تقرير خاص: تمويل "صفقة القرن".. الدور السعودي والرفض الفلسطيني
مالك ضاهر ..
تتواصل التحضيرات تمهيدا للإعلان الأمريكي عن "صفقة القرن" التي يهدف من خلالها الرئيس دونالد ترامب للقضاء على القضية الفلسطينية وشطب حق العودة للاجئين والسعي لضم القدس لكيان الاحتلال خاصة بعد خطوة اعتبارها عاصمة لهذا الكيان ونقل السفارة الأمريكية في الأراضي المحتلة من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
وبسياق التحضيرات الأمريكية جال صهر الرئيس ترامب جيراد كوشنير والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط في المنطقة، وتم استدعاء الملك الأردني إلى البيت الأبيض بعد أن تم تحريك الشارع في بلاده ضده وضد الحكومة بهدف الضغط عليه لتغيير موقفه من هذه الصفقة، كما تم تسريب معلومة غاية في الخطورة حول حصول لقاء في الأردن بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، كما تحدثت بعض المعلومات عن توجه وفد إسرائيلي إلى العاصمة السعودية الرياض في نهاية شهر حزيران/يونيو الجاري لوضع اللمسات الأخيرة على "صفقة القرن" وتجاوز عقبة تمويلها.
خلفيات التمويل السعودي..
وفي ظل كل المعلومات والمؤشرات التي تؤكد موافقة المملكة السعودية على "صفقة القرن" والتسويق لها والعمل لتطبيقها بأسرع وقت ممكن بهدف إنهاء العبء التاريخي المتمثل بالقضية الذي يثقل كاهل العديد من الأنظمة العربية والخليجية، تطرح التساؤلات عن الخلفيات والأسباب الحقيقية التي تدفع المملكة للغرق إلى هذا الحد في حمل لواء حماية المصالح الإسرائيلية والعمل بكل هذه الجدية للقضاء على أهم قضية في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، كما تطرح التساؤلات عن الفائدة التي ستجنيها المملكة من كل ذلك، ولماذا تضطر المملكة السعودية لدفع تكاليف "صفقة القرن"؟ ألا يكفي التزام المملكة وغيرها من الأنظمة الخليجية والعربية من تقديم التغطية السياسية الكاملة لهذا المخطط الأمريكي الإسرائيلي؟ وهل دفع هذه التكاليف هو جزء من "الجزية" الواجب تأديتها بحسب قاموس الرئيس الأمريكي مقابل الحماية التي تنالها المملكة وقيادتها السياسية؟
الأكيد أن كل الدلائل تشير إلى أن ما تقوم به المملكة السعودية وغيرها من أنظمة الخليج والعديد من الأنظمة العربية والإسلامية ليس بمحض إراداتها وإنما هي إما مكرهة عليه نتيجة الضغوط والانصياع للأوامر والرغبات الأمريكية، وإما مسايرة للإدارة الأمريكية واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة بغية ضمان الحماية والدعم لتحقيق غايات سياسية وطموحات فردية ذاتية لبعض القيادات على رأسهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يقدم كل الدعم لكل ما يطلب منه أمريكيا لخدمة مصالح كيان الاحتلال ولو كان على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة والمثبتة بالدم والتضحيات منذ عشرات السنين وحتى اليوم.
ابن سلمان و"الحق" الإسرائيلي!!
والمتابع لسير حراك النظام السعودي وبالتحديد ولي العهد يرى اندفاعا كبيرا لتنفيذ "صفقة القرن" بما يؤدي حتما لتصفية القضية الفلسطينية، والجميع يذكر مواقف ابن سلمان خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة عندما أطلق صفارة الانطلاق عربيا وخليجيا للبدء بالتهليل والتمهيد لهذا المخطط الأمريكي الإسرائيلي، فالرجل كان قد أعطى الحق للإسرائيليين بإقامة كيانهم على أرض فلسطين ونظر في الإبعاد التاريخية لهذا الحق وحاول تصوير نفسه أنه رد الحقوق لأصحابها، وبينما الجغرافيا والتاريخ والحاضر وكل الحقائق والدلائل تؤكد أن "إسرائيل" جسم غريب زرع في كيان الأمة بغية شرذمتها وتقسيمها من قبل الاستعمار لتحقيق مصالح اللوبيات الصهيونية حول العالم.
ومن باب تقديم أوراق اعتماده لا نستغرب سعي ولي العهد السعودي لتحميل خزينة الدول وجيوب المواطنين عبء إضافي لخدمة مصالحه المستقبلية بالجلوس على كرسي الملك في المملكة السعودية، عبر المساهمة الكبيرة بتمويل "صفقة القرن"، وبالسياق أشارت المعلومات إلى أن "الوفد الإسرائيلي الذي سيزور الرياض لبحث مسألة التمويل سيضع اللمسات الأخيرة على البنود السياسية والاقتصادية للصفقة المتفق عليها بين الإسرائيليين والإدارة الأمريكية وأنظمة الخليج وعلى رأسها النظام السعودي على الرغم من الرفض الفلسطيني القاطع لها"، ولفتت إلى أن "الوفد سيتم البحث في مسألة التمويل المالي قبل طرح الصفقة بشكل رسمي على العالم".
رشاوى لا تقدم ولا تؤخر..
وذكرت المعلومات أنه "بالتزامن مع وصول الوفد الإسرائيلي إلى الأراضي السعودية سيصل وفدا أمريكيا للمشاركة في المفاوضات وللسعي لتوفير كافة الأموال اللازمة لتنفيذ بنود الصفقة على أرض الواقع، خاصة أنها تحتاج أموالا كبيرة للمشاريع التي تطرحها في قطاع غزة وتقدر من 800 مليون إلى مليار دولار أميركي"، علما أن الفلسطينيين بكل شرائحهم وفصائلهم وعلى رأسهم أهالي وتيارات وفصائل وحركات القطاع المحاصر يرفضون كل التعاطي المشبوه بين الأنظمة الخليجية والعدو الإسرائيلي والإدارة الأمريكية لأنه لا يحقق إلا التآمر على الشعب الفلسطيني وحقوقه.
وعلى الجميع أن يعلم أن الرشاوى التي يعملون على تقديمها للشعب الفلسطيني وخاصة أهل غزة لن تنفع في دفعهم للتخلي عن قضيتهم وحقوقهم، لأن فلسطين والقدس وكل المقدسات في الأراضي المحتلة لا تقدر بالمال بل هي قيمة وطينة وقومية إسلامية ومسيحية ضاربة جذورها في التاريخ الذي لا يمكن التلاعب به خدمة لمصالح وطموحات سياسية فردية هنا وهنا.
أضيف بتاريخ :2018/06/27