#تقرير_خاص : كيف سحبت #الإمارات البساط من #السعودية ؟
محمد الفرج..
عندما تم توقيع اتفاقات أبراهام بين الإمارات و"إسرائيل" في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بدا وكأنها جزء من حملة "دونالد ترامب" لإعادة انتخابه، فقد توقع بالتأكيد أن تقديم نفسه كشخص يمكن أن يجلب السلام إلى الشرق الأوسط، سيعطي دفعة كبيرة لسردية نجاح سياسته الخارجية.
وصحيح أنه ما زال هناك جدل حول ما إذا كانت الاتفاقات مجرد حيلة سياسية، إلا أنه لا يوجد شك في مدى عمق الأثر الذي تركته هذه الاتفاقيات على الشرق الأوسط.
وتتجلى أهم آثار ذلك في علاقة الإمارات بـ"إسرائيل"، والتي تتجاوز كونها مجرد "زواج مصالح"، فقد نجح البلدان لحد كبير بشكل ملحوظ في تحويل علاقاتهم الدبلوماسية الناشئة إلى علاقات عميقة واستراتيجية.
كما يتجلى الآن أن دافع الإمارات للسعي خلف تطوير العلاقات مع "إسرائيل" لم يكن لمنع الأخيرة من ضم الأراضي الفلسطينية (كما سبق أن ادّعت)، وإنما كان ذلك بهدف تطوير علاقات مباشرة مع أقوى بلد في المنطقة واستخدام هذه العلاقة لدفع النمو الاقتصادي، مما يزيد من نفوذها في المنطقة ويرفع مكانتها الدولية.
وبعبارة أخرى، ففي حين أن الاتفاقية قد أطلق عليها اسم "اتفاقيات أبراهام"، فإن ما تكشفت عنه هذه الاتفاقية هو تحالف ليس فقط ضد الفلسطينيين ولكن أيضا ضد إيران وتركيا وحتى السعودية، بسبب الفوائد الهائلة التي قدمها إلى أبوظبي.
لا يقتصر الأمر على التبادل التجاري وتنامي الاعتماد الاقتصادي لكل منهما على الآخر، حيث قد يصبحان أقوى حليفين عسكريين في منطقة الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي تعزز في أعقاب الانسحاب الأمريكي التدريجي من الشرق الأوسط، خاصة من السعودية.
ولم يتسبب قرار الولايات المتحدة بإزالة أنظمة الدفاع الجوي من الرياض بجعل المملكة هشة عسكريًا أمام الحوثيين فقط، وإنما جعل هذا نفوذها الجيوسياسي يتراجع أيضا.
وفي حين أن المملكة تتخذ خطوات لجعل نفسها مركز التجارة في الشرق الأوسط، في رغبة في التنافس مع دبي، فما تزال بدون دول إقليمية قوية إلى جانبها، بل إن جميع البلدان الأخرى مثل البحرين والمغرب والسودان (جميعهم اعترفوا بإسرائيل) ترى العلاقات مع التحالف الإماراتي الإسرائيلي مفتاحًا لتأمين مصالحهم الوطنية الحيوية.
وقد أصبحت الصلة الإسرائيلية الإماراتية عميقة بالفعل، وهو ما تجلى من اندلاع حرب غزة هذا العام، حيث لم يترك أي تأثير على علاقاتهما الثنائية، على الرغم من أن الدول العربية، وخاصة أولئك الذين لم يوقعوا اتفاقيات مع إسرائيل، ضغطوا على الإمارات لإدانة الفظائع الإسرائيلية.
أما السبب الحاسم الذي ساهم في نجاح علاقاتهم تحت ضغط اندلاع الأزمة فهو حقيقة وجود العلاقات الاقتصادية الثنائية قبل العلاقات الدبلوماسية الرسمية بكثير، كما أن الاتفاقيات لم تكن لتوقّع من الأساس لو كانت الأزمة الفلسطينية تمثل عائقا.
وبالنسبة لحقيقة أن هذه الاتفاقات تم توقيعها بغض النظر عن استمرار الأزمة الفلسطينية، فإن هذا يظهر الاعتبارات الإستراتيجية والجيوسياسية الخفية والأوسع التي تحكم العلاقات الإسرائيلية الإماراتية.
وهذا بالضبط ما دفع الرياض مؤخرا لمعارضة العلاقات الإماراتية الإسرائيلية المتنامية، وبعد أن رأت الرياض كيف أن اتفاقيات أبراهام لصالح الإمارات، وسرعان ما أدركت أنها تصب في عكس مصلحتها، حيث قد تؤدي وتيرة علاقاتهما لزعزعة استقرار مكانة السعودية كزعيمة للعالم الإسلامي.
وعلى الرغم من أنها ستظل مركز العالم المسلم بسبب مكة، فمن غير المرجح أن يكون لها نفس درجة التأثير العالية لتشكيل المشهد الجيواقتصادي والجيوسياسي مثل الإمارات.
وتلعب الإمارات دورا في أفغانستان، على عكس السعودية، وهي لم تقدم فقط اللجوء إلى الرئيس الأفغاني المخلوع، وإنما نقلت الطائرات مساعدات إنسانية إلى كابل أيضا.
أضيف بتاريخ :2021/09/27