التقارير

محمد الفرج

يستمر الحديث عن مساعي السعودية لاقتناء السلاح النووي، وموقف الولايات المتحدة من ذلك الملف، في الوقت الذي تجمع واشنطن والرياض علاقة دافئة من التقارب السياسي والعسكري ودعوات التطبيع مع الاحتلال التي غزت الداخل السعودي من قِبل كتاب وإعلاميين بل وحتى مسؤولين كبار، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن تلك العلاقات لم تعد تسير بسلاسة كما ذي قبل، حيث بات هذا الحلف مهدّد بشكل كبير جرّاء الخوف على المصالح الأمريكية في المنطقة.

مشرّعو الكونجرس الأمريكي رصدوا خطورة هذا الموضوع، فقدّموا مشروع قانون يدعو البيت الأبيض للكشف عن كيفية تأثير بيع الولايات المتحدة الأمريكية لمفاعلات نووية للسعودية على المصالح الأمنية للحلفاء الإقليميين مثل "إسرائيل"، وطالبين من إدارة الرئيس دونالد ترامب، تقديم تقرير مفصّل إلى الكونجرس حول طموحات السعودية.

ذلك السخط الأمريكي على جاء على وقع إعلان سابق للمملكة عن رغبتها في بناء 16 مفاعلًا نووياً خلال السنوات القليلة المقبلة لتوفير احتياجات الطاقة المتزايدة، ورغم أنّ السعوديين قدّموا المشروع على أنّه مشروع مدنيّ، إلا أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال في مقابلة في مارس الماضي، إنّه إذا حصلت إيران على أسلحة نووية فإنّ بلاده ستحصل عليها أيضاُ، أيضاً رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل قد أكّد أنّه اذا امتلكت إيران أسلحة نووية فإن السعودية سوف تمتلك أسلحة نووية هي الأخرى، وهو ما يفند مزاعم "المشروع المدني".

وفيما تبدو التحركات السعودية لامتلاك سلاح نووي بطيئة الخطوات، وغير معلنة في كثيرٍ من التفاصيل، فإنّها في الوقت نفسه تبدو مفهومةً في أسبابها بشكل واضح، وهذا يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكن شائعات تحدثت عن أنّ البرنامج النووي لإيران لا يقارن مع برنامج النووي السعودي وذلك نظرًا لأنّ إيران بدأت ببرنامجها النووي منذ الستينات بينما السعودية بدأت برنامجها النووي خلال فترة وجيزة.

وخلال الأشهر الماضية، تزايد الحرص السعودي على امتلاك سلاح نووي، وتزايد هذا الحرص بعد بدء الحرب على اليمن، بالإضافة إلى الأزمة مع قطر، وهنا تتضح الأسباب أكثر التي تنوي المملكة استملاك نووي لأجلها.

فالسعودية تسعى للحصول على تكنولوجيا تخصيبه من إحدى الدول النووية التي يمكن أن تسمح بتحويل تلك التكنولوجيا إلى الرياض، وهنا يطرح سؤال للنقاش حول ما إذا كانت واشنطن ستصر على معاييرها الخاصة بمنع انتشار تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم أم أنها ستسمح بحصول السعودية على تلك التكنولوجيا ضمن اتفاق معها.
حلم السعودية النووي الآن بيد الكونغرس الأمريكي، وإذا حصل مشروع القرار المطروح في الكونجرس على دعم قوي فسوف تكون فيه إشارة إلى قلق الأخير من الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، وكذلك من مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول.

وكما صدم الكونجرس الأمريكي السعودية بالتصويت بغالبيته لإنهاء الدعم الأمريكي للرياض في اليمن، فليس من المستبعد أن تتفاجأ المملكة بصدمة أخرى تسلبها حلم النووي الذي تطمح له، وخاصة في ظل الخلاف والتوتر الحاصل بين الكونجرس وترامب الذي تعتبر السعودية من حلفائه.