تقرير خاص: ما وراء اعتقال السلطات #السعودية الشاعر #فاضل_المغسل؟
رحمة عبدالله ..
بشكل مفاجئ ودون مقدمات ولا استدعاء رسمي، أقدمت السلطات السعودية يوم الثلاثاء الثاني من يناير الجاري على اعتقال الشاعر المعروف فاضل المغسل، شقيق المعارض المختطف أحمد المغسل (أبو عمران)، ما أثار مخاوف عدد من نشطاء وحقوقيين حول توقيت اعتقاله المفاجئ من مقر عمله.
ذهب "المغسل" إلى دوام عمله الرسمي كمعلم لمادة الكيمياء في مدرسة "النجاح" بتاروت ولأنها فترة اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول فكان يمارس عمله كما يحتم عليه واجب المهنة التربوية التي أحبها ومارسها بشغف وتفان وأعطاها اهتماما واسعا من حياته اليومية وبينما كان بين تلامذته تفاجئ باقتحام السلطات قاعة الاختبارات وإقدامها على اعتقاله وسط صدمة واستفهام الجميع؟!.
من هو فاضل المغسل؟
فاضل المغسل من أهالي جزيرة تاروت بمنطقة القطيف شرق المملكة يعمل مدرسا لمادة الكيمياء، وهو شاعر موهوب يمتاز بالقوة في اللغة وتركيب الألفاظ كما يمتلك مهارة فن الإلقاء، وهو مرهف الإحساس يجمع شعره بين الحماسة والطرافة، واستغل موهبته الشعرية في طرح مختلف القضايا المهمة سواء كانت على الصعيد الديني أو الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي أو الأدبي.
وقد شكلت قصائده أسطورة في مقارعة الاستكبار الصهوالأمريكي، وتمجيد المقاومة الإسلامية في لبنان لقتالها الاحتلال الإسرائيلي، كما دافع بقصائده عن القدس الشريف، وله أيضا قصائد في رثاء الشهداء وعلى رأسهم الشيخ الشهيد نمر باقر النمر ومنها قصيدته المعروفة بعنوان “أيها الشيخ الجريح”.
عرف بتواضعه الشديد مع الصغار والكبار وامتاز بحسن الخلق والطيبة في تواصله مع أبناء مجتمعه، له مشاركات في الأنشطة المختلفة كالاجتماعية والثقافية كما أنه يقدم برامج للأطفال.
اعتقال تعسفي ومخاوف انتقامية..
ويعد مسلسل الاعتقالات التعسفية في المملكة السعودية شبه يومي وتتصاعد حدته مع مشاريع ولي العهد محمد بن سلمان في إثبات وجوده الطامح لفرض سيطرته على كافة شؤون البلاد منذ استلام والده الملك سلمان لسدة الحكم، إلا أن اعتقال السلطات لـ "فاضل المغسل" يشكل قضية أكبر من كونها ذات أبعاد شخصية بارزة في المجتمع ما أثار مخاوف جهات حقوقية من أن تمارس سلطة الرياض الانتقام ضده لعدة أسباب أبرزها:
- "فاضل" هو شقيق المعارض المختطف من مطار بيروت الدولي في لبنان "أحمد المغسل" الذي تتهمه السلطات بتفجيرات الخبر ما يثير المخاوف من استخدامه كأداة ضغط لانتزاع اعترافات منه أو من شقيقه تحت التهديد والترهيب والتعذيب النفسي والجسدي لهما.
-"فاضل" هو شاعر يحمل قضايا الأمة والدفاع عن المقدسات ومن بينها القدس ومواجهته مشاريع الصهيوالأمريكية بقصائده، في ظل مؤشرات ومعطيات المتنامية نحو تطبيع العلاقات السعودية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وهو ما يصرح به قادة الاحتلال علناً في وسائل الإعلام الإسرائيلية والسعودية على الحد سواء.
وهذا ما ظهر بعد اعتقاله في حسابات إلكترونية تابعة للأجهزة السعودية إذ شنت حملة على "فاضل المغسل" وحرضت على سجنه ومحاكمته على خلفية قصائده وصلة القرابة مع ’’أبو عمران’’.
كما أن الاعتقالات والمحاكمات بشكل عام ضد النشطاء والمعارضين فضلًا عن التصعيد الأمني ضد المثقفين والكتاب والعلماء ما هو إلّا حالة من التصعيد الممنهج لفرض سياسة التخويف والإحباط لدى الشارع السعودي، بهدف إخماد أي صوت أو انتقاد لسياسة المملكة المحلية والإقليمية التي خسرت الكثير من الملفات الكبرى في المنطقة والتي أثرت سلبًا على داخل البلاد اقتصاديا وسياسيا وأمنيا واستراتيجيا.
"أحمد المغسل" ينفي اتهامه بتفجير الخبر..
