تقرير خاص: هل يكمل #ترامب ولايته في الرئاسة الأمريكية؟
مالك ضاهر ..
أحدث كتاب نار وغضب للكاتب الأمريكي مايكل وولف ضجة كبيرة لما تضمنه من روايات وأخبار وتحليلات تناولت شخصية وتصرفات وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من المجالات، فقد سرد سلسلة من الأحداث حول مسيرة ترامب منذ أن قرر الترشح للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وصولا لآخر قراراته المثيرة للجدل حول القدس المحتلة مرورا بحملته الانتخابية وكثير من التفاصيل التي تكشف المزيد من أسرار شخصية الرئيس الأمريكي وكيفية إدارته للبيت الأبيض ولأكبر دولة في العالم.
كتاب زاد من النظرة إلى ترامب والتي برزت منذ نجاحه بالانتخابات الرئاسية ضد منافسته هيلاري كلينتون، على أنه إنسان غير سوي وليس مؤهلا ليكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فالرجل لم يتخذ قرارا هادئا ورصينا منذ وصوله إلى منصبه الجديد وكل القرارات التي سطرها أثارت الكثير من الجدل والاضطرابات الداخلية والخارجية، سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي وحتى الميداني أيضا.
جنون واستفزاز في كل الاتجاهات..
ورغم أن ذروة حماقة ترامب ظهرت في قراره بحق القدس واعتبارها عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وما تبعها من تصرفات أمريكية أقل ما يقال فيها غير دبلوماسية في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه سبق أن استفز العديد من الحلفاء قبل الخصوم في سلسلة طويلة من محاولات التنصل من اتفاقات ومعاهدات دولية كاتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة دول(5+1)، ناهيك عن استفزازه المستمر لخصوم يخشى من تهورهم مثل كوريا الشمالية التي يواظب على إطلاق المواقف ضدها، بالإضافة إلى قرارات أخرى تناولت رعايا دول إسلامية والعلاقة مع المكسيك وباكستان.
وربما الانجاز الوحيد الذي حققه ترامب في كل مدة وجوده في البيت الأبيض حتى اليوم هو الصفقات الخيالية والمبالغ الطائلة التي حصّلها بشكل سريع وبأقل الأكلاف من المملكة السعودية عبر ولي العهد محمد بن سلمان، فترامب استطاع أن يحصد ما يقارب الـ500 مليار دولار في زيارة خاطفة، فيما يبدو أن سماسرته وفي طليعتهم صهره جاريد كوشنر أعدوا لها جيدا حيث يبدو أنهم أقنعوا الأمير السعودي الشاب أن ترامب هو جسر عبوره وضمانته كي يصبح ملكا خلفا لوالده.
مصير ترامب وتحقيق طموحاته..
لكن التساؤلات التي عادت إلى بورصة التداول اليوم بعد صدور "نار وغضب" هي هل سيتم إنهاء مسيرة ترامب في رئاسة الولايات المتحدة أم أنه سيكمل هذه الولاية بانتظار الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة؟ هل ما تضمنه الكتاب سيؤدي للإطاحة برئيس أكبر دولة في العالم؟ وفيما لو اتخذ القرار وثار غضب ونار في الولايات المتحدة لتطيير ترامب، من الذي يملك هذه الصلاحية ومن له الاختصاص بعزل الرئيس في الولايات المتحدة؟
الأكيد أن ترامب حتى الساعة قد حقق الكثير من طموحاته التي أعلن عنها قبيل انطلاق حملته الانتخابية وبحسب ما تحدث الكتاب، أنه يريد الشهرة وهو بمجرد دخوله إلى المنافسة الانتخابية ضد هيلاري كلينتون كان يهدف لإبراز نفسه على الساحة الدولية للحصول على المزيد من الشهرة خاصة أنه يعتبر من أبرز وأغنى رجال الأعمال أمريكيا، فأيا كانت النتائج التي ستصل إليها الحملات ضد ترامب سواء قبل أو بعد كتاب وولف، فالرجل الذي يعتمد أساليب التجار في تسيير خططه السياسية وبناء علاقاته مع مختلف الأطراف، قد حقق شهرة غير مسبوقة وبشكل جنوني حيث بات حديث الناس في مختلف الأرجاء نتيجة تصرفاته الفردية الجنونية أو بفضل قراراته اللاعقلانية في كثير من الأحيان أو نتيجة تغريداته الصبيانية أحيانا أخرى، فالرجل لا يتورع عن اعتماد الكذب المفضوح لإحداث ضجة إعلامية ولا يتوانى عن شتم الإعلام بألفاظ لا تليق برئيس دولة فقط لأنه يريد التعبير عن مشاعره وإظهار تعاطيه بفوقية وتعجرف، كما أنه أحيانا يعتمد أسلوب الجهل والغباء بينما هو ينفذ بدقة مشاريع مخطط لها مسبقا من قبل فريقه أو الأجهزة الأمريكية التي تعمل معه.
الإرادة السياسية وطرق عزل الرئيس..
ومسألة الإطاحة بترامب وعزله ليست جديدة إنما سبق أن طرحت في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل أعضاء في الكونغرس، على خلفية الأنباء التي انتشرت سابقا عن تدخلات روسية بالانتخابات الأمريكية وعرقلة ترامب التحقيقات حول ذلك، وتحدثت وسائل إعلام أميركية وقتها عن "عرقلة ترامب سير العدالة خلال التحقيق فيما ينسب إليه هو وأعضاء حملته الانتخابية من وجود علاقات تربطهم بروسيا".
أما عن الجهة المختصة بعزل الرئيس في الولايات المتحدة، فقد أعطى الدستور الأمريكي هذه الصلاحية للكونغرس الذي يستطيع عزل الرئيس أو نائبه أو القضاة الفيدراليين في حالة محددة منها: ارتكاب جريمة الخيانة أو الفساد أو الرشوة أو اعتماد الكذب للإضرار بالمصالح الوطني وسوء التصرف وغيرها من الجرائم، كما أن عملية العزل والمحاكمة تتطلب سلسلة من الإجراءات الواجب إتباعها عبر التصويت بأغلبية الثلثين في مجلسي النواب والشيوخ.
وحتى الساعة لا يمكن القول إن إدانة ترامب وعزله هو المصير المحتوم الذي ينتظر الرئيس المجنون، إنما المسألة ترتبط بالإرادة السياسية للمعكسرين الجمهوري والديمقراطي حيث تتطلب نوعا من التوافق على ذلك، على الرغم من وجود أغلبية جمهورية مريحة في الكونغرس، لأن مسألة تمرير قرار محاكمة الرئيس وإدانته ليست بهذه السهولة وإنما قد تتحول إلى مواجهة مفتوحة بين المعسكرين فيما لو اتخذ بقرار آحادي.
كما أن وولف ذكر في كتابه إمكانية عزل الرئيس على أيدي وزرائه بحجة عدم الأهلية العقلية للرئاسة (طبقا للتعديل الخامس والعشرين من الدستور الأمريكي)، خاصة أنه باتت تطلق على ترامب الكثير من الأوصاف كالغبي والمعتوه والمجنون وغيرها مما يدلل على وجود مشاكل نفسية أو عقلية لديه، وقد جزم الكاتب وولف نقلا عن المساعد السابق لترامب "ستيف بانون" أنه "ليس أمام ترامب فرصة للحصول على ولاية ثانية في البيت الأبيض".
يذكر أنه في تاريخ الولايات المتحدة طرحت محاولات لعزل 3 رؤساء هم:
-أندرو جونسون الذي جرت 3 محاولات لعزله، وفيما فشلت محاولتين لمحاكمته حيث لم تصوت أغلبية ثلثي النواب على بدء المحاكمة، صوت النواب في المرة الثالثة بأغلبية 126 مقابل 47 صوتا لمحاكمته بتهم "الجرائم الشنيعة وسوء التصرف"، لكن جونسون أفلت من الإدانة والعزل بفارق صوت واحد، إذ صوت نواب مجلس الشيوخ بنسبة 35 مقابل 19 لعزله.
-ريتشارد نيكسون قدم استقالته في ذروة فضيحة "ووترغيت" قبل أن يتم التصويت على محاكمته في الكونغرس.
-بيل كلينتون بشأن فضيحة إقامة علاقة غير شرعية مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لسونسكي، وقد أنكر كلينتون في البداية أنه أقام علاقة معها، لكن مجلس النواب وافق بأغلبية الثلثين على توجيه تهمتين للرئيس ومحاكمته، هما "الحنث باليمين وإعاقة العدالة"، لكن كلينتون اعترف بخطئه واعتذر علنا وطلب الصفح من الكونغرس والشعب وزوجته هيلاري، وفي المحاكمة لم يصل التصويت إلى حد الثلثين فأكمل كلينتون مدة ولايته.
أضيف بتاريخ :2018/01/11