تقرير خاص: هل ينصر #مجلس_الشيوخ_الأمريكي "#خاشقجي الجثة"؟
حسن محمد
تيقنٌ وتأكدٌ وإدراكٌ.. هكذا كانت جلسة مجلس الشيوخ الأمريكي أمس، التي تمحورت في أغلبها حول تورط ولي العهد محمد بن سلمان بقتل الصحافي المعارض جمال الخاشقجي في سفارة بلاده باسطنبول، تلك القضية التي تمتد للشهر الثاني على التوالي كموضوع مثير للجدل داخل وخارج المملكة، على الرغم من محاولة ترامب تنصيل السعودية من هذه التهمة عندما قال "لا أظن أن الملك سلمان كان على علم مسبق بعملية قتل خاشقجي".
لم تفوت "رويترز" فرصة تصدير خبر هذه الجلسة لكل الوسائل الإعلامية المتلقية منها، وأعطتهم خبراً دسماً تمثل بإقرار أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي أنهم باتوا أكثر يقيناً من أي وقت مضى بأن إبن سلمان ضالع في قتل خاشقجي.
سبق ذلك، سيل من أشد الاتهامات وجهها مشرعون جمهوريون وديمقراطيون الذين قالوا إنهم لا يزالون يريدون إقرار تشريع يوجه رسالة إلى السعودية مفادها أن الولايات المتحدة تستنكر قتل خاشقجي، وحثوا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التنديد بقوة بالقتل بعدما ساند ولي العهد.
عضو آخر في المجلس أعرب عن تيقنه بتورط السعودية بهذه الجريمة، هو السناتور بوب كوركر، الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حيث أكد أنه ”إذا مثل ولي العهد أمام هيئة محلفين فسيدان خلال 30 دقيقة“، ليسانده السناتور لينزي جراهام معقباً بأنه "ألاَ تصل إلى نتيجة مفادها أن هذا تم تدبيره وتنظيمه من قبل أشخاص تحت قيادة محمد بن سلمان فذلك يعني أنك تغض الطرف عمداً“.
فبدت الجلسة وبكل وضوح مهمتها صك إدانات لكل من السعودية وترامب، الأولى لكونها متهمة بهذه الجريمة غير المحبوكة جيداً، والثاني ترامب كمتستر عليها، فقد كان لديهما مخطط بالغ السوء، وتم التنفيذ بطريقة رديئة وكان التستر هو الأسوأ في تاريخ عمليات التستر، فكيف يتستر ترامب على من أصبح العالم بأسره يعرف أنه وراء هذه الفعلة؟
ولا نقف هنا فقط، فبعد تستر الرئيس الأمريكي على الجريمة المكشوفة، تحدى 14 من رفاق ترامب الجمهوريين، الذين يملكون أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ ونادراً ما يختلفون مع رغباته وصوتوا مع الديمقراطيين لدعم إجراء من شأنه أن ينهي الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن.
من مقلب آخر، وفي موقف متستر ثاني، يبرز اسم مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي لم يعط الوثائق التي أثبتت تورط السعودية بقتل ترامب أهمية تذكر، فإحدى تصريحاته الغريبة في إطار هذه القضية، تجلت في معرض رده على سؤال لأحد الصحافيين حول رأيه في تسجيلات قتل خاشقجي التي نشرتها أنقرة، ليجاهر بالقول: "لماذا أحتاج لسماع التسجيلات، ما لم أكن أتحدث باللغة العربية، ما الذي سأحصل عليه من مجرد سماع تلك التسجيلات"، ما يعكس أن من آخر اهتماماته ما ورد في تلك التسجيلات، أو أنه يعرف ولا يريد أن يصرح.
شخص آخر من فتية ترامب، هو مستشاره وصهره جاريد كوشنر، لم يستطع مخالفة الشريعة الأمريكية حيال دعم الجرائم، حيث بدت تعليقات مستشار البيت الأبيض متناغمة مع مواقف الرئيس الأميركي، ولم ينس كوشنر التأكيد على مدى ثقته في صديقه ولي العهد السعودي، عندما شدد على أن "السعودية شريك مهم (..) لكن إستراتيجيتنا بالشرق الأوسط لا تعتمد على السعودية، بل على متطلبات مصالحنا"، ودون أن ينسى أيضاً تقديم إشادة أمريكية بـ"الإصلاحات" التي قام بها صديقه السعودي.
وفي خلاف ظاهر بين أعضاء إدارة البيت الأبيض، شكك رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق، الجنرال مارتن ديمبسي، في صحة ما تقدمه السلطات السعودية من تبريرات، قائلاً إنه من غير الممكن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يكن على علم بقتل خاشقجي، وهو موقف آخر يثبت أن هناك شرخ كبير بين ترامب وإدارته.
وكون أن مجلس الشيوخ الأمريكي يعرف بأنه هيئة تداولية أكثر من مجلس النواب الأمريكي، بما يسمح له بمزيد من فرص العمل، فضلاً عن أن من صلاحياته أن يصدر قوانين أو يشرع بعضها، هنا يكون كل من ترامب والسعودية في موقف لا يحسدان عليه، ففي حال تم إقرار "تشريع" يعكس استنكار الولايات المتحدة لقتل خاشقجي، وهو ما متوقع أن يحدث، فسيكون ترامب محرجاً أمام حليفته السعودية التي عمل جاهداً على توفير الحماية لها، والتي ما تنفك تدفع لمخططاته الأموال الطائلة، وهنا تتعلق آمال الخاشقجيين على مجلس الشيوخ الذي "قد" ينصر جثة خاشقجي فهل يفعل؟
أضيف بتاريخ :2018/12/05