تقرير خاص - ولاء الأنظمة العربية لمن؟.. للعروبة أم للمستعمر؟
منذ سنوات درج الخطاب الرسمي لعدد من الأنظمة العربية ووسائل الإعلام المحسوبة عليها، على التشكيك بولاء المواطنين.
المطالبون بالإصلاح، أو المدافعون عن الكرامة أو عن الحق بالحياة، يواجههم دوماً سؤال كرّسته الدعاية الرسمية: ولاؤكم لمن؟
عام 2006 وفي تصريح لقناة "العربية"، خرج الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بخطاب علني اتهم فيه الشيعة في العراق والعالم العربي، بأن ولاءهم ليس لأوطانهم بل لإيران،الأمر الذي أثار استغراب واستهجان المواطنين في العراق، والعالمين الإسلامي والعربي، و استنكرت الحكومة العراقية هذا التصريح، وكذلك إيران، وفي الكويت طالب البرلمان الكويتي مبارك بتقديم اعتذار.
لم يكن كلام مبارك هفوة، بل أسّس لخطاب بقي مفتوحاً أمام التوظيف والتحريض السياسي في المنطقة، حيث بات المواطن الشيعي في العالم العربي مُطالباً بإثبات وطنيّته، وولائه لوطنه.
ولسنا في صدد الدفاع عن المواطنين الشيعة، وتقديم الإجابة عن سؤال أُريد إشغالنا في تقديم الإجابات "غير المجدية" عنه، ولكن ألم يئن لنا ولمختلف الشعوب العربية التي عانت من ظلم واضطهاد بعض الأنظمة، وممارساتها القمعية، أن تسأل عن ولاء الأنظمة وأجنداتها، هل هي للأمة العربية والعروبة والإسلام أم لأنظمة خارجية كأمريكا وإسرائيل؟ ألم يئن لها أن تطالب تلك الأنظمة بإثبات عروبيتها وانتمائها للإسلام؟
يعيدنا السؤال إلى مواقف النظام المصري برئاسة حسني مبارك أثناء الحصار والعدوان على غزة.
التآمر والتعاون مع العدو الإسرائيلي كان واضحاً في التضييق والحصار على غزة عبر إغلاق معبر رفح الحدودي، وعبر التصريحات المصرية المعادية للمقاومة في غزة...
لازال وعيد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بكسر أرجل المقاومين يتردد صداه اليوم.
لمن كان ولاء نظام حسني مبارك؟
ألم يكن نظام حسني مبارك مدعومًا من الولايات المتحدة الأمريكية ومن حلفائها؟.. وحين تخلت عنه سقط وهوى.
فلو كان هذا النظام مواليا لشعبه والوطن الذي كان يحكمه والأمة التي ينتمي إليها لم يكن ليلاقي هذا المصير.
النظام العراقي الذي حكمه صدام حسين كان حليفاً لأمريكا، و خاض الحرب على إيران الإسلامية بدعم أمريكي، ومن بعض الدول الخليجية، ثم انقلبت الصورة حين صار هذا النظام لا يخدم المصالح الأمريكية.
فبعد حرب الخليج الثانية تحديدا بدأ الحصار، والتجويع، للشعب العراقي المظلوم من قبل أمريكا، بحجّة معاقبة النظام الذي كان يمعن في هذا الشعب قتلا ومجازر، من قبل أن تغضب عليه أمريكا ومن بعد.
وبعد سنوات من الحصار الظالم، بدأ التسويق إعلامياً من قبل دول الخليج، للحرب الأمريكية على العراق، عبر نشر تقارير عن المجازر التي كان يرتكبها نظام صدام، في حق الشعب العراقي.
كرّس الإعلام الخليجي صورة صدام المجرم مبيحاً غزو العراق، لتنقلب الصورة بعد إعدام صدام بتحويله إلى "شهيد الأمة"، مُوظّفين الاستثمار الجديد في معارك سياسية أرادوها ضد إرادة العراقيين... لمصلحة من وُظفت الدعايات الرسمية والتحريض؟
إبّان غزو العراق كانت الطائرات الأمريكية تُحلّق من قاعداتها العسكرية، في الخليج العربي، عبر الأجواء السعودية، لتقصف العراق وتدمره، وكانت الأجواء السعودية متاحة لها بشكل كامل لتغزو العراق، وبهذا تكون المملكة السعودية وقفت إلى جانب الأمريكيين في غزو العراق.
وليس مستغرباً من عوائل مُلّكت وتسلّطت بقوة المستعمر البريطاني، وتحت حمايته، على الدويلات التي وزعها عليها، لتتوارثها أبا عن جد، أن يكون ولاؤها لمن أعطاها وملّكها وليس لأوطانها، و شعوبها، التي تملّكت عليها بالقوة، وإن كان المستعمر البريطاني قد تنازل للأمريكي، الذي لازال يمتص خيرات هذه المنطقة القابعة على بحيرات نفطية.
ولذا فإن عمق ولاء هذه الأنظمة والدكتاتوريات هو للمستعمر، هذا ما عبّر عنه بصراحة الملك البحريني حمد آل خليفة، عندما خاطب البريطانيين أثناء زيارته لبريطانيا في العام 2013، متسائلًا عن سبب انسحابهم من البحرين، وكأنه يفتقد وجودهم، قائلًا: من الذي طلب منكم أن تخرجوا؟!!
كان هذا كافياً ليقدم ملك البحرين الجواب على السؤال: ولاؤنا للمستعمر الذي نصبنا حكاما!
أضيف بتاريخ :2016/03/12