تقرير خاص - الالتزامات #السعودية لـ’#إسرائيل’.. توافق عابر أم اتفاق سري خلف الكواليس؟
أثار الاتفاق "المصري السعودي" على جعل سيادة جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة السعودية، موجة عارمة من ردود الافعال والتحليلات السياسية والإعلامية التي شغلت الرأي العام العربي من باب "لمن السيادة الفعلية للجزيرتين الاستراتيجيتين في البحر الاحمر".
وبغض النظر عما إذا كانت السيادة هي للمملكة أو لمصر، فقد برزت نقطة بالغة الأهمية تتعلق بصلة "إسرائيل" بمجمل الموضوع، وقد قيل إن الموضوع هو باب للتقارب بشكل أو بآخر بين المملكة السعودية والعدو الاسرائيلي أو أقله لحصول تواصل بينهما مباشرة أو بالواسطة. فجزيرة تيران وجارتها صنافير تخضعان لبنود اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر و"إسرائيل" التي وقعت برعاية أمريكية في العام 1978، باعتبار أنّ السيادة على الجزيرتين كانت لمصر فما هو الوضع اليوم بالنسبة للاتفاقية وقد أصبحت السيادة سعودية عليهما؟ هل حصل انتقال السيادة بتوافق مصري سعودي خالص وبدون مراجعة أي طرف آخر كالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً أو ربما "اسرائيل"؟ وهل القرار المصري السعودي اتخذ بمحض إرادتهما الخاصة بغض النظر أم أنّه لم يمرر إلا بقبول وموافقة اسرائيلية أو أمريكية؟ وهل هذا القرار المصري السعودي سيضرب بعرض الحائط كل موقف معارض سواء جاء من واشنطن أو من تل ابيب؟
وللتذكير فقط فإن لـ"إسرائيل" موقف تاريخي حول الجزيرتين تسبب بشن حرب ضد مصر في العام 1967 إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما قرر الاخير إغلاق الممرات البحرية في المنطقة ما يعني منع الملاحة البحرية باتجاه الكيان الاسرائيلي والأردن في البحر الاحمر، قبل أنّ تنظم العلاقة بموجب اتفاقية "كامب ديفيد" في عهد الرئيس المصري أنور السادات، فكيف بنا الحال اليوم وقد انتقلت السيادة إلى المملكة السعودية التي لا تربطها "علاقة سلام" مع "إسرائيل" حتى اليوم واكثر من ذلك سيتم ربطها بجسر بري مع مصر، ما يعني سهولة التنقل بين ضفتي البحر الأحمر العربيتين من المملكة السعودية شرقاً باتجاه مصر غرباً والعكس بالعكس مع ما يحمل ذلك من انعكاسات على "إسرائيل" اقتصادياً وأمنياً، فهل سيقبل كيان العدو بما لم يقبله به أيام الرئيس عبد الناصر؟ علماً أنّ "اسرائيل" أولاً وأخيراً لا تبحث سوى عن مصالحها.
فمنذ اللحظة الاولى للاعلان المصري السعودي كان الجميع ينتظر الموقف الإسرائيلي وماذا سيكون عليه رد الفعل الأسرائيلي؟ فهل جرى تنسيق المواقف بين مصر والمملكة السعودية من جهة وبين "إسرائيل" وراعيتها في المنطقة أي الولايات المتحدة الاميركية؟ وماذا يعني التنسيق بين هذه الأطراف؟
وزير الحرب الصهيوني موشي يعلون أجاب على بعض هذه التساؤلات، حيث أعلن أن "إسرائيل طرف في الاتفاق بين مصر والسعودية حول تيران وصنافير وصادقت عليه"، وأضاف أن "إسرائيل صادقت على أن تكون السعودية هي الطرف الذي يفي بالتزامات الملحق العسكري في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في هذه المنطقة"، وتابع "كان واضحاً لنا أنه إذا نقلت هذه الجزر للسعودية فإن الرياض ستفي بالتزامات مصر في معاهدة السلام وقد تعهدت السعودية بالوفاء بالالتزامات كما وردت في الملحق العسكري"، وأشار إلى أنّ "الولايات المتحدة صادقت بوصفها الطرف الضامن للاتفاق على التعديلات في الملحق العسكري الناجمة عن ذلك".
