تقرير خاص: احتمالات حرب السفن والمضاييق المائية تتقدّم على احتِمالات التّهدئة
محمد الفرج
تتخذ الحروب أشكالاً مختلفة فتارة تكون على شكل تصريحات إعلامية وتارة تكون اقتصادية وتارة عسكرية وتارة تكون في البر ومرة في البحر وهو ما يحصل مؤخراً في الخليج.
فبعد استهداف السفن السعودية قبل شهر في ميناء الفجيرة، تكررت الحادثة اليوم بعد تعرض ناقلتي نفط لانفجارات وحرائق على متنهما، الأولى ترفع علم جزر مارشال واسمها "فرونت ألتير"، بينما تحمل الثانية اسم "كوكوكا كاريدجس" وترفع علم بنما، وتم على إثر ذلك إخلاء الناقلتين في مياه خليج عمان.
وتم إعلان حالة التأهب وسط حالة التوتر التي تسود المنطقة لدرجة أن الحرب التي كانت مستبعدة حتى وقت قريب، والتي لا يريدها سوى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وبعض دوائر صنع القرار في السعودية والإمارات، فضلاً عن بعض أصحاب النفوذ في السلطة الإيرانية، ربما في الحرس الثوري، باتت في دائرة الاحتمالات الممكنة.
ففي الحادث الماضي،لم تتهم الإمارات مباشرة إيران بالوقوف وراء هذه التفجيرات، لكن الإعلام المقرّب منها ومن السعودية، ووسائل إعلام إسرائيلية وغربية، وجّهت أصابع الاتهام إلى طهران، كما أن أوساطاً إقليمية ودولية تنظر إلى الحادث في سياق التصعيد القائم بين واشنطن وطهران، وتستحضر تهديدات الأخيرة بمنع تصدير النفط من المنطقة، في حال مُنعت هي من تصدير نفطها. من جهتها، نفت إيران بطريقتها، وبشكل غير مباشر، أي دور لها في الحادث، واتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، أمس، (عناصر أجنبية ومتآمرين) بالوقوف وراء التفجيرات، داعياً إلى فتح تحقيق لكشف ملابسات الحادث.
ورغم أن المِنطقة تعيش حالةً من الاحتقان غير مسبوقة، وباتت احتمالات الحرب تتقدّم على احتِمالات التّهدئة واللّجوء إلى الحِوار، إلا أنه ولأسباب عديدة، فإن احتمال وقوع حرب مع إيران ليس وارداً حتى اللحظة،
وسبق ورجحنا أنه بعد تفجيرات الفجيرة، قد تقع أحداث مماثلة لناقلات النفط في المياه الإقليمية، من دون أن يعلن أي طرف مسؤوليته عنها، وخصوصاً أن نتنياهو هدد بذلك، ومعه أوساط أمريكية.
أما السيناريو المحتمل حالياً، هو أن تشهد المرحلة المقبلة مواجهة عسكرية غير معلنة بين إيران وحلفائها من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى، وهذا قد يكون مستبعد طالما أن اللعبة باتت مكشوفة.
ويبقى الحِوار هو المخرج الوحيد من هذه الأزَمَة، وتجنّب الحرب المدمرة، ومن انسحب من الاتّفاق النووي، وأخلّ بالتِزاماته القانونيٍة والأخلاقيّة، وفرض عقوبات تجويعية جائِرة على الطرف الآخر الُلتزم بالاتّفاق، عليه الأخذ بزِمام المبادرة، ورفع هذه العقوبات، والعودة إلى الاتّفاق مُجدّدًا، ولن يكون مُهِمًّا في هذه الحالة من الذي يرفَع سمّاعة الهاتف ويتّصل بالآخر.. وإلا حرب السفن هذه لن تنته.
أضيف بتاريخ :2019/06/13