#تقرير_خاص : تفسيرات للتقارب التركي-الإماراتي الأخير
رائد الماجد...
قدّم المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، في لقاء صحفي أجراه قبل أيام تفسيراً للتقارب المفاجئ الذي شهدناه بين الإمارات وتركيا بعد سنوات من القطيعة والخلافات العميقة بين الطرفين على كافة الأصعدة، حيث قال: "إن واشنطن تسعى خلال هذه المرحلة إلى توحيد حلفاءها في الشرق الأوسط والقضاء على العداء فيما بينهم"، حيث شهدنا خلال الفترة الماضية اتصالات إماراتية-تركية على أعلى المستويات، تُنذر بانتهاء مرحلة الخلافات والانطلاق إلى مرحلة من التعاون بين الجانبين لا سيما اقتصادياً، وعلّق حينها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، على هذه الاتصالات بقوله: "في العلاقات الدولية لا يوجد صداقة أو عداء دائم، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد مبادئ".
تصريح جيفري قد يفسر إحدى جوانب هذا التقارب، لكن بالتأكيد لا يمكن الاكتفاء بهذا التصريح لتفسير التقارب التركي-الإماراتي بعد سنوات من الخلافات والقطيعة، ولا بد من البحث في خلفيات ودوافع هذا التقارب وما يمكن أن ينتج عنه، ومدى استمراريته وواقعيته.
هذا التقارب يوحي بـ"الإيجابية الكاذبة"، فسبق أن شهدنا تقارباً من هذا النوع، لنكتشف بعد فترة وجيزة أن الجميع يخبئ الخنجر وراء ظهره وأن العداء زاد عملياً ويظهر عند أي مفصل أو أزمة صغيرة، عدا عن أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد شد عصب حلفاء بلاده ولا يريد خلافات فيما بينهم حتى لو شكلياً وطبعاً هما كتلتان رئيسيتان "تركيا وقطر" من جهة و"السعودية ومصر والإمارات" من جهة أخرى فهو يريد أن ينتهي هذا العداء ليتفرغ للاستحقاقات التي تبدو أكثر أهمية وأكثر جذرية للمواجهة مع الصين وروسيا وتقوية الأوراق في مواجهة إيران.
وبالنظر في عمق هذه الاتصالات بين الجانبين فيتضح أن هذا التقارب هو واجهة لجملة من التفاهمات السياسية بينهما فرضتها تطورات المرحلة الحالية، حيث أكد كبير المحاضرين في قسم العلوم السياسية بالمدرسة الروسية العليا للاقتصاد غريغوري لوكيانوف: "في العلن هو تقارب بطابع اقتصادي استثماري تجاري لكن في الكواليس هو لقاء مختلف تماماً لناحية التوقيت والملفات الإقليمية التي تهم البلدين، وبدأت نتائجها تنعكس سلباً على مصالحهما الثنائية والإقليمية نتيجة أكثر من تطور سياسي وأمني وعملية إعادة تموضع استراتيجي ينفذها العديد من العواصم في المنطقة".
إلا أن المصلحة لا تقتصر فقط على واشنطن، فبحسب التحليلات فإن كل من الإمارات وتركيا اليوم بحاجة إلى هذا التقارب، لكن كما هو معروف فإنه من الصعب التوصل لتقارب حقيقي دون تخلي تركيا عن مشروع "الإخوان المسلمين" الذي أغرقها بأزمات خارجية عديدة وتسبب بثوران داخلي كبير ضد الحزب الحاكم "حزب العدالة التنمية" لتكون تركيا اليوم مجبرة على إحداث تغييرات بموقفها إزاء هذا المشروع.
بلا شك ووفقاً للتحليلات والوقائع السابقة، فإن التقارب الإماراتي-التركي إن بقي مستمراً فسيكون له تأثيرات عديدة على عدة ملفات، في المنطقة لا سيما الملفين السوري والليبي، وبما أن مصلحة تركيا هذه المرحلة هي الحفاظ على تطور علاقاتها مع الإمارات فقد تسعى عملياً إلى تقديم تنازلات لحماية مصالحها في هذه المرحلة، إلا أننا قد نكون وفي أي لحظة أمام متغيرات جديدة قد تعيد العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي إلى سابق عهدها.
أضيف بتاريخ :2021/09/14