وكانت المخابرات السعودية وبالتعاون مع أجهزة أمنية تابعة لتيار المستقبل اللبناني، اختطفت المعارض المعروف "أحمد المغسل" من مطار بيروت الدولي في العام ٢٠١٥ حيث لازال مصيره مجهولا بعد نقله إلى الرياض التي تتهمه بقيادة “حزب الله السعودي” والضلوع في تفجيرات المبنى السكني بمدينة الخبر السعودية العام ١٩٩٦م حيث كان مقرًا سكنيًا للقوات الأمريكية، 1996 وأدى إلى مقتل 19 جندياً أمريكياً وإصابة 372 من جنسيات مختلفة، وهو ما قد نفاه "أحمد" خلال التحقيقات معه، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأشارت صحيفة الأمريكية إلى أن " مسؤولين سعوديين وأمريكيين بحثواً موضوع اعتقال أحمد المغسل خلال زيارة الملك السعودي إلى واشنطن في 4/9/2015م"
وذكرت مصادر آنذاك أن " أحمد المغسل" أودع سجن الحائر سيء السمعة الذي يعتبر أكبر معتقل سياسي في البلاد ويقع على مسافة 30 كيلو جنوب العاصمة الرياض، ويضم آلاف من المعتقلين سواءً النشطاء السلميين، أو أولئك الذين ينتمون إلى جماعات متطرفة مثل القاعدة و داعش.
لمعرفة تفاصيل تفجيرات مدينة الخبر: لماذا منع نايف المحققين الأمريكيين من التحقيق في تفجير الخبر؟
سجل حقوقي متدهور.. ومطالب أممية ..
وبسبب السجل الحقوقي سيء الصيت في المملكة، دعا خمسة خبراء بالأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان الحكومة السعودية الثلاثاء 2 يناير في بيان إلى وقف "قمع" نشطاء حقوقيين والإفراج عن عشرات تم اعتقالهم لممارستهم حقوقهم المدنية والسياسية بشكل سلمي.
وأشار المقررون إلى أن شخصيات دينية وكتاب وصحافيين وأكاديميين ونشطاء مدنيين استهدفوا إلى جانب أعضاء من جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، في نمط مثير للقلق من الاعتقالات التعسفية الممنهجة والواسعة النطاق.
وأكد البيان أن الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي مقيّدة بشدة في السعودية، وأن هناك اضطهاداً للمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب ممارستهم السلمية لهذه الحقوق وانتقاما من نشاطهم. وأوضح الخبراء الأمميون أن المملكة السعودية تجاهلت نداءاتهم المتكررة التي دعوا فيها إلى وقف هذه الانتهاكات وتصحيحها ومنع تكرارها.
المملكة تناقض عضويتها في مجلس حقوق الإنسان..
وشدد البيان أنه على الرغم من انتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان في نهاية العام 2016، إلا أن المملكة واصلت ممارساتها في إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال اعتقالهم تعسفيا ومضايقتهم.
وبالإضافة إلى الاعتقالات التي حصلت في سبتمبر 2017 والحالات السابقة التي أبلغت بها الحكومة، أشار الخبراء إلى فشل السعودية في تنفيذ آراء كانت قد وجهت لها من قبل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والتي شملت 10 أفراد قرر الفريق العامل أن اعتقالاتهم تعسفية. المقررين دعوا في بيانهم إلى الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين في هذه الحالات وناشدوا الحكومة السعودية ضمان حقوقهم وتعويضهم.
وانتهى البيان بالإشارة إلى إغفال الحكومة السعودية للنداءات المتكررة التي وجهها خبراء مجلس حقوق الإنسان لها، وآخرها نداء المقرر الخاص بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان في مايو 2017.
الأوروبية: بيان الخبراء يكشف زيف ادعاءات الحكومة السعودية حول الإصلاح
وهو ما رحبت به المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ولفتت إلى أن البيان الأممي ركّز على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في المملكة السعودية وطالب بحماية المجتمع المدني من عمليات الاستئصال المستمرة التي تمارسها السعودية بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأوضحت المنظمة أن أهمية البيان تتضاعف في هذا التوقيت بعد أن بلغت مستويات الحرية وحقوق الإنسان مستويات هي الأخطر خلال هذه السنوات.
وحذرت المنظمة من الآثار الوخيمة التي تتراكم في مختلف جوانب حقوق الإنسان في السعودية في ظل التغييرات الحالية، وهذا ما يشير له البيان من خلال استمرار السعودية بتجاهل التزاماتها الدولية، وهذا ما يؤكده تتبع السجل السيء للسعودية في التعاطي مع رسائل الأمم المتحدة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان.
وشددت المنظمة على أن بيان الخبراء يكشف عن زيف ادعاءات الحكومة السعودية حول الإصلاح، حيث يظهر ما ورد في البيان وبوضوح، سعي الحكومة السعودية لإلغاء أي دور قد يقوم به المجتمع المدني والشخصيات الفاعلة في الانتقاد أو الرقابة، وذلك من خلال الاعتقال والمحاكمة، وكذلك من خلال إعاقة وإبطاء ممنهجين لقانون مؤسسات المجتمع المدني.
السؤال الذي يطرح نفسه في ظل سجل حقوقي كهذا كيف يأمن مكونات المجتمع على من يتم اعتقالهم على خلفية مطالب متعلقة بالحريات الدينية أو حقوق مدنية أو سياسية، أو حتى تعبير عن الرأي، وسط غياب محاكمات عادلة إضافة إلى غياب الشفافية وتزيف الحقائق لمصالح شخصية وأهداف ضيقة؟
أضيف بتاريخ :2018/01/08