تقرير خاص: كلام #الجبير عن #اليمن: اعتذار عابر أم استنتاج متأخر.. هل هكذا يعامل الجار؟
رغم كل ما جرى ويجري في الحرب السعودية المستمرة على اليمن والتي استخدمت فيها كل أشكال وأصناف الأسلحة وحُشدت لها الكثير من التحالفات الإسلامية والعربية، ورغم كل المؤتمرات الصحافية التي عقدها المتحدث باسم "قوات التحالف" التي تقودها المملكة السعودية في الحرب على اليمن للحديث عن الانجازات اليومية في التدمير الهائل للبنى التحتية اليمنية في كل شيء من الصحة إلى التعليم والطرقات والكهرباء... ورغم كل أرقام الضحايا من المدنيين الذين قضوا وجرحوا في استخدام أحدث الصواريخ الأميركية وغير الأميركية باستخدام وأوامر سعودية.
رغم كل ذلك خرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ليخبرنا أن "الحوثيين هم جيران المملكة ويمكن التفاوض معهم وأن الأولوية لم تعد محاربتهم بل الأولوية هي ملاحقة القاعدة وتنظيم داعش".
فبعد ما يزيد عن العام من بدء ما اسموه "عاصفة الحزم" وما تلاه من "إعادة الامل" أدركت القيادة السعودية أن حركة "أنصار الله" هم جيران والأولوية هي لمقاتلة الجماعات الأرهابية من تنظيمي "القاعدة وداعش"، فلماذا انتظرت السلطات السعودية كل هذه المدة لتصل إلى هذه النتيجة؟ وهل الأمر كان يحتاج إلى كل هذا الوقت لتكتشف المملكة هذه الحقيقة؟ أم أن الأمر له خلفيات أخرى سياسية وغير سياسية؟ وهل كان لـ"داعش" وجود في اليمن قبل بدء الحرب على اليمن؟ وماذا عن مساهمة الحرب التي شنت على اليمنيين بتقوية "القاعدة وداعش" في اليمن ؟ ألا يتحمل أصحاب القرارا بالحرب على اليمن مسوؤلية كل ما جرى سواء على صعيد الخسائر بين المدنيين أو حتى في الأضرار المادية على امتداد أرض اليمن؟
فالحرب السعودية على اليمن الذي لم يعد سعيدا ساهمت بشكل كبير في القضاء على أسس الدولة اليمنية في مختلف الصعد، وبالتالي يحتاج هذا البلد إلى آليات صعبة جدا للخروج من تداعيات هذه الحرب، ليأتي بعد كل ذلك الوزير الجبير بكل بساطة ليقول إن هؤلاء جيران وبالتالي أولويتنا ليس قتالهم بل قتال جماعات أخرى موجودة في مناطق يمنية أخرى، فهل هكذا تتم معاملة الجار؟ وهل هكذا تتم رعاية "حقوق الجار"؟ خاصة أن في الإسلام العديد من النصوص عن كيفية رعاية حقوق الجار، كما أن الرسول محمد بن عبد الله أوصى بالجار.
وكيف يمكن فهم أو تفسير كلام الوزير الجبير، هل هو تلاوة لفعل الندامة أم اعتذار عابر أم هو طي لصفحة معينة من تدمير اليمن للانتقال بعدها لتدمير ما تبقى منه؟ ومن يتحمل كلفة كل هذا التدمير الذي حصل ومن يتحمل مسؤولية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في اليمن؟ وهل الحديث عن مقاتلة الإرهاب في اليمن هو محاولة بائسة لتبييض صورة المملكة التي تشوهت نتيجة ما ارتكب من جرائم يندى لها الجبين في اليمن؟ وهل فعلا تريد المملكة مقاتلة "القاعدة وداعش" في اليمن ولمصلحة من ذلك؟ هل هو لضمان الأمن السعودي أم لضمان المصالح الأميركية في اليمن وبحر العرب؟ ومن الضامن أن ما يقوله الوزير الجبير ليس مناورة سياسية للايحاء أن المملكة تدعم الحل السياسي بعد كل هذا الفشل الميداني طوال 14 شهرا من الغوص في المستنقع اليمني بكل تكاليفه لسلبية التي انعكست على سمعة المملكة وموازنتها المالية.
