تقرير خاص: لا دخان بلا نار.. #السعودية تستلطف #سوريا.. فمن الخاسر الأكبر؟
حسن محمد..
في ثنايا الأخبار، بات واضح حدوث اعوجاج أو استقامة سعودية إن صح التعبير، تتمثل باستلطاف سوريا سياسياً، ولو أنه لم يكن علني بدرجة كبيرة أو مباشر بشكل رسمي، فإنما تدل التطورات الأخيرة في سوريا، المتمثلة بإعادة تفعيل بعض العلاقات العربية مع دمشق، على أن السعودية هي من أعطت الضوء الأخضر لمد خيوط السياسة من جديد إلى العرين السوري.
مؤخراً، في حدث بارز، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق في مؤشر واضح على أن دول الخليج بدأت تلين حيال مطالبها من دمشق، ولم تعد تطلب منها تنحي رئيسها أو فك ارتباطها بإيران، بقدر ما تطلب منها تسهيل اقتصادي دبلوماسي قد يعود بالفائدة للشعبين.
والإمارات العربية المتحدة هي واحدة من الدول التي التزمت بالقرار السعودي الذي تمثل بمقاطعة قطر وفرض حصار عليها خلال الفترة الماضية، فالطبيعي ألا تخرج الإمارات من الكنف السعودي وتخطو بمثل تلك الخطوة دون موافقة سعودية.
يضاف لذلك تغير الموقف السعودي حيال سوريا ضمن الجامعة العربية، فبالبداية طالبت بإخراج سوريا من الجامعة بزعم أنها تنتهك حقوق الإنسان خلال الحرب، ولكن وبعد أن أصبحت سوريا مساحة كبيرة لإقامة المشاريع الاقتصادية، وحطت أعين الدول العربية عليها خاصة أن دمشق أثبت قوتها خلال فترة الحرب عليها وأنا قادرة على الصمود رغم تزاحم دول العالم عليها، فحليف اقتصادي قوي لن يفلت من أيديهم في هذه الفترة الحرجة، فهاهي اليوم تبلغ السعودية بعض العواصم الدول العربية إنه لا مانع لديها من عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.
فيما يرى محللون سعوديون، أن الرياض سترحب بالتعاون مع الجانب السوري والمشاركة في إعادة الإعمار؛ حال تحقق بعض الاشتراطات على أرض الواقع، وحتى إن نفت السعودية إعلان ترامب الأخير المتعلق بمشاركتها بإعادة إعمار سوريا، فهي لن تفوت فرصة من قضم جزء من المشروع الاقتصادي الكبير الذي سيقام في سوريا.
لا دخان بلا نار
الملفت في الموقف السعودي خلال عام 2018، تغيره بسلاسة وتنازله عن مطالبه القديمة من سوريا، تماماً الأمر نفسه حينما نتمعن بالموقف الفرنسي حيث تخلت باريس عن مطالبتها بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، هذا أولاً.
ثانياً، يمكن اعتبار أن الانسحاب الأمريكي من سوريا من شأنه أن يكون له تداعيات على الرياض كونهما حليفين قديمين وبينهما مصالح مشتركة ولطالما كان رأيهما واحد، فإن أعلنت واشنطن أنها ستنسحب من دمشق لأنه تم القضاء على تنظيم "داعش" حسب زعمها، فالرياض سيكون لها الرأي المماثل والخطوة المماثلة، فلا مانع من أن نشهد قريباً إيقاف دعم سعودي للفصائل أو المعارضين السوريين الذين احتموا بالمملكة.
وثالثاً، من بين أسباب بداية التحول في الموقف السعودي هو أن المملكة تهدف الآن للتركيز أكثر على الملف اليمني وإنهاء الحرب وصولاً لإيجاد حكم هناك حليف لها أو مهادن على الأقل.
ورابعاً، المملكة في موقف دولي محرج لا تحسد عليه، فقضية قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي، ودعمها للحرب في اليمن، أسقطا هيبتها أمام المجتمع الدولي وأصبحت عبارة عن دولة حاضنة لمجرم حرب، بدأت تبحث عن ثغرة تعود من خلالها للساحة الدولية بموقف إيجابي واحد تتكئ عليه، وفجأة يظهر أمامها الملف السوري.
البحث عن صديق جديد
كما ذكرنا فالسعودية في موقف دولي محرج لا تحسد عليه، وهي بحاجة لمن تتكئ عليه، وخاصة أن حليفها الأقوى "أمريكا" بدأ شيئاً فشيئاً يكشف أوراقها ويدين أعمالها، وهو ماتجلى بقرارات كل من الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ الأمريكي الأخيرة حيال الرياض، والتي أثبتت أن واشنطن تريد أن تتنصل من كل الجرائم التي لها هي والرياض يد فيها، وأن تبقي المملكة في الساحة وحدة لتتحمل مسؤولية تلك الخطط وتصبح الخاسر الأكبر، وهنا على المملكة أن تجد الحل الذي لن يكلفها الكثير، وعودة علاقاتها مع سوريا لا تحتاج منها سوى إيقاف تمويل من تدعمهم من معارضين ومسلحين، ويبدو أنها بدأت بالسير في هذا الاتجاه بخطى بطيئة، ولكن ضمنياً لانعرف ما تخطط له فعلياً، هل عادت الرياض إلى رشدها فعلاً، أم تبحث عن علاقات جيدة مع الصين وروسيا وغيرها من الدول، بعد اهتزاز العلاقات مع قطر وتركيا؟
أضيف بتاريخ :2018/12/30