تقرير خاص: المحافظون الجدد وحسابات #الأزمة_الخليجية.. متى موعد الحسم؟!
مالك ضاهر..
كثرت التحليلات والتأويلات حول مصير الأزمة الخليجية بين قطر والمملكة السعودية ومن خلفها الدول الثلاث الأخرى(الإمارات، البحرين ومصر)، خاصة مع استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأمير قطر تميم بن حمد بعد الزيارة المطولة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وبين الأحاديث عن مراوحة لا تزال تعاني منها الأزمة إلى التنبؤ بوضعها على سكة الحل السريع بتدخل مباشر من ساكن البيت الأبيض، وغيرها من التوقعات التي ما زالت غير مثبتة حتى الساعة مع عدم صدور أي إعلان رسمي بحدوث أي تقدم.
واللافت بعد اللقاء بين أمير قطر والرئيس الأمريكي، هو شكر الشيخ تميم لترامب على مشاركته الشخصية والمباشرة في حل أزمة الخليج وأنه قدم دعما لبلاده خلال فترة الحصار، كما شكر أمير قطر "الشعب الأمريكي على دعمه لنا وعلى دوره المهم للغاية في حل الأزمة في منطقتنا"، كلام صحيح أنه قد يزعج البعض إلا أنه يحمل في طياته أسباب المشكلة وإطالتها وأيضا طريقة العلاج والحل، ويؤكد أن الأمريكي يتلاعب بمصير الجيران من الأخوة الأعداء في قطر من جهة ومن جهة ثانية في المملكة السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر، فالجميع يدرك منذ البداية أن واشنطن قادرة على حل الأزمة بتدخل بسيط بل كما قال البعض إنه "باتصال هاتفي فقط يمكن إنهاء الخلاف وإعادة الأمور إلى مجاريها".
التغييرات الأمريكية.. والتوقعات المطروحة
ومن دون العودة إلى تفاصيل الأزمة ونشوبها حيث الجميع بات يعرف ما جرى وكيف تطورت الأمور بشكل دراماتيكي وغير واضح وغير مفهوم، يكفي فقط التذكير أن أساس المشكلة كانت بنشر مواقف قطرية مناهضة للسعوديين والإماراتيين على منصات إعلامية قطرية تبين لاحقا أنها اخترقت من جهات ما في هذا العالم لتعمل على بث الفتن بين أطراف الأزمة وليتم توجيه أصابع الاتهام منذ ذلك الوقت إلى الأمريكيين لأنهم أصحاب المصلحة أولا وأخيرا في إشعال الخلافات لأسباب عديدة.
لكن اليوم مع حصول تغييرات عديدة في الإدارة الأمريكية باتت تطرح التساؤلات كيف سيتم التعامل مع هذه الأزمة؟ هل سيعمل الرئيس الأمريكي وفريق عمله على حلها أم أنهم سيتعمدون إطالة أمدها بهدف المزيد من الاستنزاف والابتزاز لجميع الأطراف؟ وهل سنرى طرقا أخرى وجديدة لحل الأزمة عبر فتح الباب أمام حلول عنفية والسماح بحصول تدخلات عسكرية ومواجهات ميدانية بين مختلف الأطراف أم أن الأمر لن يصل إلى هذا الحد طالما أن الجميع يلعب تحت الغطاء والجناح الأمريكي؟
الحقيقة أن وصول أسماء حادة ومعروفة بعجرفتها إلى سدة المسؤولية في الإدارة الأمريكية أو ممن يوصفون بالصقور والمحافظين الجدد مثل وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون، مع بقاء ترامب شخصيا في البيت الأبيض وصهره جيراد كوشنير الذي ينسب إليه الكثير من الألاعيب والمشاريع المشبوهة، قد ينعكس بشكل أو بآخر على مجمل الملفات التي تديرها واشنطن حول العالم ومن ضمنها الملف الخليجي، وما يجري اليوم من تصعيد في الملف السوري هو أحد نتائج هذه التعديلات حيث باتت الإدارة الأمريكية تنحو نحو الصدام أكثر فأكثر في ظل مواصلة الرئيس ترامب سياسة السير على حافة الهاوية وعدم وجود ضمانات بحصول انزلاقات في أي ملف من الملفات ما يوصل المنطقة والعالم إلى أماكن غير متوقعة، خاصة مع وجود جهات تنتظر الاصطياد في الماء العكر سواء في الأزمة الخليجية أو أزمات المنطقة.
