محمد الفرج

أثارت جريدة "الأخبار" اللبنانية جدلاً كبيرة بعد نشرها تقرير عن "اعتراف رؤساء قنوات تلفزيونية لبنانية بتلقي تمويل سعودي وإماراتي لتغطية الحراك الشعبي في لبنان" حيث سارع المتهمون لنفي تلك الأنباء، بيد أن كثيرون يوقنون أن المذكورين هم من أول المستفيدين من ذلك الحراك الشعبي.

فمحللون عدة رجحوا ميل التحليلات والمقالات في الصحافة العربية والأجنبية بنسختيها المكتوبة الإلكترونية وتشكيلها منصة للهجوم على حزب الله لبنان من بوابة الاحتجاجات الشعبية فيه مع استمرار الحملة على إيران فضلاً عن الأوضاع في العراق، إلى أن ما يجري مدار خارجيا أو على الأقل تم استثماره  للنيل من المقاومة اللبنانية من خلال التحريض على خطابات أمين الحزب من جهة ، والزج بموالي الحزب في الشوارع وتحريضهم على الاعتداء على المتظاهرين بدعوى أنهم يريدون قمع الحراك الشعبي تماشيا مع خطاب السيد حسن نصرالله وهو الأمر الذي تم نفيه تباعاً ونفي أي صلة لهؤلاء المخربين بالحزب.

وبالعودة إلى ما حدث قبل عامين أي حينما استقال الحريري لأول مرة في خطاب متلفز من العاصمة الرياض بثته وسائل إعلام سعودية، وتفجيره لأزمة سياسية ودبلوماسية تطورت لاحقا إلى أزمة بين لبنان والسعودية واتهامه حينها حزب الله بالتسبب بمشاكل للبنان وهو نفس النفس السعودي المعادي للحزب، فتلك الطريقة لم تنجح حينها لإعاثة الخراب في البلاد وعاد الحريري عن قراره، فاتخذوا اليوم أسلوب جديد سبق واستعملوه في سورية وهو الحراك الشعبي.

كما سبق وذكرت "الأخبار" أن السعوديين يتصرفون كما لو أن سعد الحريري بات عقبة أمام تنفيذ سياساتهم، فالمسؤولين وأركان السفارة السعودية لا يحبون الحريري، وهو يبادلهم الشعور نفسه، وتصله أخبار «الثرثرة» الدائمة ضده من زوار السفارة والسفير، وأكثر ما يعرفه الحريري، اليوم، أن الرياض غاضبة لكونه تمرد على قرارها بالتنحي قبل عامين.

وسبق وذكرنا أن الرياض تسعى إلى إجبار الحريري على الاستقالة من خلال برنامج الضغوط القائم، عبر دفع المحتجّين على سياساته إلى رفع أصواتهم أكثر، وحتى الاستفادة من تحركات على الأرض لشتمه.

كل ما تريده السعودية من الحريري هو الرحيل، وكل ما تسعى إليه، هو نشوء الفراغ في لبنان، لأنها تعتقد بأنه في حال استقال الحريري، فسيكون صعباً على أحد تشكيل حكومة جديدة، فبديله لن يكون مقبولاً ، وإلا لماذا لم تساعد السعودية لبنان في أزمته؟

وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أجابت عن هذا السؤال، فهي ترى أن عزوف السعودية عن تقديم يد المساعدة للبنان في ظل الاحتجاجات التي يشهدها هو مقصود لاعتقادها أن ذلك قد يلوي يد حزب الله، يضاف لذلك سبب آخر هو عدم تنفيذ “الحريري” أية إصلاحات تطالب بها الدول المانحة قبل توفير الأموال التي تم التعهد بها في مؤتمر المانحين عام 2018.