تقرير خاص: انتخابات اللون الواحد في #البحرين.. النظام يقصي معارضيه
مالك ضاهر..
على قدم وساق يتحضر النظام البحريني لتنظيم انتخابات مجلس النواب المقبلة المقررة في نهاية العام الجاري، وبهذا الإطار أصدر الملك عيسى بن حمد آل خليفة مؤخرا قرارا بمنع القيادات السياسية المعارضة من الترشح لهذه الانتخابات، بما يقطع الباب عن المشاركة في الانتخابات أقله ترشحا لكل من لا ينضوي تحت جناح السلطة ويلتزم بما تقرره.
فقد صادق الملك البحريني على تعديل المادة الثالثة من قانون "مباشرة الحقوق السياسية"، وفي السابق كانت المادة تمنع من حكم عليه بعقوبات محددة من مباشرة الحقوق السياسية أثناء تنفيذه للعقوبة المحكوم بها، واليوم استبدلت المادة بفقرة جديدة تنص على "منع قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها من الترشح إلى مجلس النواب".
الإطاحة بالديمقراطية والانتخابات..
فالملك البحريني نسف كل الأسس التي تقوم عليها أي انتخابات ديمقراطية في العالم عندما جعل المنافسة محصورة بين أطراف معينة واستبعاد فئات وازنة لأنها تخالف الرأي وتبدي رأيها وتعلن انتقادها للسياسات القائمة، وبعد ذلك لا نعرف صورة هذه الانتخابات وأي ممثلين ستنتجهم مع استبعاد شريحة واسعة من الشعب من المشاركة والترشح وهي فئة المعارضة، وهل تستوي الانتخابات باستبعاد المعارضة وحصرها بالموالاة؟ وأي نتيجة ستخرج بها هذه الانتخابات؟ وهل يمكن تصور انتخابات نيابية تفرز لونا واحدا أو جهة سياسية واحدة؟ وهل سنجد موالاة تقسم نفسها إلى قسمين بهدف تمثيل أدوارا سياسية مطلوبة منها؟ بمعنى هل سنجد فريقا من الموالاة سيعطى دور "الكومبارس" لتمثيل دور المعارضة في المرحلة المقبلة؟
الحقيقة أن أولى ركائز الانتخابات أنها تهدف للوصول إلى السلطة من قبل الأحزاب أو الجهات المتنافسة بغية تطبيق برامجها السياسية والانتخابية وبالتالي لا معنى لترشيح حزب أو جمعية دون طموح سياسي، ومن باب أولى لا معنى ولا أهمية لانتخابات تمنع هذه الفئات المعارضة من المشاركة فيها باعتبار أنها ضربت كل أسس التنافس الانتخابي بين المرشحين للوصول إلى الندوة البرلمانية.
خطوة لا مثيل لها..
والمسألة هنا أن النظام البحريني لم يعد يكتفي بأن يستخدم القضاء المحلي كأداة بيده لإصدار الأحكام بحق المعارضين، وإنما تجاوز الأمر ليمنع كل من يصنف في خانة المعارضين لمنعه من الترشح ما يفتح الباب على مصرعيه لاستناسبية السلطة السياسية، فمن نافلة القول إن من يصدر بحقه حكما قضائيا بإسقاط حقوقه المدنية والسياسية سيعني أنه لن يشارك بالترشح أو الاقتراع بالانتخابات وبعد ذلك يمكن البحث ما إذا كان القضاء منصفًا أو مسيسًا، أما في الحالة التي نحن بصددها هنا فالنظام البحريني تجاوز كل حدود وأسقط كل المحرمات وباتت الانتخابات التي ستجري هي أشبه بالتعيين من قبل الملك والحكومة، والأكيد أن هذه الخطوة التسلطية من النظام البحريني قد لا يكون لها أي مثيل في أي مكان آخر في العالم، بما يظهر تحكم الملك والسلطة السياسية التابعة له ولعائلاته بكل شيء في البلاد يما يقضي على أي أمل بالتغيير القريب للواقع المرير.
ونسف الغاية والهدف من الانتخابات في البحرين هو نسف لكل الشائعات التي تروج لها وسائل إعلام النظام وأدواته حول بناء دولة القانون والمؤسسات وإيهام الرأي العام العالمي أن هناك حياة ديمقراطية في البلاد، بينما الواقع مختلف تمام حيث نحتاج إلى كثير من العمل لرؤية المساواة بين المواطنين والواجبات التي تنتهك بشكل فاضح والمنع من الترشح للانتخابات اليوم هو أحد تجلياتها، واللافت أن النظام يواصل تماديه في انتهاك الحريات وتأزيم الأوضاع السياسية والحقوقية في البلاد، على الرغم من محاولات الجهات السياسية المعارضة المختلفة البحث عن حلول للخروج من الأوضاع التي وصلت إليه بفعل انتهاكات هذه السلطة.
الناس في واد.. والنظام في واد
وفي هذا الإطار، أطلقت "جمعية الوفاق البحرينية" المعارضة مؤخرا مبادرة لحل الأزمة في البلاد تحت اسم "إعلان البحرين" بهدف الوصول إلى المشاركة في إدارة شؤون الدولة وتوفير الشعور المواطنة وإتاحة أجواء التعددية والتسامح، بالإضافة إلى التركيز على الوحدة الوطنية والتمثيل العادل للمجتمع وعلى احترام الهوية الدينية والثقافية والخصوصيات المذهبية والمجتمعية، وغيرها العديد من العناوين التي تحتاج إلى إرادة من قبل السلطة للتقرب من الشعب والحركات السياسية فيه ورموزه الوطنية، بغية إعادة ترميم كل هذا التهشيم الذي أصاب العلاقة القائمة بين الشعب والحاكم على مر عشرات السنين.
هذا واعتبرت جمعية الوفاق الوطني أن قرار المنع من الترشح للانتخابات قد يشمل أكثر من 50 ألف مواطن بحريني ينتمون لجمعيات "الوفاق ووعد وأمل"، وأكدت أن "هذا التعديل هو محاولة لتعويض حجم الفشل السياسي الكبير الضاغط على السلطة نتيجة استمرار الحراك الشعبي في البحرين والمطالب بالتحول نحو الديمقراطية وبناء دولة العدالة والقانون والمؤسسات".
والواقع أن هذه المحاولات لتذكير النظام بواجباته وضرورة عودته إلى صوت العقل والحكمة في إدارة شؤون البلاد، لا تحصل على توقعات عالية بالنجاح خاصة إذا ما استمر الملك وحاشيته وحكومته بالتعنت والتكبر على الشعب والاعتماد على الحماية الإقليمية والدولية.
أضيف بتاريخ :2018/06/14