تقرير خاص: التهجم الإماراتي على #تركيا.. محاولة لحرف الأنظار عن قرار #ترامب بحق #القدس
مالك ضاهر ..
هاجم وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في تغريدة له على "تويتر" الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، من باب فتح النعرات التاريخية في العلاقة بين العرب والدولة العثمانية عبر استهدافه أحد القادة العثمانيين ويدعى فخر الدين باشا الذي كان أميرا على المدينة المنورة مطلع القرن الماضي، ما استدعى ردا تركيا على لسان عدة مسؤولين بينهم أردوغان نفسه.
وكان وزير الخارجية الإماراتي أعاد نشر تغريدة تقول إن الأتراك قاموا بسرقة أموال أهل المدينة النبوية وخطفوهم ونقلوهم في قطارات إلى الشام وإسطنبول، وجاء في التغريدة "هؤلاء هم أجداد أردوغان وهذا تاريخهم مع المسلمين العرب"، وبناء عليه قال نائب رئيس الوزراء التركي فكري إشيق "في الوقت الذي نكافح فيه من أجل بغداد والقدس يأتي أحد المعتوهين ليقوم بإقحام الرئيس أردوغان في معرض إساءته لفخر الدين باشا المدافع عن المدينة المنورة ضد الإنكليز إبان الحرب العالمية الأولى".
استفزاز إماراتي.. ورد تركي
من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إنه "من العار نشر أكاذيب ودعاية تحرض العرب والأتراك ضد بعضهم البعض"، معتبرا أن "مهاجمة الرئيس أردوغان باتت موضة جديدة مهما كلف الثمن".
أما أردوغان فقد وجه كلامه لبن زايد من دون أن يذكره حيث قال "الدولة العثمانية وخلفاؤها أوقفوا حياتهم للدفاع عن المدينة المنورة وحمايتها"، وتابع "حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة أين كان جدك أنت أيها البائس؟"، وأكد أن "العرب في الخليج والمسلمين حول العالم إخوة للأتراك غير أن البعض يحاول الاعتداء والتهجم على الأتراك".
كلام وصف بـ"غير المسؤول" للوزير الإماراتي إلا أنه يفتح الباب على سلسلة طويلة من التساؤلات حول جدوى استخدام هذا الخطاب الفتنوي وفي هذا التوقيت بالذات، لا سيما أن الأمة اليوم يجب أن تكون في خندق واحد ضد المخططات التي تحاك ضدها من بوابة القدس وفلسطين، فهل أن طرح الوزير الإماراتي هذا الأمر الآن هو صدفة غير مقصودة أم أن الأمر يتعلق بفتح اشتباك عن سابق إصرار وتخطيط مع الأتراك انطلاقا من مواقفهم من قضية القدس وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحقها؟
الأجندات المعدة ودور أنظمة الخليج..
الأكيد أنه بغض النظر عن حساسية العلاقات التي ربطت العرب بالدولة العثمانية والقراءة التاريخية لتلك الحقبة وتقييمها، إلا أن الواقع القائم اليوم يوحي أن هناك أجندة سياسية مستعجلة لدى البعض وفي مقدمتهم الأنظمة الخليجية تتضمن ضرورة حرف الأنظار عما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تصويب معركة الأمة باتجاه القدس والقضية الفلسطينية وتثبيتها من جديد القضية المركزية للأمة وأن العدو الأوحد للعرب والمسلمين هو الكيان الإسرائيلي الذي أسس بشكل غير قانوني وغير شرعي على أنقاض فلسطين وشعبها بعد تشريده في أصقاع الأرض.
فالمسألة ليست مسألة فخر الدين باشا وما إذا قام بأفعال تعجب الوزير الإماراتي أم لا، وليست القضية تتعلق بتقييم الدور التاريخي الذي قامت به الدولة العثمانية في المنطقة العربية وغيرها، إنما الهدف هو افتعال المشاكل والبلبلة في أي مسألة تفتح الباب أمام سلسلة من الأخذ والرد لسحب الاهتمام الشعبي والرسمي والالتفاف حول قضية القدس، خاصة بعد ازدياد الفعاليات الرسمية والحراك الشعبي في مختلف أنحاء العالم، فما تريده بعض الجهات دفع الناس لإهمال قضية القدس ونسيان حقيقة العدو وتضييع الأولويات بحيث يجري التركيز على مسائل جانبية وثانوية للتقليل من أهمية الخطأ الكبير الذي ارتكبه ترامب بحق القدس.
وبالتالي هناك من أوكلت إليه بعض المهمات لتنفيذ هذا المخطط والأمر لا يقتصر على وزير الخارجية الإماراتي الذي ذهب باتجاه التصويب على الأتراك، فهذا وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة يقول في تغريدة أيضا على "تويتر" إنه "من غير المفيد اختيار معركة مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية بينما نكافح معا الخطر الواضح والحالي من الجمهورية الإسلامية الفاشية"، بحسب تعبيره، فالوزير البحريني رغم أنه يعتقد أن مسألة القدس وفلسطين هي قضايا جانبية وغير أساسية وهذا ما يحاول الترويج له، إلا أنه يحاول حرف الأنظار عن العدو الإسرائيلي باتجاه من يسعى لجعلهم هو ومن خلفه عدو الأمة أي إيران، وهذا الأمر هو جزء من المخطط الواجب تنفيذه أمريكيا وإسرائيليا لإمرار قرار ترامب وشد العصب المذهبي والطائفي والعرقي بين الشعوب الإسلامية بما يزيد الشرخ والشرذمة، وفي الفترة المقبلة ستتواصل هذه الخطوات والحملات التحريضية والفتنوية سعيا وراء مشكلة هنا وصراع هناك خدمة لمصلحة المستفيد من قرار ترامب أي "إسرائيل".
مشروع الفتن مستمر.. لمصلحة واشنطن وتل أبيب
وسنسمع عبر الكثير من الفضائيات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي تدور في الفلك الخليجي والأمريكي الكثير من محاولات صب الزيت على النار خدمة للهدف الأساس في هذا المخطط، وفي المرحلة اللاحقة لا عجب أن نبشت خلافات تاريخية واجتماعية وثقافية وخلافات نائمة بين دول وأديان وطوائف خدمة للهدف المذكور أعلاه، فقد نسمع بمشكلة تفتح حول ترسيم حدود بين بلدين أو تنافس للحصول على مياه أحد الأنهر أو أي مشكلة أخرى قد يشخص من يثيرها أنها تخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي وتنكئ الجراح وتفتح هوة في جدار العلاقات العربية الإسلامية بما يصب في خانة تضييع البوصلة وحرف الأمة عن مقدساتها وأولوياتها.
وفي هذا الإطار واصلت الإمارات محاولاتها استفزاز الأتراك حيث قال "مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد" عبد الخالق عبد الله إن "أردوغان هو خريج حانات ومقاهي انحدر أخيرا بتغريداته إلى مستوى ماذا فعل أجدادنا الباشاوات وماذا فعل أجدادكم يا عرب"، وتابع "هو باختصار وقح جدا وبائس حتما ومتغطرس دائما وجاهل بأبجديات الدبلوماسية أحيانا".
ويبدو أن الإمارات ستلعب دورا مركزيا في الهجوم على تركيا التي تحاول لعب دور أساسي في التجييش الإسلامي ضد قرار ترامب، وهي قد استضافت قبل فترة قمة استثنائية إسلامية للبحث في القرار وقد عمدت أنظمة خليجية عدة ومنها النظامين السعودي والإماراتي إلى خفض مستوى تمثيلهما في هذه القمة في ما فُسر بشكل أكيد أنه محاولة لإفشالها والحد من إمكانية تأثيرها على قرار ترامب.
الواضح أن البعض يخدم "إسرائيل" سواء علم أو لم يعلم بذلك، والبعض لا شك أنه منغمس بالتواطؤ على قضايا الأمة، إلا أن الواجب يحتم على الشعوب والأحرار في هذه الأمة إعمال صوت العقل وعدم الانجرار وراء محاولة الإلهاء وإضاعة الجهود والتركيز على وضع القدس والقضية الفلسطينية وجعلها في قمة الأولويات.
أضيف بتاريخ :2017/12/22