التقارير

#تقرير_خاص: عودة العلاقات السورية السعودية: من القطيعة إلى المصالحة

فاطمة مويس

شهدت العلاقات بين السعودية وسوريا تحولات جذرية منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، حيث اتخذت المملكة موقفاً حازماً في دعم المعارضة السورية وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الحكومة السورية في 2012، ومع مرور أكثر من عقد على هذه القطيعة، تغيرت الظروف الإقليمية والدولية، ما دفع المملكة إلى إعادة النظر في سياستها تجاه دمشق، وهو ما تجسد مؤخراً في إعادة افتتاح السفارة السعودية في العاصمة السورية.

من الحرب إلى المصالحة: مراحل تطبيع العلاقات
مع بداية الحرب في سوريا، وقفت السعودية بشكل واضح إلى جانب المعارضة السورية، معتبرةً النظام السوري أحد أسباب الأزمة، وقطعت المملكة علاقاتها مع دمشق، وأغلقت سفارتها هناك في 2012، استمر هذا التوتر لسنوات، إذ دعمت السعودية بعض التيارات المسلحة المناهضة للحكومة السورية في إطار جهودها لإسقاط النظام السوري، إلا أن التطورات الأخيرة على الساحة الدولية والإقليمية دفعت الرياض إلى إعادة النظر في مواقفها، لا سيما بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير 2023، حيث أرسلت المملكة مساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، في إشارة إلى بداية تحول في سياستها.

القرار من القيادة: لا عودة إلى الوراء
أشار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في تصريحات له عقب اجتماعه مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في مايو 2023، إلى أن القيادتين السورية والسعودية اتخذتا قراراً استراتيجياً بعدم العودة إلى الوراء، وضرورة السير قدماً نحو تحسين العلاقات، جاءت هذه التصريحات في سياق استكمال خطوات التطبيع بين البلدين، بعد أكثر من 12 عاماً من القطيعة، وكان هذا التطور جزءاً من سياق أوسع للمصالحة العربية مع سوريا، حيث حضر الرئيس السوري بشار الأسد القمتين العربيتين في جدة والرياض.

إعادة صياغة السياسة الخارجية السعودية
منذ أكثر من ثلاث سنوات، بدأت السعودية في إعادة هندسة سياستها الخارجية، سعياً لتحقيق مصالحها الإقليمية على أسس جديدة، تتجلى هذه التغيرات في المصالحة مع سوريا، والتي يمكن أن تُفهم ضمن إطار تحسين علاقاتها مع إيران وحلفائها في المنطقة، هذه الخطوة تأتي في سياق اختبار ما إذا كانت المصالحة مع النظام السوري قد تسهم في تسوية الصراع السوري المستمر منذ سنوات، وترى الرياض أن استعادة العلاقات مع دمشق قد تفتح الباب أمام تسويات سياسية واقتصادية في المنطقة، قد تصب في مصلحة الجميع.

العودة إلى دمشق: إعلان عن مرحلة جديدة
افتتاح السفارة السعودية في دمشق مؤخراً على يد القائم بالأعمال السعودي عبد الله الحريص، يعد إعلاناً رسمياً عن مرحلة جديدة في العلاقات السورية السعودية، هذه الخطوة ليست فقط محاولة لإذابة الجليد الذي تراكم على مدار السنوات، بل تعكس رغبة حقيقية لدى المملكة في إنهاء القطيعة الدبلوماسية مع دمشق والمساهمة في إعادة تأهيل سوريا ضمن المنظومة العربية.

المصالحة: بين الطموحات السعودية وتحديات الواقع
في ظل التطورات الحالية، تبدو المصالحة السورية السعودية جزءاً من استراتيجية إقليمية أوسع تسعى المملكة من خلالها لتعزيز دورها في حل النزاعات بالمنطقة، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ما إذا كانت هذه المصالحة ستسهم بالفعل في تهدئة الأوضاع في سوريا، وإعادة الاستقرار إليها بعد سنوات من الصراع، كما أن تحسين العلاقات مع سوريا قد يحمل أبعاداً أوسع على مستوى العلاقات السعودية مع إيران وحلفائها في المنطقة.

إن عودة العلاقات بين السعودية وسوريا تمثل نقطة تحول مهمة في سياسات الرياض الإقليمية، وهي خطوة قد تكون مفتاحاً لتسويات أكبر في المستقبل.

أضيف بتاريخ :2024/09/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد