تقرير خاص: معركة #الحديدة.. مستنقع جديد لـ #المملكة خدمة لمشاريع فردية
مالك ضاهر..
بعد ما يزيد عن الثلاث سنوات على انطلاق الحرب التي يشنها التحالف بقيادة المملكة السعودية على اليمن مع كل ما جرى وارتكب فيها من انتهاكات وممارسات دفع ثمنها بالدرجة الأولى الشعب اليمني بكل فئاته وانتماءاته، ومع كل الفشل الذي ترافق مع مجريات ويوميات هذه الحرب، أعلن التحالف مؤخرا عن انطلاق معركة الحديدة للسيطرة عليها من اليمنيين بعد التحضير لها لفترة طويلة وتم تصوير المسألة أن هذه المعركة هي واقعة الحسم في هذه الحرب وكأنها البداية أو الانطلاقة الثانية للحرب وتم طي صفحة ما مضى مع كل الفشل الذي حصل بعدم تحقيق الأهداف المعلنة لها.
وخلال التحضير للمعركة في الحديدة تم حشد كل الطاقات السعودية والإماراتية ناهيك عن الدعم الغربي الأمريكي الأوروبي المباشر، حيث نقلت العديد من المصادر عن مشاركة قوات أميركية وفرنسية إلى جانب قوات التحالف على أرض المعركة، لكن لماذا كل هذا الحشد لمعركة الحديدة؟ ولماذا الأصرار على دخول المدينة والسيطرة عليها على الرغم من الأكلاف الباهظة التي تنتظر قوات التحالف؟ وهل تصوير ضخامة وأهمية المعركة هناك هو تمهيد للقول إن التحالف انتصر في اليمن؟ ألا يدفعنا هذا التحشيد العسكري والسياسي والإعلامي لمعركة الحديدة للتساؤل عن الأهداف التي حققها التحالف في اليمن حتى الساعة؟
عجز سعودي عن تحقيق الأهداف.. مقابل التطور اليمني
الأكيد عن التحالف بقيادة المملكة السعودية لم يتمكن من تحقيق أهدافه التي رسمها لعملياته في اليمن لا عبر ما سبق أن أعلنه من "عاصفة الحزم" ولا عبر ما أعلنه لاحقا من "عودة الأمل" وقد فشلت هذه القوات في السيطرة على العاصمة صنعاء أو على محافظة صعدة الحدودية، كما فشلت في تجريد القوة اليمنية التي يمتلكها الجيش واللجان الشعبية أو تجريد حركة أنصار الله من سلاحه، بل أن الأيام والوقائع أثبتت أن القوة اليمنية تزداد قوة وباتت أكثر اقتدارا وتطورا وبات اليمن يملك أنواعا مختلفة من الأسلحة على رأسها الصواريخ البالستية، ما جعل الشعب اليمني يعلن أن هذا العام هو العام البالستي بمواجهة العدوان.
ومن أبرز الانتكاسات التي سجلت على التحالف حتى الساعة في هذه الحرب أن الصواريخ اليمنية ولا سيما البالستية منها لا تزال قادرة على الانطلاق من الأراضي اليمنية لاستهداف الأراضي السعودية، وبالتالي قد يعلل البعض أن من أسباب محاولات التحالف بالدخول إلى الحديدة وغيرها من المناطق اليمنية بالقوات البرية بهدف احتلالها هو التخلص من خطر الصواريخ البالستية التي تؤرق الوضع السعودي وتكلف البلاد أثمانا باهظة في العديد من المجالات لا سيما الاقتصادية منها.
خسائر كثيرة.. والبحث عن نصر
الواضح أن التركيز السعودي والإماراتي لاحتلال الحديدة لما لها من موقع جغرافي هام على البحر يهدف إلى تحقيق عدة غايات، أبرزها الاستفادة من أي نصر عسكري يتحقق على الأرض بهدف فرض الشروط التي تريدها الرياض وأبو ظبي في أي مفاوضات مقبلة لإنهاء الحرب بما يخدم مصلحة القيادة السعودية التي تريد تسجيل انتصار ولو شكلي وصوري بعد سلسلة الانتكاسات التي تتالت في مختلف الملفات وعلى رأسها الملف اليمني، ويكفي للتأكد من ذلك هو رؤية الغرق في المستنقع اليمني على مدى أكثر من 3 سنوات مع كل ما فيها من خسائر بشرية ومادية ومعنوية وسياسية، وتشويه صورة المملكة أمام الرأي العام العالمي لما يرتكب من مجازر وانتهاكات بحق الشعب اليمني وإمكانية حصول ملاحقات قانونية وقضائية بحق مسؤولين سعوديين جراء ذلك.