فماذا يعني كلام يعالون أنّ "اسرائيل" طرف في الاتفاق وأنّها صادقت عليه ًأنّ المملكة السعودية وافقت على تنفيذ التزامات مصر في "الملحق العسكري لاتفاية كامب ديفيد"؟ فلو كان كلام يعالون صحيحاً(وهو حتى الساعة كذلك الى ان يثبت العكس باعتبار ان المسؤولين السعوديين التزموا الصمت ولم يكذبوا التسريبات الاسرائيلية)، فهل هذا يعني أنّ المملكة السعودية أبرمت اتفاقاً ما مع العدو الاسرائيلي سواء فيما يتعلق بالاتفاق الحالي حول الجزيرتين أو فيما يتعلق باتفاقية "كامب ديفيد"؟ وهل بتنا أمام اتفاق سري أو علاقة سرية بين "إسرائيل" والمملكة السعودية؟
وما هي الضمانات التي قدمتها المملكة لـكيان الاحتلال حول اتفاقية "كامب ديفيد"؟ وهل الضمانات السعودية لكيان العدو ستقتصر على ملف "تيران وصنافير" أم أنّها ستتطور وتتمدد إلى ضمانات في مجالات وملفات أخرى؟ وما الذي يمنع ذلك؟ ولو صح فعلاً أنّ حكام السعودية قدموا هذه الضمانات للعدو الاسرائيلي يبقى السؤال لماذا تقدم المملكة السعودية على ذلك؟ وهي الدولة العربية الإسلامية التي ينظر إليها الملايين على أنهاً تلعب وستلعب أدوارا في العالمين العربي والإسلامي.
قد يحاول البعض التقليل من خطورة التوافق الاسرائيلي - السعودي في هذا المجال، ليعطي الامر أبعاداً اقتصادية، إلا أنّ من يطلع على أهمية مضائق تيران البحرية(الموجودة بين جزيرتي تيران وصنافير) بالنسبة لـ"إسرائيل"، صحيح أنّه يجدها تشكل عصباً حياً للملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر باتجاه القرن الأفريقي وآسيا، إلا أنّه أيضاً يجد هذه المضائق تشكل مجال حرية عمل لسلاح البحرية الإسرائيلي الذي يستخدم منطقة "إيلات" أيضا كقاعدة إستراتيجية لإظهار القدرة الإسرائيلية لمواجهة بعض الدول التي تعتبر "إسرائيل" عدواً أو للعب دور إقليمي واسع.
وفي هذا الإطار تشير مراجع إعلامية مختصة بالشأن الاسرائيلي إلى أنّ "خليج العقبة شكل منفذا لإسرائيل نحو عدد من حلفائها في أفريقيا مثل أثيوبيا وأريتريا وكينيا فضلا عن أنظمة الحكم العنصرية سابقا في جنوب أفريقيا وزيمبابوي"، وأضافت أنّ "إسرائيل أظهرت في السنوات الأخيرة قوتها في البحر الأحمر من خلال اعتراض سفن ادعت بأنها تحمل الأسلحة من إيران إلى الفلسطينيين في غزة أو إلى السودان ومنها إلى غزة"، ولفتت إلى أنّ "أهمية تيران وصنافير لاسرائيل تتبين تاريخياً عبر سيطرتها عليهما طوال فترتي احتلالها لشبه جزيرة سيناء وقد أعادتهما لمصر في العام 1957 بعد انسحابها من سيناء ثم بعد معاهدة كامب ديفيد".
من جهته، اعتبر موقع "والا" الاسرائيلي أنّ "درة تاج المصادقة الإسرائيلية على الاتفاق المصري السعودي هو التقارب بين تل أبيب والرياض"، وأضاف "حتى إذا لم يتجسد الأمر بفتح سفارات فلا ريب أنه ستكون لذلك عواقب كثيرة وإيجابية من ناحية إسرائيل".
أما صحيفة "معاريف" الاسرائيلية فقد رأت أن "نقل الجزيرتين من مصر الى السعودية هو جزء من التعديلات التي يجري إدخالها منذ زمن ما إلى اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر"، وتابعت أنّ "موافقة إسرائيل على إعادة مصر للسعودية جزيرتي تيران وصنافير ليست سوى طرف جبل الجليد لخطوات سرية تنسج من خلف الكواليس".
رغم كل هذه التطورات الحاصلة في ملف تيران وصنافير والتسريبات الاسرائيلية حول ضمانات والتزامات سعودية قدمت لكيان العدو المحتل لأرض فلسطين، ما زال الصمت "سيد الموقف" في المملكة السعودية ولم يخرج حتى اللحظة أي موقف رسمي يوضح حقيقة ما يجري، ولم يعقد أي مؤتمر صحافي - نهاري أو ليلي - لأي مسؤول سعودي لتكذيب كل الروايات والتسريبات الاسرائيلية(وما أكثرها) أو حتى لتأكيد بعضها وتكذيب البعض الآخر.. فهل سيتركون الالتزامات السعودية تتدحرج كـ"كرة ثلج" لتكبر وتكبر حتى يفاجئون العالم بما هو أعظم وأدهى؟؟
أضيف بتاريخ :2016/04/17