#تقرير_خاص : في دول الخليج فقط.. التطبيع أسهل من المصالحة
رائد الماجد...
يبدو أن دول الخليج تتميز عن غيرها من الدول بطريقة تفكير حكامها لتحقيق مصالحهم ولو كانت تلك المصالح تتحقق بمقاطعة بينهم ومصالحة وتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
إذ أعلنت وزارة الخارجية الكويتية تأجيل القمة الخليجية التي تعقد عادة في كانون الأول/ديسمبر من كل عام إلى الشهر المقبل (5 كانون الثاني/يناير) على أن تعقد في العاصمة السعودية الرياض، بدلا من العاصمة البحرينية المنامة، وتشير مصادر متعددة أن ذلك جرى لإعطاء فرصة للأطراف الخليجية والعربية للتباحث على شروط حل الأزمة الخليجية، التي شاركت فيها ثلاث من دول الخليج، السعودية والإمارات والبحرين، في حصار قطر، بينما اتخذت الكويت موقفا إيجابيا يقوم على العمل الدبلوماسي الهادئ والمستمر لحل الخلاف، وأبعدت عُمان نفسها عن النزاع، وهو ما عرّض الدولتين لأشكال من الضغط من قبل دول الحصار.
لم يحضر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولا قادة الحصار، القمة المذكورة منذ عام 2017 الذي بدأ فيه الحصار، والذي تمّ توقيته، لسبب ما في عقول من خططوه، مع تاريخ 5 حزيران/يونيو، الذي يذكر العرب والمسلمين طبعا بالهجوم الإسرائيلي عام 1967، وقد تكشفت بعد ذلك معلومات تشير إلى أن دول الحصار لم تكن تريد الاكتفاء بالمقاطعة البرية والجوية والبحرية، بل كانت هناك خطط فعلا لهجوم على قطر، وأن هذا الهجوم توقف بعد دعم عسكري كبير من قبل تركيا.
قامت دولتان من دول الحصار، هما الإمارات والبحرين، كما هو معلوم، بالتطبيع هذا العام مع إسرائيل، وبإعلان اتفاقيتي سلام معها، وقد أظهرت سلطات البلدين، ونخب سياسية وفنية ورياضية ومالية، أشكالا من السعادة والتفاعل غير المسبوق مع إسرائيل والإسرائيليين، وإذا وضعنا كل هذا على خلفية اختيار يوم بدء الحصار، والتشابه الذي يبدو متقصدا مع العدوان الإسرائيلي ضد العرب عام 1967، تتبدى لدينا مفارقة عجيبة، يظهر فيها العدو القومي على صورة المثال الذي يجب الاقتداء به، ويعامل فيه الشقيق معاملة العدو!
لم تصمد هذه المقاربة السياسية العوراء أمام امتحان التاريخ، وتوازنات الإقليم والمنطقة والعالم، فالمصاعب الاقتصادية التي واجهت قطر واجه بعضها دول الحصار، فالمقاطعة سيف ذو حدين، ومع اندفاع سلطات الإمارات والبحرين للتطبيع المبالغ فيه، إلى درجة استيراد الخمور من المستوطنات في الجولان، وشراء ناد عنصري كاره للعرب والمسلمين، ومع إظهار أشكال التهليل للصلح، والتسامح الديني، والأخوة بين الأديان، انفضحت أشكال الكراهية والتعدي والأذى وكراهية الإسلام والمسلمين، حين يتعلق الأمر بقطر وفلسطين واليمن وليبيا.
لم ير الخائضون في هذه المعركة كل هذه المفارقات والأخطاء الاستراتيجية، وكان عليهم أن ينتظروا أن تدرك الإدارة الأمريكية نفسها العبثية التي تحوط المسألة برمتها، بحيث يرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مستشاره وصهره جاريد كوشنر، مجددا إلى المنطقة العربية، لإقناع دول الحصار بضرورة حلحلة الأزمة، وتابع ترامب الأمر بنفسه باتصال الخميس الماضي مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، «ناقش الأمن الإقليمي» و«أعرب عن تفاؤله بحل الأزمة الخليجية»!
يدل تحرك الأمريكيين على وصول الأزمة إلى حد غير مقبول عالميا، ولكنه ليس العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى حلها، فالسعودية، الطرف الأكبر في المعادلة الخليجية، كانت خاسرا كبيرا بظهورها كدولة تتلاعب بها أبو ظبي، وخصوصا في الملف اليمني، والملف الإيراني، ولعل حكامها أدركوا المأزق الكبير الذي وضعوا فيه نتيجة عمل الإمارات الحثيث على استبعاد قطر لتكبير حجمها السياسي والعسكري، وهو أمر انتبهت إليه الكويت وعُمان، وكان سببا في توترات كبيرة مع أبو ظبي.
أضيف بتاريخ :2020/12/20