علما أن كل التقارير الإعلامية والسياسية أكدت ان الحرب على اليمن ساهمت بشكل كبير في تعزيز دور تنظيم "القاعدة" في اليمن وبروز تنظيم "داعش" الإرهابي، بل الكثير من المعلومات التي ألمحت إلى تعاون غير معلن بين "تحالف الحرب" مع التنظيمين في اليمن لقتال حركة "أنصار الله" والرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، وفي السباق سبق أن اعتبرت وكالة "رويترز" أن الحرب السعودية الأميركية على اليمن لم تحقق أهدافها باستثناء النهضة التي منحتها لتنظيم "القاعدة" في اليمن، حيث وسع التنظيم رقعت سيطرته وزاد من ثرائه وثروته حيث خرج من الحرب على اليمن أقوى وأغنى، كما أشارت "رويترز" إلى أن "التنظيم بات يحكم الآن دويلة على مرأى ومسمع الجميع وبمخزونات مالية تقدر بنحو 100 مليون دولار جاءت من نهب ودائع بنكية وعائدات إدارة ميناء المكلا ثالث أكبر الموانئ اليمنية".
أما بالنسبة لـ"داعش"، فقد تحدثت مصادر مطلعة أن "داعش ظهر بشكل مفاجئ في اليمن خلال فترة الحرب السعودية الحالية وكثف عملياته الإرهابية وأظهر قدرات مالية ولوجستية كبيرة رغم حداثة ظهوره"، وتابعت "يبدو أن داعش يحاول الاستئثار ببوصلة الإرهاب في اليمن عبر عميليات نوعية"، وأشارت إلى أنه "لوحظ على نحو كبير بدء نوع من الافول اسم القاعدة لمصلحة داعش"، ولفتت إلى أنه "لم يعد أحد يسمع بأية أنشطة أو ظهور سياسي أو إعلامي لتنظيم القاعدة في اليمن رغم أنه ظل طوال الفترة الماضية يُسوق من قبل الاستخبارات الأميركية باعتباره فرع القاعدة الأقوى على مستوى العالم".
وبالانتقال للحديث عن حقوق الإنسان جراء الحرب السعودية على اليمن فالمقام يطول باعتبار أن كل أنواع الانتهاكات قد ارتكبت، ويكفي هنا الإشارة إلى ما توثقه المنظمات الحقوقية في هذا المجال وهي أكثر من أن تعد وتحصى ومنها ما تحدثت عنه منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من قبل "التحالف الحرب على اليمن" بالإضافة إلى استخدام أسلحة محرمة دوليا ومنها القنابل العنقودية لمناطق مأهولة بالمدنيين مخلفة وراءها قنابل صغيرة غير منفجرة، وملف حقوق الإنسان يحمل الكثير من المشاهدات التي تعكس ما وصلت إليه أوضاع المجتمع اليمني الذي بات يواجه هذا الكم الهائل من الأخطار والتهديدات التي تستهدف الحجر والبشر بفعل الحرب السعودية عليه.
والانتهاكات لحقوق الانسان في اليمن، تطال المملكة السعودية كما تطال كل من يبيع السلاح لها باعتبار أن من يبيع السلاح بات شريكا في الحرب ومن ثم المشاركة في قتل المدنيين وغيرها من الجرائم بحسب القانون الدولي، ولذلك بدأت الاصوات ترتفع في العديد من الدول الأوروبية والأميركية(في البرلمانات ووسائل الإعلام) تطالب بوقف تسليح السعودية وغيرها من الدول التي تشارك في الحرب على اليمن.
يبقى أنه يجب البحث عن المصلحة الحقيقية للشعب اليمني التي لا تنفصل عن المصالح الحقيقية لكل دول الخليج ومن ضمنها المملكة السعودية، ويأتي في طليعتها الوقف الفوري للحرب على اليمن والبحث عن حلول سياسية للازمة هناك ووضع آليات لإعادة بناء اليمن المهدم واحترام حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات التي ترتكب بدون أي مبرر والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت والتعويض على اليمنيين.
أضيف بتاريخ :2016/05/14