تقرير خاص: كيف خدم ’’#خاشقجي’’ #تركيا؟
محمد الفرج
يقف كل من يتابع قصة قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في سفارة بلاده في إسطنبول، من بدايتها لليوم، مستغرباً من الدور التركي المصر على كشف منفذ الجريمة وتفاصيلها الدقيقة، ومتسائلاً عن هدف أنقرة من السعي الحثيث لكشف المجرم وماهو نصيبها من هذه القضية برمتها.
نستذكر بداية، أن حادثة قتل خاشقجي تزامنت مع وجود توتر بالعلاقات بين أمريكا وتركيا تمثل بفرض عقوبات اقتصادية عليها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن تمت تسوية الخلاف بإفراج السلطات التركية عن القس الأمريكي أندرو برانسون، المحتجز لديها بتهمة الإرهاب.
ولتضرب عصفورين بحجر واحد، وتعوض خسائرها الاقتصادية التالية لقرار ترامب، عمدت تركيا لأن تجعل من السعودية هي "كبش الفداء"، وخاشقجي سهل الأمور عليها فاغتنمت قضية قتله لتحولها لخدمة مصالحها الاقتصادية منطلقة من منطلق إنساني على الواجهة، وفي الكواليس تسعى لترميم اقتصادها المهشم.
حيث سعت أنقرة مسعى حثيث لاسترضاء واشنطن للمصالحة ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، وتعويض خسائرها المتوقعة من قطع علاقتها الاقتصادية مع الرياض إثر إصرارها على اتهام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتقطيع أوصال الخاشقجي، ولذلك تحركت بسرعة للاستفادة من حاجة الولايات المتحدة إلى معلومات بشأن اختفاء الصحافي السعودي، وأطلقت سراح القس أندرو برانسون، هذا أولاً، وهذا ما خلص إليه أيضاً مركز الداراسات الروسي Strategic Culture Foundation، والذي رأى أن حادثة مقتل خاشقجي، أحدثت نوعاً من التقارب بين الولايات المتحدة وتركيا، ودفعت بالرئيس ترامب إعادة اكتشاف أهمية تركيا الحيوية في الاستراتيجيات الإقليمية الأمريكية.
وثانياً، فإن جهود تركيا في كشف مصير خاشقجي يعطيها سمعة جيدة ويحسن من صورتها في ملف حقوق الإنسان، خصوصاً بعد أن تلقت انتقادات حقوقية لاذعة في الفترة الأخيرة، بسبب اتهامات لها بسجن صحافيين، وهذا ما يفسر رفض تركيا إشراك جهات خارجية، مع تسريب معلومات حساسة بين الحين والآخر بطريقة وصفها مراقبون بالـ"ذكية"، من أجل ضمان حشد المجتمع الدولي إلى جانبها.
كما أن دخول الولايات المتحدة بقوة في قضية اختفاء خاشقجي، وتلويحها بفرض عقوبات على المسؤولين عن عملية الاختفاء، بحسب قانون "ماغنيتسكي" لحقوق الإنسان، يمهد لقطع السعودية وبعض دول الخليج لعلاقتهم الاقتصادية مع تركيا، خصوصاً في ظل تأكيد الأخيرة على كشف جميع ملابسات قضية خاشقجي، ومن ثم فعودة العلاقات التركية-الأمريكية هو السبيل الوحيد لأردوغان لإنقاذه اقتصاد بلاده المتعثر.
وحتى اليوم، تعمل تركيا على استثمار الغموض المحيط بقضية خاشقجي، وربما تتعمد تأخير كشف ما تحوزه من معطيات عن القضية، انتظاراً للحظة المواتية لبيع الملف إلى واشنطن، فمن أين لها أن تنادي بكل هذه الإنسانية وهي واحدة من أكبر الداعمين للمسلحين الذين قتلوا أنفاساً في سوريا، وواحدة من الدول التي ملأت سجونها بالمعتقلين بعد فشل الإنقلاب على أردوغان!
أضيف بتاريخ :2018/12/11