التقارير

#تقرير_خاص: الهجمات الجوية: هل تعيد مسيّرات حزب الله رسم معادلة الردع مع إسرائيل؟


علي الزنادي

شهدت الساحة العسكرية في الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل تحولاً نوعياً في الأيام الأخيرة، مع تنفيذ الحزب عملية نوعية غير مسبوقة استهدفت قاعدة "لواء غولاني" قرب حيفا باستخدام سرب من المسيّرات الانقضاضية. 

هذه العملية، التي أسفرت عن مقتل عدد من الجنود الإسرائيليين وإصابة العشرات، تأتي كجزء من سلسلة عمليات (خيبر) التي يشنها حزب الله رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وخاصة على المدنيين في لبنان.

ما يميز هذا الهجوم هو استخدام الطائرات المسيرة، وهي سلاح تكتيكي أثبت تفوقه في العديد من الصراعات الحديثة، من اليمن إلى أوكرانيا، استطاعت هذه الطائرات تجاوز منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية المتطورة، والوصول إلى هدف حساس في قلب معسكر تدريب إسرائيلي، وباعتراف وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها، فإن هذا الهجوم يمثل "الحدث الأصعب" منذ بداية الحرب الحالية، مما يعكس تغيراً في معادلة الردع التقليدية التي اعتادت إسرائيل على فرضها في صراعاتها.

تحول استراتيجي في المواجهة:

لطالما كانت إسرائيل تعتمد على تفوقها العسكري والتكنولوجي، ولا سيما في مجال الدفاع الجوي، لحماية أراضيها من هجمات القوى المعادية. ومع ذلك، يبدو أن حزب الله تمكن من كسر هذه الحواجز بتوجيهه ضربة دقيقة في توقيت حساس، عندما كان الجنود الإسرائيليون مجتمعين في القاعدة لتناول الطعام. هذا يعكس مستوى عالياً من التخطيط والمعلومات الاستخباراتية التي يمتلكها الحزب، ويثير تساؤلات حول مدى قدرة إسرائيل على مواجهة هذا النوع من التهديدات الجوية المتطورة.

الهجمات بالطائرات المسيّرة ليست مجرد حادثة عابرة؛ فهي تمثل تحدياً استراتيجياً طويل الأمد لإسرائيل. فوفقاً لصحيفة "معاريف" العبرية، فإن إسرائيل لا تملك حالياً نظام اعتراض فعال لمواجهة الطائرات المسيرة التي يتم إطلاقها من لبنان وسوريا وحتى من أماكن أخرى مثل اليمن والعراق، هذا الاعتراف بضعف المنظومة الدفاعية الإسرائيلية ضد المسيّرات يسلط الضوء على فجوة حرجة في قدرة الجيش الإسرائيلي على التصدي لهذه الهجمات، ويعني أن المزيد من الهجمات قد تكون في الطريق إذا لم تتخذ "إسرائيل" إجراءات دفاعية عاجلة.

تصاعد الدور الإقليمي لحزب الله:

هذه العملية أيضاً تؤكد أن حزب الله، كجزء من محور المقاومة المدعوم إيرانياً، يمتلك الآن قدرة أكبر على توجيه ضربات نوعية تتجاوز حدود المواجهة المباشرة مع "إسرائيل"، استخدام المسيرات، الذي يُعتبر سلاح المستقبل، يعكس التطور التكنولوجي الذي وصل إليه الحزب، ويعزز دوره كلاعب إقليمي يمتلك القدرة على التأثير في مسار الأحداث.

كما أن توقيت الهجوم وتداعياته تشير إلى رسالة واضحة: الحزب قادر على إحداث شلل في الخطط العسكرية الإسرائيلية في أي وقت يختاره. هذه القدرة تعزز من موقع حزب الله التفاوضي وتزيد من مخاوف إسرائيل من تصاعد وتيرة الهجمات، خاصة في ظل غياب نظام دفاعي فعال ضد المسيّرات.

ما بعد الهجوم: أين تذهب الأمور؟

ردود الفعل الإسرائيلية على الهجوم كانت سريعة، حيث وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الهجوم بـ"الخطير والمؤلم"، وهو اعتراف ضمني بالفشل في منع الهجوم، وبأن "إسرائيل" تجد نفسها أمام تحدٍ أمني جديد ومعقد. لكن السؤال الأهم الذي يطرحه هذا الهجوم هو: هل ستغير "إسرائيل" من استراتيجيتها الدفاعية؟

إسرائيل أمام معضلة جديدة، تتطلب منها التفكير في حلول دفاعية جديدة لمواجهة تهديد الطائرات المسيرة التي أصبحت السلاح المفضل لدى خصومها. في ظل ذلك، من المتوقع أن تسعى لتطوير قدرات اعتراض جديدة، وربما تعزيز التعاون مع دول أخرى تواجه تحديات مماثلة، مثل الولايات المتحدة، لكن هذه الجهود تحتاج إلى وقت، وهو ما يمنح حزب الله وحلفاءه مزيداً من الفرص لزيادة الضغط على "إسرائيل".

في المحصلة، يمكن القول إن عملية "خيبر" النوعية التي نفذها حزب الله تشكل علامة فارقة في تاريخ الصراع بين الحزب و"إسرائيل"، لقد أظهرت أن المقاومة ليست عاجزة عن الردع، وأن ساحة المعركة قد تكون الجوية بامتياز في الحروب المستقبلية، يبقى السؤال الأهم: هل ستعيد هذه المسيّرات رسم قواعد اللعبة في الصراع، أم أن "إسرائيل" ستجد حلاً سريعاً للتهديد المتصاعد؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.

أضيف بتاريخ :2024/10/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد