تقرير خاص: اعتقال النساء وخدعة الانفتاح.. وانكشاف سياسات #محمد_بن_سلمان
مالك ضاهر..
على الرغم من كل التهليل لحملات الانفتاح والترويج لسعي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لنقل المملكة السعودية إلى مصاف الدول المنفتحة والادعاء بإعطاء المرأة كامل حقوقها من بوابة السماح لها بقيادة السيارة وصولا إلى غيرها من الأمور التي تثير الإشكالات وتفتح الباب أمام الأخذ والرد حول مدى تقبلها من قبل المجتمع السعودي بشكل عام، بالرغم من كل ذلك تأتي الممارسات اليومية للسلطة في المملكة السعودية لتثبت أن الأمور لم تتغير كثيرا وأن كل ما يوعد به الناس يبقى في إطار الشعارات التي تقدم ولا تؤخر.
وما يدلل على ما نقول هو حملة الاعتقالات التي حصلت مؤخرا بحق مجموعة من الناشطين والناشطات ممن عرفوا بحراكهم السلمي خاصة في مجال دعم حقوق المرأة، وبعضهم ممن رفعوا لواء المطالبة بحق المرأة بقيادة السيارة فجاء اعتقالهم قبل تطبيق هذا القرار، وبعضهم سبق أن تم اعتقاله في سجون المملكة لأسباب التمسك بالحرية والمطالبة بالحقوق، ما يثير العديد من التساؤلات عن عودة الاعتقالات إلى البلاد بعد أن همدت لفترة خاصة بعد سلسلة الاعتقالات التي طالت سابقا أمراء ورجال أعمال ورجال دين لأسباب مختلفة.
حقوق المرأة في خبر كان؟!
لكن ماذا يفهم من عودة الاعتقالات وتركيزها على الناشطات أو من يدافع عن حقوق المرأة؟ هل المقصود إرسال رسائل واضحة أن الحرية التي تطالب بها بعض الفئات لن تتحقق في المملكة السعودية؟ هل المقصود القول إن الحرية بالمفهوم السعودي تعني المقدار الذي تسمح السلطة السياسية لا ما يريده الناس والنساء بالتحديد؟ هل المقصود إعادة جدولة القرارات والنيات التي أعلن عنها سابقا بخصوص حرية المرأة وأن هناك مراجعة للسياسة المتبعة والعودة إلى المربع الأول؟ هل علينا التفكير مجددا بعودة ما يسمى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لممارسة دورها بعد أن تم تحييدها؟ ولماذا عادت هذه الاعتقالات في هذا التوقيت بالذات وإلى أين ستسير الأمور في المستقبل؟
الواضح أن السلطة السعودية تعيش حالة من الفوضى والعشوائية في اتخاذ القرارات كل فترة بحيث يظهر عدم وجود إستراتيجية حقيقة للعمل طويل الأمد، ما يؤكد عدم وجود أهداف حقيقية محددة ومنشودة يسعى ولي العهد السعودي وفريق العمل المعاون له للوصول إليها، فالسلطة اليوم قررت تنفيذ اعتقالات بحق نشطاء يطالبون بحقوق المرأة بينما في السابق أعلنت عن نيتها فتح الباب الواسع لحصول انفتاح في مجال اختلاط المرأة بالمجتمع وقيادة السيارة ودخولها أماكن كانت ممنوعة عليها مسبقا وغيرها من الأمور.
الحرية والديمقراطية.. وموانع ولي العهد
والمتابع بدقة لما يجري في المملكة يخرج باستنتاج واضح أن السلطة السعودية ليس لديها رغبة جدية بالتغيير الديمقراطي بالبلاد وإنما كل الخطوات التي اتخذت سابقا وتتخذ اليوم، هي وسائل لخدمة الأهداف السياسية المباشرة والآنية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولذلك من غير المتوقع الوصول فعلا إلى حرية أو ديمقراطية حقيقية في المملكة السعودية لأن آلية اتخاذ القرارات وإقرار الخطط والرؤى هي آلية خاطئة تقوم على رغبات وأهواء ومصالح فرد ومجموعة من المستشارين ما يعني أن النتائج التي تنتظر منها هي نتائج غير سليمة وستوصل البلاد إلى ما لا يحمد عقباه.
والكلام هنا ليس من باب النكد السياسي أو الإعلامي إنما هو من باب وضع الإصبع على الجرح، لأنه قد يأتي أحدهم ليدافع عن محمد بن سلمان والادعاء أن كل ما يقوم به الرجل هو محل انتقاد لدى بعض وسائل الإعلام، ليأتي الرد بوضوح أن العبرة ليست فقط باتخاذ القرار وإنما بظروف وبآليات اتخاذه وكيفية صدوره وأسباب ذلك، فعلى سبيل المثال عندما تعمد ولي العهد السعودي التضييق على رجال الدين والمؤسسة الدينية لم يكن هدفه التخفيف عن الناس وإراحة الشعب من عبء جاثم على صدورهم منذ سنوات طويلة وإنما كان بهدف التسويق أنه يحارب التطرف والوهابية والإخوان المسلمين، وأيضا هو عندما اتخذ القرارات بالانفتاح غير المفهوم وإقامة الحفلات الغنائية والراقصة لم يكن هدفه التخفيف من تسلط المؤسسة الدينية والتنفيس عن الناس وإنما كان هدفه تلميع صورة المملكة تحت قيادته، للقول بأنها ذاهبة للابتعاد عن التشدد وتريد نشر جو من الحرية الغربية في البلاد.
وفي هذا الإطار، تأتي خطوة الاعتقالات الجديدة بهدف خدمة أهداف معينة لا سيما مع ما يحكى عن إمكانية توجيه اتهامات بالارتباط بجهات خارجية، خاصة أن مثل هذه الاتهامات باتت تستخدم في المملكة غب الطلب بحسب الحاجة ودون وجود لأدلة دامغة لتورط فلان أو إدانة آخر، لكن التساؤل هنا بأي اتجاه ستوجه الاتهامات وبأي جهة ستُتهم الناشطات أنها على علاقة بها؟
انتقادات ومخاوف.. وأساليب مفضوحة!!
ويشار إلى أن منظمات إنسانية وحقوقية عديدة انتقدت حملة الاعتقالات الجديدة التي نفذت في المملكة والنتائج المرجوة منها لا سيما على صعيد السعي لتشويه سمعة المدافعين عن حقوق المرأة خصوصا والإنسان بشكل عام، وأكدت المنظمات أن "الحملة الموجهة ضد الناشطين تبدو منسقة ومنظمة وتثير المخاوف"، وأضافت أن "الاتهامات الموجهة للناشطين والناشطات خطيرة"، ولفتت إلى أن "خباثة التقارير الإعلامية في هذا السياق لا مثيل لها وصادمة للغاية".
يبقى التأكيد أن كل هذه المحاولات غير القانونية التي تقوم بها السلطة السعودية ما عادت تنطلي على أحد، فالجميع يدرك أن هذه الاتهامات معلبة وجاهزة وتستخدم بحسب الحاجة، والرأي العام في المملكة والعالم يتمتع بالوعي الكافي لمعرفة أن كل ما يجري يتم بدوافع سياسية ولخدمة أفراد ولا يمت إلى المصلحة العامة بصلة.
أضيف بتاريخ :2018/05/24