#تقرير_خاص: تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان: إرهاب دولي جديد يقود إلى مرحلة خطيرة من التصعيد
عبدالله القصاب
ما حدث في لبنان من تفجير أجهزة الاتصال المحمولة، بدءاً بأجهزة "البيجر" ثم توسعاً إلى أجهزة لاسلكية أخرى مثل "إيكوم"، يمثل تطوراً خطيراً في الصراع الإسرائيلي اللبناني، حيث تستهدف الأدوات التكنولوجية المدنية في هجمات إرهابية لم يسبق لها مثيل عالمياً، هذه الانفجارات الموجهة بدقة، ليست مجرد اعتداء على أفراد أو مجموعات، بل اعتداء على كل مواطن يستخدم هذه التقنيات في حياته اليومية، مما يرفع مستوى الحرب إلى درجات جديدة من الإرهاب الدولي.
التفجيرات: إرهاب تكنولوجي بأساليب جديدة
تسببت التفجيرات التي استهدفت أجهزة الاتصال في موجة من الرعب، حيث أسفرت عن استشهاد 14 شخصاً وإصابة أكثر من 450 آخرين في مختلف المناطق اللبنانية، خصوصاً في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، هذا التصعيد يعدّ من أخطر الهجمات الإرهابية التي تعتمد على استهداف الأدوات التقنية المستخدمة في الحياة اليومية للبشر، مما يحوّلها إلى قنابل موقوتة، لا يُعرف توقيت انفجارها أو كيفية التحكم بها.
الهجوم الإسرائيلي يأتي في إطار حرب سيبرانية خفية، حيث يتم التلاعب بالأجهزة التقنية واستخدامها كسلاح قاتل ضد المدنيين، في ظل تعقيد شديد يصعّب عملية تتبع مصدر التفجيرات أو التنبؤ بحدوثها. لا شك أن هذه الجريمة تعدّ ارتقاءً لأساليب الاحتلال الإسرائيلي في ممارسة الإرهاب الدولي، حيث لم يعد استهداف البنية التحتية العسكرية أو الأمنية كافياً، بل باتت الأدوات المدنية والتكنولوجية جزءاً من هذه الحرب القذرة.
تنديد دولي وتضامن واسع مع لبنان
تزامناً مع التفجيرات، شهدت الساحة الدولية تنديداً واسعاً بما وصفه العديد من المسؤولين حول العالم بـ"الإرهاب الدولي"، روسيا صنفت الحادث كعمل إرهابي دولي، مشيرةً إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي في هذا الاعتداء، فيما اعتبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن هذا الهجوم يشكل "وصمة عار" للدول الغربية الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
الدعم الدولي للبنان لم يقتصر على التنديد فقط، فقد شهدت البلاد جسوراً جوية من المساعدات الطبية والإنسانية، العراق، إيران، والأردن كانوا من أوائل الدول التي أرسلت فرقاً طبية ومساعدات طارئة للمساعدة في علاج الجرحى والتخفيف من آثار هذا العدوان.
هل يسعى الاحتلال إلى توسيع رقعة الحرب؟
في ظل التصعيد المتزايد، تبدو إسرائيل عازمة على توسيع رقعة الحرب شمالاً، التصريحات الإسرائيلية التي صدرت بعد ساعات من التفجيرات تشير إلى نوايا الاحتلال في استغلال هذا التصعيد لتوجيه ضربة أكبر لحزب الله، وزير الحرب الإسرائيلي، يؤاف غالانت، أعلن عن "مرحلة جديدة من الحرب" وتوجيه الموارد نحو الشمال، في إشارة إلى احتمالية اتساع الصراع ليشمل جبهة جديدة في لبنان.
إلى جانب ذلك، جاءت تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي لتؤكد أن الاحتلال يمتلك "قدرات كثيرة لم تُستخدم بعد"، في إشارة إلى تحضيرات إسرائيلية لمراحل أكثر عنفاً من هذه الحرب، مما يزيد من مخاوف اندلاع تصعيد أكبر يشمل لبنان والمنطقة بأكملها.
الإرهاب التكنولوجي: نوع جديد من الحروب الهجينة
الهجوم الأخير يمكن تصنيفه كنموذج من الحروب الهجينة، التي تجمع بين الحرب السيبرانية التقليدية والعمليات الإرهابية، الهجمات التي شنتها "إسرائيل" باستخدام أجهزة الاتصال اللاسلكية المحملة بمتفجرات تكنولوجية، تُظهر استعداد الاحتلال لتوسيع نطاق المواجهة إلى مجالات غير تقليدية، مستخدماً أدوات الحرب التكنولوجية بطرق غير مألوفة.
ما يجعل هذا النوع من الإرهاب أكثر خطورة هو استهدافه للمدنيين والبنية التحتية المدنية، ما يرفع من حدة التوترات في المنطقة، حزب الله، الذي سبق وأن رد بقوة على اعتداءات "إسرائيل"، يبدو أنه على أعتاب اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة، وهو ما قد يفتح الباب أمام مواجهة واسعة النطاق في المستقبل القريب.
نحو مرحلة جديدة من الصراع:
ما حدث في لبنان من تفجيرات لأجهزة الاتصال يُعتبر تصعيداً غير مسبوق في أساليب الحرب الإسرائيلية ضد المقاومة اللبنانية، الهجوم الذي استهدف المدنيين يفتح فصلاً جديداً من الإرهاب التكنولوجي الذي قد يتسبب في تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي.
المجتمع الدولي بات مطالباً اليوم بالتحرك العاجل لوقف هذه الهجمات، وفتح تحقيقات دولية للكشف عن المتورطين في هذه الجريمة، في ظل هذه الأحداث، يُنتظر أن تكون الأيام المقبلة مليئة بالتطورات الساخنة على مستوى الصراع بين حزب الله و"إسرائيل"، في حين يبقى مصير المنطقة معلقاً بين احتمالات التصعيد الدامي والحلول الدبلوماسية التي تبدو بعيدة في ظل التصعيد القائم.
أضيف بتاريخ :2024/09/19