تقرير خاص: #ترامب فوق القانون.. عدوى التفرد بالسلطة تضرب أمريكا؟!
مالك ضاهر..
لا تزال شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصريحاته وأفعاله تثير الكثير من الأخذ والرد على أكثر من صعيد، خاصة لجهة خطاباته النارية والمتهورة حينا أو لعدم ضبط سلوكياته في أحيان أخرى مرورا بتناقضه الدائم ما جعل البعض يصف بـ"المجنون".
ومن أحدث فصول ترامب اعتباره أن "لديه الحق المطلق في العفو عن نفسه" في قضية التحقيق بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فهو على الرغم من إنكاره الدائم لحصول هذا التدخل نراه قرر أن يعفو عن نفسه بهذه المسألة بما قد يدلل على حصول التدخل الروسي وعلمه به.
صلاحيات الرئيس وحصانته..
موقف ترامب على الرغم من تضمنه العديد من النقاط التي تسجل عليه سواء لجهة تغيير كلامه بما يوحي بارتكابه الكذب الواضح مرورا بالتناقض في المواقف الذي بات سمة تميز شخصية الرئيس الأمريكي وتفقده المصداقية أمام الرأي العام في بلاده والعالم، إلا أن أبرز ما يثار حول كلام ترامب الأخير هو التساؤل هل للرجل الحق بأن يعفو عن نفسه في هذه المسألة أو غيره؟ هل يمكن للرئيس الأمريكي بموجب القانون المحلي أن يعفو عن نفسه بمحض إرادته وهل له مثل هذه الصلاحية؟ وبأي منطق قانوني وعقلي يقبل ذلك؟
الواقع أن للرئيس في أي دولة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية صلاحيات معينة بالقوانين لمنح عفو خاص أو التدخل لتخفيف عقوبة ما عن شخص ارتكب جريمة أو فعل معين، إلا أن ذلك يتم وفقا لآليات ولشروط محددة مسبقا ولها ظروفها المرتبة بمصلحة عامة أو خاصة ولا يمكن العمل بها بشكل عشوائي استنسابي وفقا لإرادة شخص الرئيس وإلا نكون إمام ضرب لكل المعايير التي تقوم عليها دولة القانون والمؤسسات وتصبح إرادة الحاكم أيا كان لقبه(رئيسا أم ملكا أو أميرا...) هي التي تعبر عن القانون، وفي حالة ترامب فإن فتح الباب في هذا المجال أمام عفو الرئيس عن نفسه سيدفع إلى سابقة لم تحصل من قبل في تاريخ أمريكا وستجعل الرئيس في حصانة تامة أمام أي تجاوز للقانون، وهذا ما ترفضه أصلا نظرية حصانة الرؤساء المعمول بها في القانون الدولي لأن الرئيس ليس له حصانة مطلقة إنما هناك من الأفعال ما يسأل عنها كالخيانة العظمى وغيرها من الجرائم.
تجاوزات ترامب.. في الداخل والخارج!!
وبالسياق، أكدت مصادر مطلعة أن "الرئيس الأمريكي لا يمكنه أن يكون الخصم والحكم في قضية واحدة، أي أنه لا يمكن أن يرتكب الأخطاء وبعد ذلك يقرر أنه سيعفو عنه وكأن شيئا لم يكن"، ولفتت إلى أنه "حتى فلسفة العفو الخاص الذي يصدر عن رئيس الدولة تتعلق بأن الرئيس يمنحه لشخص آخر لا تربطه به صلة قرابة أو مصلحة"، وتابعت "لذلك لا بد من وضع حد لتجاوزات ترامب قبل إقدامه على ارتكابها بحق القانون الداخلي بعد انتهاكه للقانون الدولي عبر التنصل من العديد من الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل الولايات المتحدة ضاربا بعرض الحائط الالتزامات المفروضة فيها وكل المبادئ القانونية".
وبغض النظر عن التبعات القانونية لكلام ترامب، إلا أن البُعد السياسي له هو الطاغي باعتبار أن ساكن البيت الأبيض يسعى لحماية نفسه أمام أي قرار قد يصدر ضده بخصوص مسألة التدخل الروسي المزعوم بالانتخابات الأمريكية، فهو يمارس "هوايته" عبر أسلوبه الهجومي قبل أن يفرض عليه اللعب في خط الدفاع، أي أنه يحاول ممارسة المزيد من الضغط على المحقق الخاص في القضية روبرت مولر الذي وجه أكثر من رسالة لاستجوابه، فهل ينجح ترامب في هذا الأسلوب مع المحققين والقضاء، خاصة أنه أسلوب أثبت نجاحه في الكثير من المحطات السياسية والتجارية لترامب.
إلا أن أسلوب ترامب هذا في الداخل الأمريكي قد لا يكون موفقا كثيرا وعليه عدم الاتكال أنه يستطيع فعل ما يشاء في الداخل كما يفعل في الخارج، حيث يتعاطى على أنه الأمر الناهي معتمدا على سطوة وقوة وجبروت وتسلط الولايات المتحدة سواء في الملفات السياسية والعسكرية أو الأمنية من دون أن يجد من يردعه، إلا أن داخليا على ترامب التنبه أنه وصل إلى البيت الأبيض بشق الأنفس وأن لديه الكثير من المعارضين سواء داخل حزبه أو في عموم البلاد، وأن الأمريكيين لن يقبلوا التعاطي معهم كما يفعل مع بعض حلفائه في العالم أو في الشرق الأوسط ممن يفرض عليهم الجزية مقابل الحماية ويهددهم ويستدعيهم إلى البيت الأبيض كي يفرض عليهم شروطه لعقد صفقات شراء السلاح بأسعار خيالية.
التأثر بالأسلوب العربي!!
لكن أسلوب ترامب الذي يميل إلى العنجهية بات يطرح تساؤلات عن إمكانية إعجابه وتأثره بأسلوب بعض حلفائه في الأنظمة العربية ولا سيما الخليجية منها الذين يتصرفون داخل دولهم كيفما يريدون دون حسيب أو رقيب ودون أي اعتبار لقوانين أو أنظمة، وترامب الذي يبدو أن شخصيته تتوافق مع هذه الأساليب المتفلتة من القانون لديه رغبة بحصر السلطة بيده أو بأيادي المقربين منه، وهو منذ وصوله إلى البيت الأبيض أحضر معه جيراد كوشنير وسلمه العديد من الملفات لمتابعتها، وهذا بالتحديد ما يفعله البعض في بلادنا حيث يتم إصدار الأوامر والقرارات لإحداث تغييرات ما وعند التدقيق بها نراها تصب في مصلحة شخص بعينه حيث يتم تسليمه المزيد من المناصب والصلاحيات دون معرفة المصلحة الحقيقية.
بالتأكيد أنه مهما كانت شخصية ترامب متفلتة من القانون ويحاول فرض إرادته على الآخرين وعلى الجهات الرسمية إلا أنه في "بلاد العم سام" هناك ضوابط وقوانين وأعراف لا يمكن القفز فوقها وتجاوزها أيا كان الرئيس والحزب الحاكم، فالمؤسسات هي التي تحكم في تلك البلاد بغض النظر عن مدى الموافقة على سياسات هذه الدولة، وبالتالي لن تصل الأمور هناك إلى ما هو الحال عليه في بلادنا حيث ينام المسؤول في موقعه ويستيقظ صباحا مجردا من كل الصلاحيات ونزيلا في أحد السجون بقرار من الحاكم المطلق.
أضيف بتاريخ :2018/06/07