#تقرير_خاص : الخلاف الأمريكي السعودي.. متى بدأ وإلى متى سيستمر؟
محمد الفرج...
على الرغم من التوتر بعلاقة المملكة السعودية وأمريكا، إلا أن هناك أصوات علت تفيد بأن الرياض هي من تحتاج الولايات المتّحدة وليس العكس، لا سيما في تأمين التكنولوجيا اللازمة لإدارة قطاع النفط، ولتأمين الحماية الأمنيّة والغطاء الدبلوماسي. ووصفتها بالشريك الأصغر لواشنطن.
فبعد أن دعت الكاتبة “كارين إليوث هاوس” بايدن للذهاب إلى “السعودية” في زيارة عمل قصيرة لطلب الصفح عن قائمة متزايدة من المظالم الأميركية على “السعودية”، والتي أضرت بشدة بالعلاقات بين الطرفين.
أقرّت صحف أمريكية بأهميّة العلاقات الأمريكيّة السعودية، لكنها في الوقت ذاته، عارضت اقتراح “هاوس” بأن يسعى الرئيس الأمريكي “للحصول على التسامح” من “السعودية”، في خطوة تحاكي الصين التي تظهر “احترام كبير” لولي العهد.
واعتبرت أنه على الأمريكيين أن يتذكروا أن السعوديين هم الشريك الأصغر في شراكتنا، لكن هذا لا يقارن بالضرر الذي يمكن أن يلحقه بها سحب تكنولوجيا حقول النفط الغربية والتمويل والغطاء الدبلوماسي”.
يأتي ذلك بعد مقال نشرته “هاوس” في “وول ستريت جورنال” أيضاً، أوضحت فيه أن الاستياء السعودي من أميركا ظل يتصاعد منذ عقد من الزمان، منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي غيّر أولويات واشنطن بعيداً عن حماية الشرق الأوسط وإمدادات النفط، لكن الضرر الجسيم لم يبدأ إلا عندما بدأ بايدن الهجوم واصفاً السعودية” بأنها “دولة منبوذة” وأزال صواريخ باتريوت التي تحمي المنشآت النفطية من هجمات القوات اليمنية، وسعي لإحياء الاتفاق النووي مع طهران، وأزال أنصار الله من قائمة “الإرهاب” ويسعى حالياً لرفع الحرس الثوري الإيراني من هذه القائمة. وأشارت إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رفض حتى التحدث مع بايدن.
ثم انتقلت الكاتبة إلى القول: إن “كلا البلدين بحاجة إلى تنحية الكبرياء المجروح جانبا وإصلاح علاقتهما الأمر الذي يدعم حقا الأمن الاقتصادي العالمي” مضيفة أن “حنق السعودية أمر خطير، فعلاقات المملكة مع الصين قوية وتزداد قوة وهي الآن أكبر شريك تجاري للسعودية، وتظهر احتراماً كبيراً لقادة المملكة، إذ أعلن وزير خارجيتها، باجتماع منظمة التعاون الإسلامي الشهر المنصرم في إسلام آباد، أن بلاده والسعودية صديقتان حميمتان تدعمان القضايا الأساسية لبعضهما البعض”.
وأشار المقال إلى أن بكين تعمل جاهدة من أجل تباعد واشنطن والرياض منذ فترة طويلة في منطقة حيوية من العالم، لكنها لا تستطيع حماية حقول النفط السعودية أو الممرات البحرية التي تسمح للنفط بالوصول إلى الأسواق العالمية، وفي الوقت الحالي، يمكن للولايات المتحدة فقط القيام بذلك. لذا فقد حان الوقت للرياض وواشنطن لتوحيد جهودهما والتعاون على إستراتيجية أمنية جديدة.
أنه يبدو واضحاً من الحديث مع العديد من المسؤولين السعوديين أنه إذا أراد بايدن إذابة العلاقات الباردة، فعليه زيارة الرياض، لكن البيت الأبيض يرى أنه من الصعب عليه القيام بذلك دون فقدان ماء الوجه، لأن أي زيارة لبايدن للرياض ستتم مقارنتها بزيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للرياض والتي حُظيت بـ “احتضان ملكي مذهل” وستكون صورة بايدن وهو يصافح ولي العهد محمد دليلا واضحاً على الاعتراف بخطئه.
كما أن شهر رمضان يقدم بعض التغطية، فالمسؤولون السعوديون على استعداد لاستضافة قادة العالم خلال الشهر الفضيل، لكن زيارة رسمية مع حرس الشرف وجميع الزخارف غير ممكنة أثناء الصيام، الممكن فقط هو زيارة عمل قصيرة لحل القضايا الإستراتيجية الكبيرة، وليست لالتقاط الصور والترحيب الملكي، وهذا من شأنه استبعاد المقارنات المباشرة مع زيارة ترامب أو الرئيس الصيني، الذي قُدم له عام 2019 استقبال كبير بالرياض في أول رحلة له بعد تفشي الوباء خارج الصين، بحسب الكاتبة.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية نشرت تقريراً وسط اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط، بيّنت فيه تصاعد الخلافات بين الولايات المتحدة وحليفتيها “السعودية” والإمارات على نحو متصاعد. وأكدت الصحيفة أن رفض “السعودية” والإمارات لزيادة إنتاج النفط يدفع بالعلاقة مع واشنطن إلى مستوى توتّر غير مسبوق.
من جانبه قال “مارتن تشولوف” كاتب المقال الذي نشر تحت عنوان: “بايدن يشعر بالخذلان في ظل تدهور العلاقات الأمريكية مع السعودية والإمارات”: إنه مع تحرّك الرئيس الأمريكي جو بايدن لفتح احتياطيات النفط الاستراتيجية للولايات المتحدة، لا تزال الإمارات و”السعودية” ترفضان تقديم المساعدة لواشنطن، من خلال رفع الإنتاج، في الوقت الذي يحاول فيه مواجهة أسعار النفط المرتفعة التي أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية وذكرت أن البلدين كانا صريحين بشكل غير عادي بشأن رفضهما التدخل.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية كشفت توتر العلاقات بين الولايات المتحدة من جهة و”السعودية” والإمارات في أعقاب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، نتيجة عدم رغبة الإمارات و”السعودية” في زيادة إنتاج النفط بعد ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا والولايات المتحدة.
الصحيفة أوضحت أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن رأت أن إدانة موسكو من قبل دول الخليج غير واضحة بشكل كاف. وأشارت إلى أن فشل إدارة بايدن في الرد بشكل حاسم، بما فيه الكفاية، على الهجمات الصاروخية المستمرة على بلادهم (السعودية والإمارات) من قبل أنصار الله ورغبة واشنطن في توقيع اتفاق نووي جديد مع طهران لا يتصدى للعدوان الإيراني في المنطقة، بحسب تعبير الصحيفة.
من أسباب الخلاف أيضاً، ذكرت الصحيفة أن الإمارات غير راضية عن التأخير في تسليم الطائرات المقاتلة الأميركية من طراز “إف – 35” إليها، إضافة إلى المفاوضات الجارية مع إيران بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة. لتصف ذلك بالقول إنه لم يحدث في أي مكان توتر العلاقات كما حدث مع “السعودية” والإمارات، بعد إحجامهما عن زيادة إنتاج النفط مع ارتفاع أسعار الغاز، إلى جانب ما تعتبره إدارة بايدن إدانة دون المستوى المطلوب لموسكو.
أضيف بتاريخ :2022/04/06