#تقرير_خاص: تصعيد الجبهة اللبنانية: هل تنذر المرحلة المقبلة بحرب شاملة أم ستبقى تحت السيطرة؟
فاطمة مويس
تشهد الجبهة بين لبنان والأراضي المحتلة تصعيداً متزايداً في وتيرته، الأمر الذي يعيد فتح النقاش حول احتمالات اندلاع حرب شاملة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي. في ظل العمليات المتبادلة والاستهدافات الدقيقة من كلا الطرفين، يبدو أن المنطقة على مفترق طرق خطير، حيث بات من الصعب التنبؤ بمستقبل هذه المعركة أو تحديد سقف التصعيد.
حادثة "البيجر" والاغتيالات: ضربة في التوقيت الحرج
حادثة "البيجر"، التي تزامنت مع سلسلة اغتيالات طالت قادة في حزب الله، وضعت علامات استفهام كبيرة حول مدى جهوزية الحزب واستعداده لحرب مفتوحة، في ظل هذه الضغوط، انتشرت تحليلات متعددة حول نوايا الطرفين. بينما صرحت جهات مقربة من الدوائر الإسرائيلية بأن هذه العمليات تهدف لتكتيكات محدودة، يبدو أن تأثيرها الميداني لم يكن بالحجم المتوقع، فحزب الله استمر في استهداف مناطق داخل فلسطين المحتلة، موضحاً أن قدراته العسكرية لم تتأثر، وأنه لا يزال قادراً على التحكم بسير المعركة.
استهدافات متبادلة وتصعيد تدريجي: إلى أين تتجه الأمور؟
الهجمات الأخيرة من قبل حزب الله، التي طالت مناطق غير مشمولة في التعليمات الصادرة عن "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية، تعكس تحولاً في نوعية الأهداف ودقة الاستهداف، وقد وُصفت هذه الضربات بأنها تحمل رسائل متجددة بأن الحزب لا يخشى التصعيد، لكنه في الوقت نفسه يفضل إبقاء الصراع تحت سقف المواجهات المحدودة.
ورغم المصادقة من قبل جيش الاحتلال على توسيع عملياته في الجبهة اللبنانية، فإن معظم التحليلات الإسرائيلية، وحتى الأمريكية، تشير إلى أن التصعيد سيبقى محصوراً ضمن حدود محددة، تفادياً لاندلاع حرب شاملة، فقناة "12" العبرية نقلت عن مصادر في جيش الاحتلال، أن القرار الإسرائيلي يتمثل في "تصعيد تدريجي" دون أن ينزلق إلى مواجهة واسعة مع حزب الله، وهو ما تدعمه التقديرات الغربية التي تدعو الكيان الإسرائيلي إلى التفكير بعناية قبل اتخاذ أي خطوة جريئة.
ما الذي يردع إسرائيل؟
التطور العسكري لحزب الله هو أحد أبرز عوامل الردع بالنسبة لإسرائيل. وفقاً لمصادر غربية، فإن الحزب يمتلك قدرات نارية باتت أكثر دقة، ما يجعله قادراً على ضرب أهداف حساسة داخل "إسرائيل" بدقة متناهية، هذه القدرة الدقيقة، المتمثلة في استخدام الطائرات المسيرة لاستطلاع وتحديد الأهداف، تثير قلق إسرائيل بشكل كبير، لا سيما في ظل تزايد أعداد الذخائر غير الموجهة التي تشكل تهديداً لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في حال إطلاقها بأعداد كبيرة.
ومع ذلك، فإن حزب الله، بحسب محللين، لا يسعى إلى التصعيد الفوري. أمين عام الحزب، السيد حسن نصر الله، أوضح في أكثر من مناسبة أن الحرب الشاملة ليست خياراً يرغب فيه، ولكن إذا فُرضت عليه، فإن الحزب مستعد لها بالكامل، هذا التصريح يعكس استراتيجية توازن بين التحفظ على الدخول في حرب واسعة النطاق، وبين إظهار الجاهزية الكاملة في حال اضطر الحزب للرد بقوة.
الداخل الإسرائيلي: انقسامات وضغوط متزايدة
على الصعيد الداخلي، يواجه الكيان الإسرائيلي تحديات كبيرة تزيد من تعقيد الوضع. الانقسامات داخل حكومة الاحتلال، إلى جانب الضغط الشعبي المتزايد على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعكس حالة من الاضطراب الداخلي. فالهجمات الأخيرة لحزب الله تأتي في وقت حساس بالنسبة لـ"إسرائيل"، حيث لا تزال تداعيات عملية "طوفان الأقصى" تلقي بظلالها على حكومة نتنياهو، حالة فقدان الثقة بالجيش الإسرائيلي بعد الخرق الأمني، إلى جانب الهجرة المعاكسة، التي شهدت خروج مئات الآلاف من المستوطنين وعدم عودة الكثيرين منهم، كل ذلك يضع القيادة الإسرائيلية في موقف صعب.
معادلات جديدة واستراتيجيات متعددة: ماذا يحمل المستقبل؟
في النهاية، يشير المشهد الميداني إلى أن المرحلة المقبلة ستكون رهينة استراتيجيات جديدة تُرسم على أساس التطورات الميدانية وتوازنات القوة بين الطرفين. من جهة، تتمتع "إسرائيل" بتفوق تكنولوجي واضح، بينما يظهر حزب الله انسجاماً كبيراً في تنسيق العمليات وتطوراً ملحوظاً في نوعية الأسلحة المستخدمة، هذا التوازن المتوتر يفرض معادلات معقدة على الطرفين، وقد يكون التصعيد التدريجي هو الحل المؤقت لتجنب اندلاع حرب شاملة.
ومع كل ضربة أو عملية استهداف، يبقى السؤال معلقاً: إلى أي مدى ستظل الأمور تحت السيطرة؟ وهل ستشهد الجبهة اللبنانية تصعيداً أكبر في المستقبل القريب؟ أم أن كلا الطرفين سيسعى لاحتواء الوضع قبل أن يتحول إلى حرب مدمرة؟
أضيف بتاريخ :2024/09/25