس، وقالت وسائل إعلام إسرائيلي نقلا عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن هذه الخطط من "إعداد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان"، ولفتت إلى "المبادرة السعودية تشمل إقامة دولة فلسطينية على مناطق غير مترابطة إقليميا في الضفة الغربية مع بقاء المستوطنات الإسرائيلية فيها".
وأضافت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه "وفقا للمبادرة السعودية لن يتم إعادة اللاجئين الفلسطينيين للعيش بهذه الدولة ولن تكون القدس عاصمة لهذه الدولة بل ستكون قرية أبو ديس هي عاصمتها"، وأشارت إلى أن "ولي العهد السعودي عرض هذه الخطة على الرئيس الفلسطيني خلال زيارته الأخيرة للسعودية".
للتحرك العارم.. وتحويل الأزمة إلى فرصة
كل ذلك يوجب على الشعب العربية والإسلامية وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني التحرك والاستمرار بتحركه دون ملل أو كلل والعمل لإطلاق انتفاضة شعبية وتفعيل المقاومة بكل أشكالها لا سيما المسلحة منها ضد الاحتلال الإسرائيلي والضغط على الإدارة الأمريكية بكافة السبل لا سيما عبر المقاطعة الاقتصادية حتى التراجع عن القرار الذي أصدره ترامب، كما يجب على الشعوب ممارسة الضغوط على أنظمتها الحاكمة وعدم تركها تتصرف بالقدس كما يحلو لها وللرئيس الأمريكي، بل العودة إلى رشدهم المفقود والأكيد أن لدى العرب والمسلمين الكثير حتى يفعلوه في هذا الإطار، لا سيما سلاح النفط الذي تملكه الدول الخليجية وبالتحديد المملكة السعودية.
لذلك يجب على الأمتين العربية والإسلامية عدم الركون إلى خطوة ترامب واعتبارها نهاية المطاف بل العمل لتحويل الأزمة والتهديد إلى فرصة لجمع الشمل وشحذ الهمم من جديد والسعي الجدي لانتزاع الحقوق بالقوة ووقف كل أشكال العلاقات السرية والعلنية مع الاحتلال الإسرائيلي ووقف الزيارات السرية والعلنية أيضا لبعض المسؤولين الخليجيين والسعوديين مع قيادات صهيونية ومنع أي محاولة سياسية أو إعلامية لطرح أو التمهيد لتطبيع العلاقات مع هذا الكيان واعتبار كل فلسطين وكل القدس للفلسطينيين لأنها كانت وما زالت كذلك.
أضيف بتاريخ :2017/12/08