التقارير

#تقرير_خاص: تطبيع سعودي-إسرائيلي: هل سيكون 2024 عام التحول الكبير؟

فاطمة مويس

في عالم السياسة، تلعب المصالح المشتركة دوراً أساسياً في إعادة تشكيل التحالفات وتجاوز الخطوط الحمراء. هذا يبدو جلياً في الحديث المتزايد حول إمكانية توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل قبل نهاية عام 2024، وهو ما أكده السناتور الأميركي لينزي غراهام بعد حديثه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفقاً لغراهام، يبدو أن نتنياهو يؤيد بقوة هذا المسار، مشيراً إلى أن الفرصة المواتية لإتمام هذا الاتفاق ستكون في عهد الرئيس جو بايدن، هذه التصريحات تحمل في طياتها أبعاداً جيوسياسية معقدة، فبينما يشهد الشرق الأوسط تحولاً كبيراً في خارطة التحالفات، فإن الحديث عن تطبيع سعودي-إسرائيلي يطرح العديد من الأسئلة حول تداعياته على المنطقة والعالم.

ما وراء الكواليس: الولايات المتحدة ودورها المحوري
اللافت في هذا الطرح هو الدور الذي تلعبه الإدارة الأميركية في دفع هذه العملية. بايدن، على الرغم من تحفّظه المعروف فيما يخص بعض السياسات الخارجية، يدرك أن إتمام هذا الاتفاق سيعد إنجازاً دبلوماسياً كبيراً يعزز نفوذه في منطقة الشرق الأوسط، لكن في المقابل، تشير تصريحات غراهام إلى أن نائبة الرئيس كامالا هاريس لا تبدو بنفس الحماس، ما يعكس تبايناً داخل الإدارة الأميركية حول هذا الموضوع.

المفارقة تكمن في أن بايدن، الذي تعرض لانتقادات كثيرة بشأن سياسته الخارجية، قد يجد نفسه في موقع الراعي الرئيسي لهذا التحول الكبير، رغم الضغوط من اليسار الأميركي المتحفظ على التعاون مع إسرائيل في ظل سياساتها تجاه الفلسطينيين.

اتفاقات إبراهيم: الطريق الممهد للتطبيع الجديد
توسيع اتفاقات إبراهيم، التي تمت بوساطة الرئيس السابق دونالد ترامب، لتشمل السعودية سيكون بلا شك خطوة تاريخية، فالتطبيع بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين، ومن ثم المغرب والسودان، شكل مرحلة جديدة من التحالفات السياسية والاقتصادية في المنطقة، ومع أن هذه الاتفاقيات لم تكن دون معارضة داخلية وإقليمية، إلا أن دخول السعودية – التي تعد قائدة في العالم العربي والإسلامي – في هذا المسار سيمثل تحولاً جذرياً في سياسات الشرق الأوسط.

التداعيات على الساحة الإقليمية والدولية
من المؤكد أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل سيغير من موازين القوى في الشرق الأوسط. المملكة، التي لطالما كانت داعمة للقضية الفلسطينية على مدى عقود، قد تجد نفسها في مواجهة انتقادات حادة من الداخل والخارج إذا أقدمت على هذه الخطوة دون تقديم ضمانات ملموسة لحل القضية الفلسطينية، من جانب آخر، ستعزز السعودية موقعها كقوة إقليمية تلعب دوراً محورياً في تحالفات جديدة لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك التهديدات الأمنية من إيران والنفوذ التركي المتزايد.

الرهانات السياسية: بين بايدن وترامب
التوقيت يلعب دوراً مهماً في هذا الملف. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، يبدو أن غراهام يعوّل على تحقيق هذا الاتفاق خلال فترة حكم بايدن، ويرى البعض أن إدارة ترامب قد تحاول استغلال هذا الملف إذا عادت إلى السلطة، خاصة أن اتفاقات إبراهيم تعد إحدى أبرز إنجازات سياسته الخارجية.

هل يكون التطبيع واقعاً أم سراباً؟
رغم التفاؤل الذي يظهره نتنياهو وغراهام، لا يزال الاتفاق بين السعودية وإسرائيل يحمل في طياته العديد من العقبات. من التوترات الداخلية في المنطقة إلى المعارضة الشعبية في الدول العربية، يبدو أن التوصل إلى اتفاق تطبيع كامل لن يكون بالأمر السهل. لكن إذا تحقق، فسيشكل نقطة تحول فارقة في تاريخ الشرق الأوسط.

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل تكون 2024 السنة التي يتغير فيها وجه التحالفات الإقليمية؟

أضيف بتاريخ :2024/10/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد