تقرير خاص: دماء الشيخ #الشهيد_النمر تلاحق الفاسدين.. السلطة تأكل نفسها!!
مالك ضاهر ..
تحل الذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ نمر باقر النمر الذي قضى ظلما على يد السلطة السعودية بعد اتهامات وجهت إليه لأسباب سياسية بحتة باعتباره رفع الصوت ضد الممارسات التعسفية والفساد المتفشي في أركان السلطة والاضطهاد الذي تقوم به هذه السلطة في المملكة بحق عامة الناس دون إيصال الحقوق لأصحابها لا سيما السياسية والمدنية منها وصولا لانتهاك الحقوق الخاصة والحرية الشخصية لأتفه الأسباب.
ذكرى اغتيال الشيخ النمر التي تصادف في 2 يناير/كانون الثاني المقبل، تحل هذا العام في ظل متغيرات عديدة طرأت على الداخل السعودي أثبتت الكثير مما سبق أن أعلنه الشيخ الشهيد عن ممارسات السلطة السعودية من انتهاك الحقوق وغياب الأمان في عموم البلاد ولا تفريق في ذلك بين فرد وفرد أو بين منطقة ومنطقة، والوقائع تثبت يوما بعد يوم أن مواقف الشيخ النمر بتأييد الحق ورفض الباطل هي واجب لا يجوز السكوت عنه بحجة أنه لا يعني جهة واحدة فقط باعتبار أن الظلم يقع على مكون معين دون آخر وبالتالي لا يجب على باقي المكونات التدخل ورفع الصوت طالما هي لم تُضطهد.
التجربة أثبتت صوابية مواقف الشهيد النمر..
إلا أن التجربة أثبتت أن من يعتدي على هذه الشريحة اليوم سيقوم لاحقا باستهداف غيرها وهكذا دواليك، لأن السلطة لم تجد من يقف بوجهها وبالتالي هي لا تجد رادعا للتوقف عن انتهاكاتها، وهذا ما حصل في المملكة السعودية ففي السابق كان الشيخ النمر يرفع الصوت ويصوب على انتهاكات هذا الحاكم أو وتلك السلطة بينما الكثير من المشايخ والعلماء المحسوبين على السلطة والمثقفين ورجال الأعمال وأبناء العائلة الحاكمة كانوا يدركون أن الانتهاكات والتعديات تقع في المنطقة الشرقية ومع ذلك كانوا يلتزمون الصمت أما خوفا من السلطة أو مسايرة لها أو خشية على مصالحهم ومنافعهم الخاصة، حتى وصلت الأمور إلى الاعتداء على الكثير من الصامتين أو المنتفعين والأزلام الذين كانوا بالأمس ينتقدون مواقف الشيخ الشهيد الصريحة والصادقة حيث لا تأخذه بالله لومة لائم، فالرجل بمواقفه الحقة كان نموذجا للديمقراطية التي ينشدها البعض اليوم ومثالا للإسلام المحمدي الأصيل الذي حاول البعض تشويه صورته، ولعل من يسجنون اليوم فهموا لماذا وقف الشيخ النمر وقال كلاماته التي أثارت وأغضبت السلطة حتى حاولت اغتياله بإطلاق النار عليه، وعند فشلها بذلك قامت باعتقاله وإجراء محاكمات صورية له وصولا لاغتياله بحكم سياسي ألبس لبوسا قضائيا.
وبالعودة إلى تفاصيل محاكمة الشيخ النمر، ما تزال تثار الكثير من التساؤلات عن مدى مراعاتها المبادئ القانونية والقضائية المتعارف عليها في كل ديمقراطيات العالم، وهل اغتيال الشيخ النمر كان مجرد اغتيال لشخص رفض الظلم ولقائد حاول إيقاظ الشعب من سبات يراد له البقاء فيه أم أن الأمر كان محاكمة لمكون ديني يراد الانتقام منه بأكمله؟ وهل أعطيت الفرص الكاملة للشيخ الشهيد ليدافع عن نفسه؟
أما ما يجري اليوم من اعتقالات بالجملة لا سيما بخصوص أبناء العائلة السعودية، فأيضا يطرح العديد من التساؤلات حول أن مناهضة فساد السلطة في المملكة السعودية يستوجب الإعدام، وكيف يستقيم هذا المُدعى مع إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن محاربة الفساد واحتجاز العدد الأكبر من وجوه السلطة السابقة من الأمراء والوزراء؟ وهل كانت انتقادات الشيخ النمر للنظام بسبب الفساد تستوجب الإعدام؟ أليس قول السلطة الحالية أن الفساد يعم البلاد هو تأكيد ضمني على صدقية مواقف الشيخ النمر؟
محاكمة السلطة التي حاربها النمر..
الواقع أن ما جرى في السابق مع الشيخ النمر يتكرر اليوم مع المحتجزين في الفنادق والسجون ممن كانوا حتى الأمس القريب من الرافضين لانتقاد السلطة وللمخالفات التي تقع يوميا في المملكة ومن الرافضين للقبول بآراء الشيخ النمر بحق السلطة، ونفس الظلم الذي استهدف الشيخ النمر والكثير من النشطاء والأطفال والشبان والناس في المنطقة الشرقية يستهدف اليوم أبناء العائلة السعودية الذين خالفوا رأي من يمسك بالسلطة ويحاول إخضاعهم بشتى السبل وما أسلوب التحقيق المريب والمشبوه والتسريبات حوله والمساومات المالية وتنازل البعض إلا أحد صور هذا الإخضاع المدوي.
إلا أن هذا الأسلوب اللاقانوني في حل قضايا "الفاسدين" المحتجزين يؤكد المؤكد أن المسألة ليست محاربة فساد وإنهاء لمخالفات قانونية وضبط الهدر في المال العام أو وقف السرقات والاختلاس من جيب المواطن، إن ما يجري يدلل أن الفساد الذي حاربه الشيخ النمر بالكلمة والصوت العالي وتوعية الناس والرأي العام، يأكل نفسه ويقتل بعضه بعضا بكل الطرق الممكنة ويحاول من جديد سرقة المال المسروق باستخدام السلطة التي باتت تتركز بيد رجل واحد يسعى من خلالها إلى مسك زمام الثروة السعودية باليد الأخرى، علما أن هذه الثروة هي بالأصل ليست ملكا لهذا الأمير ولا لذاك الملك إنما هي للمواطن العادي.
نموذج المافيات.. وبناء الدول
والأكيد أن لا شيء حتى الساعة يشير إلى انتهاء مفاجآت السلطة السعودية في محاكمة الخصوم والانتقام منهم ولو كانوا من ذوي القربى أو من الحاشية والمتزلفين، بل هي لديها فرصة كبيرة للاستمرار في هذا "الأسلوب المافياوي" فمن السهولة بمكان لأي حاكم فاسد لا يفقه القانون والإدارة والدين أن يصدر قرارات يشكل بموجبها اللجان ويعطيها الصلاحيات التي يريد بغية تنفيذ مخططاته السياسية ويصفها بأوصاف قانونية وقضائية وهي أبعد ما يكون عنه.
ولكن هذا الأسلوب بالتأكيد لن ينفع في بناء الدولة الحديثة المنفتحة لأن هكذا نماذج للدول لا تقوم على سياسة الكيل بمكيالين أو اعتماد معايير مزدوجة في المكان والزمان ومع الأشخاص تحقيقا لمصالح الحاكم الأوحد الحالم بعرش الملك، والأنفع لهذه المشاريع المستقبلية بالسلطة الاعتماد فعلا لا قولا على الأنظمة والقوانين وإعطاء كل ذي حق حقه والاعتماد على إرادة الناس لبناء الدولة القوية القادرة من جديد لأن اعتماد الأسس والمعايير الملتوية والخاطئة سيؤدي إلى السقوط عاجلا أم آجلا.
أضيف بتاريخ :2018/01/01