#تقرير_خاص : هل تعود الحرب بين السعودية وأنصار الله في اليمن؟ مؤشرات تصعيد جديد
فاطمة مويس
بعد الحديث المتكرر حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء العدوان على اليمن، وبخاصة بعد لقاءات مسقط الأخيرة بين أنصار الله وما يسمى "الحكومة الشرعية" إلى جانب السعودية، ظهرت بوادر أزمة جديدة بدلاً من التوصل إلى حل نهائي.
تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان التي أشار فيها إلى أن "خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية أصبحت جاهزة"، وبأنه يأمل في التوقيع عليها قريباً، قوبلت بردود فعل من قبل أنصار الله تشير إلى احتمالية العودة إلى الحرب، وليس السلام.
قائد أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، ألقى مؤخراً خطاباً، وجه فيه اتهامات للنظام السعودي بمواصلة العدوان والانخراط في المخططات الأمريكية ضد اليمن، محذراً بأن أي تصعيد سعودي جديد سيقابله رد عسكري نوعي وغير مسبوق، وأشار إلى معادلة جديدة في الحرب المقبلة: "البنوك بالبنوك، مطار الرياض بمطار صنعاء، والموانئ بالموانئ"، في إشارة إلى قدرة أنصار الله على توجيه ضربات انتقامية موازية للأضرار التي قد تتسبب بها السعودية.
المفاوضات كستار للتصعيد؟
على الرغم من الأجواء التفاؤلية التي سادت بعض الأوساط، يبدو أن السعودية قد اختارت الانخراط في المخطط الأمريكي لإعادة إشعال الحرب في اليمن، فقد جاءت تصريحات السيد الحوثي واضحة في هذا الصدد، حيث اتهم النظام السعودي بالسير في مسار الحرب الاقتصادية بعد الفشل الأمريكي العسكري في السيطرة على البحر الأحمر والبحر العربي، ويرى مراقبون أن المفاوضات الجارية لم تكن سوى غطاء لتحضير السعودية لمرحلة تصعيد جديدة بتوجيه أمريكي.
الدور الأمريكي في التصعيد
تحدث السيد الحوثي عن ضغوط أمريكية مستمرة على السعودية من أجل إعادة إشعال الحرب، وذلك بعد فشل الولايات المتحدة وحلفائها في كسر الحصار البحري الذي تفرضه أنصار الله، ويبدو أن السعودية قد رضخت لهذه الضغوط، ما أدى إلى اتخاذها خطوات اقتصادية تصعيدية مثل نقل البنوك من صنعاء، وهي خطوة اعتبرها الحوثي "جنونية" وهدفها الإضرار بالاقتصاد اليمني استجابةً لمطالب أمريكية.
التصعيد السعودي: لماذا الآن؟
تشير عدة معطيات إلى أن السعودية كانت قد توصلت إلى اتفاق مع أنصار الله، وتبادل الطرفان زيارات على مستويات رفيعة، لكن التدخل الأمريكي حال دون إتمام هذا الاتفاق. فقد اعترف وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بأن بلاده ضغطت على السعودية لعدم التوقيع، بهدف الاستمرار في استنزاف أنصار الله. ويبدو أن السعودية خضعت للإملاءات الأمريكية، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر.
تجددت بعد ذلك الشروط السعودية الجديدة التي تهدف بالأساس إلى عرقلة أي اتفاق حقيقي. ويرى بعض المحللين أن تلك الشروط تستهدف تجريد أنصار الله من السلاح والسيطرة على كل القرارات الداخلية والخارجية لليمن، وهو ما لا يمكن قبوله من قبل أنصار الله الذين يمتلكون قدرات عسكرية متطورة أصبحت تهدد أمن الرياض بشكل مباشر.
احتمالية العودة إلى الحرب: ماذا بعد؟
إلى جانب التصعيد الاقتصادي، اتخذت السعودية خطوات ميدانية ترفع من حدة التوتر، مثل تقويض حركة الطيران في مطار صنعاء، وإغلاق أغلب الرحلات الجوية باستثناء رحلة واحدة بين صنعاء وعمان، كما عادت عمليات الاغتيال والتفجيرات في المناطق التي تسيطر عليها أنصار الله، ما يعزز فرضية أن التصعيد العسكري قد بات قريباً.
ومن جهة أخرى، صعد الإعلام السعودي هجماته ضد أنصار الله، حيث اعتبر العديد من الكتاب والخبراء السعوديين أن الحوثيين هم الطرف المسؤول عن فشل مفاوضات السلام، هذا التصعيد الإعلامي يعكس التوتر الكبير الذي تعيشه الرياض في ظل تهديدات الحوثيين المتكررة والتي أصبحت تأخذ طابعاً أكثر خطورة.
ما وراء التصعيد السعودي؟
التصعيد السعودي لا يبدو قراراً مستقلاً بقدر ما هو استجابة لضغوط أمريكية هدفها الحفاظ على الوضع القائم في اليمن واستنزاف أنصار الله قدر الإمكان، فالولايات المتحدة تسعى من خلال السعودية إلى تحقيق ما فشلت فيه عسكرياً في البحر الأحمر والبحر العربي، حيث تريد من الرياض تحمل العبء الأكبر في هذه المواجهة.
في النهاية، يبدو أن عودة الحرب بين السعودية وأنصار الله ليست مستبعدة، خصوصاً في ظل فشل المفاوضات والتصعيد الاقتصادي والميداني المتبادل، وإذا ما استمرت السعودية في اتباع المخططات الأمريكية، فإنها قد تجد نفسها في مواجهة عسكرية شاملة مع أنصار الله، الذين أكدوا استعدادهم الكامل لخوض جولة جديدة من الحرب ستكون مختلفة تماماً عن سابقاتها.
أضيف بتاريخ :2024/08/20