وبهذا السياق، قال وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن "الهدف الاستراتيجي من العمليات العسكرية في الحديدة هو دفع الحوثيين للرضوخ إلى حل سياسي"، وأكد أن "هدف العملية هو تغيير آفاق الحل السياسي"، وتابع "نحن كتحالف هدفنا الاستراتيجي هو أن نحرم إيران من وجود دولة ميليشيات داخل اليمن واقتلاع تنظيم القاعدة الإرهابي"، على حد قوله، لكن كلام قرقاش يدلل أن وضوح الهدف من المعركة إلا وهو إحداث تغييرات في الشروط والشروط المضادة عند التفاوض للوصول إلى حل سياسي في الملف اليمني، أي أن المملكة السعودية والإمارات ومن معهم يريدون من خلال معركة الحديدة تحسين شروطهم التفاوضية بمواجهة أنصار الله وبقية اليمنيين، أي أنهم يريدون إنهاء الحرب لكن وفق شروط تحقق لهم مصالحهم وتحفظ لهم ماء الوجه الذي بذل طوال الفترة الماضية، وبنفس الإطار يعبر قرقاش أن قيادة التحالف تنوي سحب اليمن من دائرة النفوذ الإيراني.
العبرة بالميدان..
والحقيقة أن كلام قرقاش مرتبط بشكل كبير بما سيتحقق على الأرض وأن المسألة لا ترتبط بالتصريحات والشعارات المرفوعة، وعلى من يريد تحسين شروطه التفاوضية وفرض ما يريد أن يحقق نصرا بيّنا واضحا ضد الحوثيين والجيش اليمني، وبالتالي أن استمرار الحال على ما هو عليه لا يبدو أنه سيعطي التحالف فرصا كثير لفرض ما يشاء، لأن الوقائع تظهر أن قوات التحالف تعاني للتقدم داخل الحديدة في ظل القتال العنيف والشرس من قبل اليمنيين، حتى أن الأنباء حول السيطرة على مطار الحديدة ليست مؤكدة رغم كل القصف الجوي العنيف الذي حصل لتمهيد لدخول القوات البرية.
وبالسياق، قالت مصادر مطلعة على مجريات المعركة إن "معطيات الميدان كانت تشير إلى إمكانية سيطرة التحالف على المطار لأن القصف كان عنيف جدا ومع ذلك لم تتم السيطرة بعد مرور عدة أيام على انطلاق العمليات"، ولفتت إلى أن "الدهشة تصيب كل من يتابع الأوضاع لأن القوات المتقدمة عاجزة عن تحقيق انتصارات على الأرض وهي عاجزة عن الحسم بالرغم من التدخل الدائم والمستمر لسلاح الجو"، وأشارت إلى أن "الجيش اليمني واللجان أكدوا أن ما أعد للقوات الغازية سيوقع الكثير من الخسائر في صفوفها وسيؤدي إلى غرق هذه القوات في مستنقع طويل الأمد"، واعتبرت أنه "من الممكن سيطرة قوات التحالف على بعض النقاط والمواقع ولكن العبرة في كيفية تمكنها من الحفاظ على تموضعها وعدم تكبدها الخسائر الباهظة".
وبهذا الإطار، أكد الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام أن "قوى الغزو والعدوان تقطعت بها السبل في جبهة الساحل الغربي وهي تتعرض حاليا لعملية استنزاف لم تكن في حسبانها"، وأوضح أنه "حتى طيران العدوان وبارجاته ومدرعاته لم تحقق له أي إنجاز وتغطيته الإعلامية زوابع لا تسندها الوقائع".
وتتوالى يوميًا الأنباء عن الخسائر الكبيرة التي تُمنى بها القوات السعودية بشكل خاص في المعارك بالحديدة، لتعيد طرح التساؤلات عن الهدف الحقيقي والغاية المرجوة من الاستمرار بهذه الحرب التي تستنزف الطاقات والقدرات السعودية وتودي بأبناء الوطن خدمة لمشاريع سياسية لأفراد، بينما المنطق والعقل يدعو إلى الخروج من اليمن فورا وتوفير كل هذا الهدر والأضرار التي لا تقدم ولا تؤخر.
أضيف بتاريخ :2018/06/19