تقرير خاص: في الذكرى الثالثة للحرب.. إنجازات يمنية وفشل ذريع للتحالف و #المملكة
مالك ضاهر ..
يحيي الشعب اليمني الذكرى الثالثة لبدء الحرب التي يشنها التحالف الذي تقوده المملكة السعودية ضد بلاده والتي تسببت بأزمة إنسانية خطيرة باعتراف الكثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية في العالم بمن فيها تلك التي ترتبط بشكل أو بآخر بالجهات والدول المنتمية أو الداعمة للتحالف والحرب في اليمن، ورغم كل ذلك يسطر اليمنيون صورا باهرة من الصمود والثبات في الجبهات بوجه جيوش مدربة ومجهزة بأفضل التجهيزات والمعدات والأسلحة المتطورة.
وتتزامن الذكرى مع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يعقد صفقات خيالية لشراء السلاح بمختلف أنواعه لدعم الجيش السعودي به، بينما تظهر المشاهد الواردة من ميادين القتال في اليمن وجيزان ونجران ما يعانيه هذا الجيش والخسائر الكبيرة التي تقع في صفوف سواء بالأرواح أو العتاد أمام المقاتلين اليمنيين "الحفاة" الذين يعتمدون على الروح القتالية العالية لسد الثغرات والنقص في التجهيز والتسليح.
قرارات متسرعة.. والسعودي يدفع الثمن
وصعوبة المشاهد الواردة تظهر كيف أن المقاتل اليمني يصطاد في التلال والوديان أفراد القوات المسلحة السعودية ممن أرسلوا إلى أرض غير أرضهم وتم الزج بهم في معارك لا تصب في مصلحتهم أو مصلحة مجتمعهم ووطنهم بل كانت نتيجة قرارات متسرعة لفرد واحد اعتقد أنه بذلك يحقق طموحاته ومشاريعه التوسعية والسياسية.
والمحزن أكثر صورة الإنسان السعودي من أفراد القوات المسلحة الذي نراه هاربا من رصاص أخيه اليمني الذي خرج يدافع عن نفسه وأرضه وعرضه وهدفه فقط صد العدوان ورفض الخضوع والذل أمام الإرادة الأمريكية التي تدير وتشرف وتدعم الحرب المدمرة على الجيران والإخوة، فمن يتحمل مسؤولية إظهار المقاتل السعودي بهذه الصورة المهينة والمذلة ومن الذي دفع به لقتال أبناء جلدته وأخوته وجيرانه ولماذا؟
ومن كل ذلك تطرح التساؤلات الكثيرة عن أسباب استمرار الحرب على اليمن لـ3 سنوات من دون توقف؟ هل السبب في ذلك فشل قيادة الحرب في تحقيق أهدافها أم أنها حققت المطلوب وتعمل على تحقيق المزيد من الأهداف؟ وأي مصلحة للمملكة السعودية في تواصل الحرب لكل هذه الفترة؟ أليس في ذلك استنزاف كبير للقدرات البشرية والمالية والعسكرية والاقتصادية السعودية؟ ومن يعوّض كل هذه الخسائر التي تتعرض لها البلاد نتيجة الحرب في اليمن؟
الرد اليمني متواصل.. ويتطور
الواقع أن الرد اليمني عشية إحياء للذكرى الثالثة للصمود بوجه الحرب السعودية الأمريكية، عبر إطلاق القوة الصاروخية اليمنية لعمليتها النوعية باستهداف 4 مطارات سعودية دفعة واحدة بمجموعة من الصواريخ الباليستية، هو أوضح رد عما يجري في أرض المعركة بعد 3 سنوات من انطلاق الحرب، وهو يحمل دلالات كثيرة ورسائل لكل من يريد أن يفهم، ومن هذه العملية وغيرها يمكننا الإشارة إلى العديد من النقاط:
-أن القدرات اليمنية تطورت بشكل ملحوظ ومستمر خلال فترة الحرب، بل أن القيادة اليمنية تعتبر أن استمرار الحرب سيدفعها إلى مزيد من التطوير ورفع الجهوزية، واللافت أن الصواريخ التي باتت تمطر بعض القواعد العسكرية السعودية هي من صناعة العقل اليمني الذي يعيش الأزمات المعيشية والحياتية ومع ذلك يرفض كل المحاولات لتركيعه وهو يقدم كل التضحيات كي يبقى حرا عزيزا يملك قراره بنفسه.
-أنه رغم الصفقات الخيالية التي عقدت وتعقد في هذه الفترة من قبل ولي العهد السعودي في واشنطن وقبلها في لندن لا يمكن أن تغير الكثير من المعادلات طالما أن الحرب التي تشن غير محقة ناهيك عن أنها تخالف كل الشروط الموضوعية لأي حرب، فالمسألة ليست بكثرة السلاح والدفع العشوائي بالمقاتلين بل العبرة بالأهداف المحددة وكيفية الإدارة والتحكم في مجريات الميدان والنتائج السياسية التي يتم التوصل إليها بالإضافة إلى الواقع العملي والميداني الذي يتحقق أو يتغير في المناطق التي يتم السيطرة عليها.
هل حقق التحالف أهدافه؟!
-بعد مرور 3 سنوات على الحرب لم يحقق التحالف الأهداف التي أعلن عنها سواء في ما اسماه عملية "عاصفة الحزم" أو ما اسماه عملية "إعادة الأمل"، ومن الأهداف التي أعلن عنها هي إزالة الخطر عن المملكة السعودية بينما الصواريخ حتى عشية الذكرى الثالثة ما تزال تتساقط بشكل منتظم عليها، كما أعلن عن تدمير الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة وتدمير قواعد ومطارات للقوات الجوية وتدمير قوة حركة أنصار الله، فما الذي تحقق من هذه الأهداف، بالتأكيد لا شيء والواقع في الميدان يدلل على ذلك بل العكس هو الصحيح حيث أن اليمنيين ازدادوا قوة وتسليحا وعزما على محاربة التحالف بقيادة المملكة السعودية، وما استمرار الحرب لكل هذه الفترة إلا أكبر دليل على فشله وعدم قدرته من تحقيق أهدافه.
أما الحديث عن أهداف "إعادة الأمل" فحدث بلا حرج عن فشلها لأن الواقع الحياتي الصعب في كل اليمن حتى في المناطق التي يسيطر عليها التحالف صعبة جدا والحصار المطبق على البلاد يزيد الأوضاع صعوبة وأدى إلى أزمات حياتية ومعيشية وطبية وإنسانية ما يعني القضاء على الأمل لا إعادته، بالإضافة إلى الفشل في إقامة عملية سياسية في المناطق التي يسيطر عليها التحالف حيث ظهر أن السعوديين والإماراتيين يتصرفون كمحتلين ويتعاطون مع اليمنيين الذين يوالونهم على أنهم تابعين وملحقين لا على أنهم حلفاء يجب دعمهم وتقويتهم.
-بعد 3 سنوات من الحرب ظهر مدى الانحلال الأخلاقي والقانوني لقوى التحالف بقيادة المملكة السعودية وبغطاء أمريكي حيث ترتكب يوميا أفظع الجرائم والمجازر وأبشع الممارسات في مختلف المناطق دون تمييز، فالتحالف يقتل بشكل عشوائي ولا يفرق بين مدنيين وغير مدنيين وينتهك أحكام القانون الدولي الإنساني وقانون الحرب عبر استخدامه الأسلحة المحرمة دوليا وتنفيذه جرائم وصفت بجرائم ضد الإنسانية وأخرى جرائم حرب وإبادة، ناهيك عن قطع الحصار لكل سبل العناية الطبية والغذائية لليمنيين ما تسبب بانتشار المجاعة وبعض الأوبئة الخطرة وعلى رأسها الكوليرا في قتل ممنهج وبطيء لليمنيين العزل.
بين السقوط السعودي والوعي اليمني..
-رغم كل ما يعانيه الشعب اليمني أظهر وقيادته أنهم على قدر كبير من المسؤولية الوطنية والقومية والحكمة العالية، فهم لم يتخلوا عن مناصرة قضايا الأمة ودعمها بكل السبل المتاحة وعلى رأسها القضية الفلسطينية في حين أن البعض من الأنظمة الخليجية يلف العالم للتآمر على فلسطين والقدس خدمة لمصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، كما أن اليمنيين تعاطوا بأخلاقية عالية حتى مع المعتدين فلم نشاهد أنهم تصرفوا بشكل مخالف للقواعد الأخلاقية والدينية مع القتلى وجثثهم أو مع الأسرى من السعوديين أو الإماراتيين أو حتى من اليمنيين الذين يقاتلون بصفوف التحالف.
-بالرغم من الحرب المتواصلة حافظ الشعب اليمني على وطنه بقدر المستطاع ومنعه من الاندثار والتشظي بين الدول المختلفة سواء التي شاركت بالتحالف أو غيرها، ورغم تواطؤ بعض اليمنيين مع قوى التحالف إلا أن الشعب اليمين مارس الحياة السياسية وحافظ على قدر كبير من تماسك الدولة ومؤسساتها.
من كل ذلك نستنتج أن المكابرة والاستمرار بالحرب ما عادت تنفع لا المملكة السعودية ولا حتى شخص ولي العهد محمد بن سلمان بل هي تساهم بتهشيم صورتيهما أمام الرأي العام الدولي والإقليمي الذي يدرك معنى الفشل الذريع المتحقق باليمن لدولة تعتقد أن بإمكانها قيادة العالمين العربي والإسلامي ولشخص يطمح بالجلوس على كرسي الملك لعشرات السنين في المملكة السعودية، والأكيد أن البداية من اليمن لا تبشر بالخير على الإطلاق، لذلك يجب العودة إلى صوت ما تبقى من عقل وحكمة والبحث عن مخارج تحفظ ماء الوجه والنزول عن الشجرة للخروج من المستنقع اليمني بعد كل هذه الأثمان الباهظة التي دفعت.
أضيف بتاريخ :2018/03/26