لكن قد تطرح تساؤلات هل هناك من لديه مصلحة بجر المنطقة والخليج إلى مزيد من التصعيد أو إلى الحلول العسكرية؟ ومن هي الأطراف التي قد تعمد إلى جر المنطقة إلى مثل هذه الأمور؟
الاصطياد بالماء العكر.. وتصاعد التوتر
لعل أصابع الاتهام توجه إلى الكيان الإسرائيلي عند الحديث عن المصالح بتفجير الأوضاع في مختلف دول المنطقة ولكن هناك أيضا بعض الأطراف التي تعمل ليل نهار على توتير الأجواء على الصعيد الخليجي بشكل خاص، وفي طليعة هؤلاء توجه أصابع الاتهام إلى الإمارات التي ظهر في أكثر من ملف أنها تسعى لتوريط المملكة السعودية في توترات حدودية مع قطر وغيرها، وما تسرب في الإعلام مؤخرا عن أدوار إماراتية لزعزعة أمن قطر وبالأخص من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد هو خير دليل على ذلك.
إلا أن تطورات الأحداث تجعل كل الحلول موضوعة على الطاولة سواء من الاستمرار وإطالة أمد الأزمة وصولا إلى عمل عسكري ما بين الأخوة الأعداء مرورا بعقوبات من نوع جديد ضد قطر أو حصار من نوع آخر والمتمثل اليوم بالحديث عن البدء بشق قناة بحرية جديدة تسمى "قناة سلوى" في منطقة سلوى الحدودية بين المملكة وقطر، وسيطرت القوات المسلحة السعودية على المنطقة وعزل قطر بريا أكثر فأكثر وبدء الحديث عن حق السلطات السعودية بإحداث تغيير جغرافي ما في المنطقة وتحويل مساحة برية إلى جزيرة تضم في جزء منها قطر بالإضافة إلى مساحة أخرى تبقى تحت السيادة السعودية.
وبالسياق، قال المستشار البارز في الديوان الملكي السعودي(المقرب من ولي العهد السعودي) سعود القحطاني "بتحليل الأخبار المتواترة عن قناة سلوى البحرية فإن قطر ستتحول لجزء من جزيرة سلوى التي تشمل قاعدة عسكرية سعودية في سلوى بالقرب من القواعد العسكرية الأخرى التي جلبها الصغير لأرضه وسيذكر التاريخ أنه كانت هناك في تلك الأرض دولة.."، وأضاف"هل قرار تغيير الجغرافيا بإنشاء جزيرة سلوى يخالف القانون الدولي العام؟ هل يحق للسعودية وضع قاعدة عسكرية فيها؟ هل يحق لها وضع مفاعلها النووي هناك؟ وكذلك مكب النفايات النووية؟"، وتابع "طبعا يحق لها 10000٪، هذه السيادة يا من لا تعرفون من السيادة إلا اسمها".
كل ذلك يؤكد المؤكد أن الأمريكيين لا يزالون يعطون ولي العهد السعودي الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الأخطاء بحق المملكة والجيران عبر تركه يزيد من حدة التوتر مع قطر وغيرها من الدول في المحيط، ما يدلل أن المتاجرة الأمريكية في هذا الملف لم تكتمل بعد على الرغم من استقبال الشيخ تميم وإطلاق الكلام المعسول بينه وبين ترامب وغيره من المسؤولين الأمريكيين، ما يعني أن الأزمة الخليجية ستتواصل فصولا مع بقاء المخاطر قائمة وعدم حسم الأمور لصالح أي طرف من الأطراف.
أضيف بتاريخ :2018/04/11