تقرير خاص: شراء السلاح والمواقف.. حصيلة زيارة #محمد_بن_سلمان إلى #واشنطن
مالك ضاهر ..
يحتار المتابع لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مجريات وتفاصيل هذه الزيارة عندما يحاول البحث عن الخلفيات الحقيقية التي يجنيها المسؤول السعودي وأي مصالح ستجنيها المملكة ككل، فالرجل الذي يزور بلاد "العم سام" لمدة تقارب الأسبوعين، وهي مدة طويلة نسبيا من الناحية البروتوكولية كزيارة عمل لمسؤول في دولة إلى دولة أخرى، ومع ذلك حتى الساعة لم نسمع بالتحديد ما الذي حققته من أمور قد تصب سريعا أو في المستقبل القريب أو البعيد في مصلحة المملكة السعودية كدولة.
فهل الزيارة تصب في مصلحة فرد واحد فقط وفي خدمة المشروع السياسي لولي العهد محمد بن سلمان؟ أم أن هذه الزيارة تصب بشكل كامل في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية دون غيرها؟ انطلاقا من أنها تحقق مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسعيه للتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة والفوز بولاية رئاسية جديدة بعد تنفيذ التزاماته ووعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية الماضية، وبالتحديد بالحصول على أموال طائلة للخزينة الأمريكية وجلب الكثير من الاستثمارات وتأمين فرص العمل للأمريكيين من العاطلين عن العمل.
حصاد ترامب.. وابن سلمان؟!
حتى الساعة وأقله في العلن لم نجد سوى أهدافا وثمارا يجنيها ترامب وفريق عمله ولم يقدم مقابلها للمملكة السعودية وحتى لمحمد بن سلمان أي شيء، حتى الوعود بالدعم السياسي والغطاء والحماية فهي تقدم في غالب الأحيان داخل الغرف السوداء المغلقة وليس أمام وسائل الإعلام، ويصعب تسييل هذه الوعود إلى شيء ملموس اللهم إلا بعد فترة من الزمن إذا ما صدق ترامب بوعوده لابن سلمان حول دعمه للوصول إلى كرسي الملك في المملكة.
والحقيقة أن ما يفعله ترامب عن عمد هو التأكيد أنه سيأخذ كل ما يستطيع أخذه من ولي العهد السعودي، ومن صور هذا الأمر قوله أمام وسائل الإعلام لولي العهد السعودي إنه يجب شراء السلاح من أمريكا بأموال طائلة وأن دفع هذه المبالغ يعتبر لا شيء بالنسبة للسعوديين، وهذا إمعان في سلب المال السعودي بموافقة محمد بن سلمان، وبكل الأحوال ظهر الأخير أمام الرئيس الأمريكي كالإنسان البسيط الساذج الذي يتلاعب به التاجر الماهر الماكر عندما يبعه بضاعة بخسة بأثمان باهظة دون أن يحرك هذا البسيط ساكنا ويقف عاجزا ضاحكا أمام حرفنة التاجر وألاعيبه نتيجة قلة الخبرة والحنكة في الحياة أولا ومن ثم في الحياة العامة واللعبة السياسية الدولية.
توقيع على بياض..
ومحمد بن سلمان لم يقدم فقط الموافقات المسبقة والتوقيع على "بياض سياسي" على كل مشاريع ترامب وصهره جيراد كوشنير لسرقة ونهب المال السعودي الكثير، إنما الرجل يبدو أنه بصم بالعشرة على المشاريع الأمريكية والإسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها في خدمة مباشرة للصهيونية العالمية مقابل الوعود بالدعم والغطاء والحماية، ومحمد بن سلمان يخاطر بكل شيء كرمى لعيون الكرسي والدعم بالوصول إليه وهو بذلك يسير على حافة الهاوية ويراهن بكل شيء، ولذلك فهو قد يخسر كل شيء بضربة أمريكية ليست بحسبانه لسبب أو لآخر خاصة إذا ما وجدت الإدارة الأمريكية الحالية أو الإدارات اللاحقة أو مفاصل صنع القرار في السياسة الأمريكية أن محمد بن سلمان بات الرجل غير المناسب لخدمة مصالح واشنطن في المنطقة ويجب استبداله بأخر، فلو تحقق مثل هذا الاحتمال ماذا سيفعل الطفل المدلل للملك سلمان بعدما راهن على طرف واحد ونسج العداوات مع كل الجهات الأخرى في الداخل السعودي والخارج، بالتأكيد سيجد نفسه خارج اللعبة وضحية الرهان على المجهول كما فعل غيره من حكام المنطقة الذين خُلعوا أو قُبروا نتيجة الوثوق بالوعود الأمريكية الكاذبة.
وعلى محمد بن سلمان الاتعاظ من كل جرى في هذه المنطقة، لأن الذكاء الحقيقي الاستفادة والتعلم من التجارب الشخصية وأيضا من تجارب الآخرين وعدم تكرارها، وبالتالي العقل يقول إنه قبل تسليم الطرف الآخر كل شيء عليك الحصول على دلائل وإثباتات بأنه سينفذه التزاماته تجاهك وغير ذلك سيكون لعب بالنار التي ستشتعل بداية بمن يؤجهها ضد الأخوة والجيران كما يفعل محمد بن سلمان، كما يجب التعلم من تجارب التاريخ والجغرافيا القريبة فهذه أمريكا لا تحسب حسابات كثيرة للأزلام والتابعين بقدر ما تحسب للخصوم والأعداء والدليل أنها باعت كثيرا من حكام المنطقة ممن خدموها لسنين ولكنها تتعاطى بدقة وحساسية عندما يتعلق بخصومها في المنطقة بدءا من إيران وصولا إلى حزب الله في لبنان والمقاومة الفلسطينية في غزة، ولن نذكّر بكيفية التعاطي الأمريكي مع أطراف تعتبر أقوى في العالم من الصين إلى كوريا الشمالية وروسيا، فالضعيف والتابع ليس له قيمة كبيرة في القاموس الأمريكي أما الخصم القوي تهابه واشنطن ومن خلفها تل ابيب، لذلك فالتخلي عن القدس والتآمر على القضية الفلسطينية لمصلحة "إسرائيل" عبر "صفقة القرن" لن يفيد ولي العهد السعودي بل سيؤدي إلى سحب البساط من تحت قدميه وسيجعله مكشوفا أمام الأعداء.
لاستجرار الحلول.. والرهان على الناس
وبدل سعي محمد بن سلمان للترويج أن إيران تقف خلف القدرات اليمنية التي باتت تطال بسهولة العمق السعودي وبدل تحميل طهران مسؤولية ردات الفعل والحراك الداخلي في المملكة، عليه العمل لاستجرار الحلول للأزمات التي يعاني منها في اليمن والداخل أيضا والسعي لبناء الثقة مع الشعب وقياداته لأنهم هم من يملك القدرة على حمايته عندما تغدر به واشنطن، لذلك والرهان يجب أن يكون على الداخل وعلى الإصلاحات الحقيقية وإعطاء الحقوق لكل شرائح المجتمع بدل الرهان المتواصل على الآخرين ممن لا يبحون إلا عن مصالحهم.
وأكبر دليل على ما نقول أن إدارة ترامب تدعم مواقف محمد بن سلمان في اليمن وضد إيران عبر مواقف إعلامية وسياسية لا يتم صرفها عمليا، وتعمد إلى بيعه المزيد من السلاح ليس كي يتم تقويته بوجه الأطراف الإقليمية إنما بهدف تحصيل المزيد من الأرباح المالية لشركات صناعة السلاح في أمريكا، وكذلك تفعل الإدارة الأمريكية عندما تبتز الرياض في الأزمة الخليجية مع قطر وغيرها من أزمات المنطقة، والأجدر بمن يريد مصلحة المملكة السعودية وبالتحديد ولي العهد الحالم بكرسي الملك أن يساعده بالوصول الهادئ إلى مبتغاه عبر حلحلة الأزمات القائمة وإنهاء الخلافات الموجودة لا تأجيجها وإشعالها أكثر كما تفعل واشنطن.
أضيف بتاريخ :2018/03/27