التقارير

#تقرير_خاص: التواطؤ السعودي مع العدوان الإسرائيلي: أين السعودية مما يجري في لبنان؟

علي الزنادي

منذ تصاعد العدوان الصهيوني على لبنان وتكثيفه لقصفه الوحشي على المدنيين الأبرياء، باتت المجازر الدموية تُرتكب بشكل يومي. تُدمر المنازل والعمارات السكنية فوق رؤوس ساكنيها في مشاهد مرعبة لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها إلا في المجازر التي ارتكبها العدو نفسه بحق غزة. 
الأسلحة الفتاكة والمطورة تُستخدم ضد الحجر والبشر، لتؤكد أن هذا العدو لا يميز بين مدني أو مقاتل، وفي ظل هذه الجرائم المستمرة، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعد من أبرز حلفاء الكيان الصهيوني، ليحذر من تحول لبنان إلى "غزة أخرى"، داعياً إلى وقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية في لبنان، في موقف يُظهر على الأقل بعض الاهتمام بالشعب اللبناني.

لكن ما يثير الحيرة ويطرح التساؤلات العميقة هو غياب الصوت السعودي في هذا السياق، مملكة الحرمين الشريفين، التي طالما رفعت شعار الانتماء العربي والقومية كذريعة للتدخل في شؤون الدول العربية، تصمت أمام المجازر المروعة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني. لماذا هذا الصمت المطبق؟ ولماذا لم نسمع موقفاً قوياً من القيادة السعودية، على الأقل يرقى إلى مستوى المواقف التي صدرت عن دول بعيدة عن المنطقة مثل فرنسا أو إسبانيا أو حتى نيكاراغوا؟

التساؤلات المطروحة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكم المواقف السعودية المتخاذلة في مواجهة العدوان الصهيوني. والأمر لا يقتصر على الصمت، بل تشير تقارير عدة إلى أن النظام السعودي يقف بجانب العدو ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني، حيث وعدت الرياض تل أبيب بتغطية تكاليف أي هجوم على لبنان! إذا صح هذا الكلام، فهو يعني أن السعودية شريك أساسي في هذا العدوان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يعززه صمتها المريب وتشفّيها غير المباشر عبر بياناتها الرسمية الخجولة.

ليس هذا فحسب، بل إن الدور السعودي المتخاذل يمتد ليشمل المؤسسات الدينية والإعلامية، هيئة علماء السعودية التي يرأسها عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ لم تتجرأ حتى على إدانة المجازر الصهيونية، بل على العكس، ظهرت فتوى جديدة منه يوم 19/10/2024، يحرم فيها دعم المقاومة ويعتبرها أمراً من نواقض الإسلام إذا كانت مدعومة من إيران! فتوى كهذه تعكس تواطؤاً فكرياً ودينياً مع العدوان، وتخدم بشكل مباشر الأجندة الصهيونية التي تهدف إلى تشويه صورة المقاومة وإضعافها في الوعي العربي والإسلامي.

الإعلام السعودي، بدوره، يقف كأداة في يد الكيان الصهيوني، يروج لروايته وينقل أخباره بشكل حصري، كما كشفت القناة العبرية (11) في تقرير لها. كيف يمكن أن نرى قناة عربية مثل "العربية" تتعاون بشكل علني مع الجيش الإسرائيلي لنشر معلومات تخدم الاحتلال؟ هذا ليس مجرد تواطؤ إعلامي، بل هو انحياز واضح ومكشوف لصالح العدو ضد الشعوب المظلومة التي تعاني من عدوان لا يرحم.

السعودية لم تكتفِ فقط بالصمت أمام العدوان، بل تبنت المصطلحات الصهيونية في خطابها الإعلامي والسياسي، فبدلاً من الحديث عن "شهداء" المقاومة، تصفهم بـ"القتلى"، وبدلاً من الإشارة إلى "العمليات الجهادية"، تصفها بـ"الإرهابية". هذا التلاعب بالمصطلحات هو جزء من حرب نفسية تهدف إلى تغيير الوعي العربي والإسلامي وتشويه صورة المقاومة، وهو ما يصب في مصلحة العدو.

في النهاية، ما يمكن أن نستخلصه من كل هذه الأحداث والتطورات هو أن التواطؤ السعودي مع العدوان الصهيوني لم يعد مجرد اتهام يُلقى جزافاً، بل أصبح حقيقة تثبتها مواقف رسمية وفتاوى دينية وخطابات إعلامية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى متى سيظل النظام السعودي متواطئاً مع العدو؟ وأين موقف الأمة العربية والإسلامية من هذا الصمت المخزي؟

أضيف بتاريخ :2024/10/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد