#تقرير_خاص: السعودية: بين وعود الإصلاح وحقيقة سجون مراكز الاحتجاز
علي الزنادي
في السنوات الأخيرة، تصدرت السعودية عناوين الصحف العالمية بمشاريع طموحة وشعارات تحاكي التنمية والانفتاح، مستهدفةً تحقيق رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان. وفي خضم هذه الجهود، أكدت الرياض مراراً وتكراراً التزامها بالإصلاحات الاجتماعية والسياسية وتحسين ظروف العمالة الأجنبية. ولكن، خلف أبواب مراكز الاحتجاز، يبدو أن القصة تحمل جانباً آخر لم تروِه البيانات الرسمية.
يبدو أن الأمل بإصلاحات عميقة يتبدد عند مواجهة ما كشفت عنه صحيفة التلغراف البريطانية مؤخراً. حيث تشير اللقطات المسربة إلى ظروف غير إنسانية يعيشها عشرات الآلاف من المحتجزين في سجون المملكة، وغالبهم من العمالة الوافدة. هذه الصور القاسية التي تنقل ظروفاً سيئة وغير صحية - مئات الأشخاص مجبرون على النوم على الأرض، واستخدام أكياس القمامة كأغطية، وحمامات مكتظة - لا تتوافق مع التصريحات المتكررة حول تحسين ظروف العمالة أو الحريات العامة.
منذ تسلمه زمام القيادة الفعلية في المملكة، انتهج ولي العهد سياسة توطين صارمة تهدف إلى إحلال السعوديين محل العمالة الأجنبية في القطاع الخاص. ورغم أن هذا التوجه قد يعزز فرص العمل للمواطنين، إلا أن تبعاته على العمال الوافدين كانت ثقيلة، إذ دفع الآلاف منهم نحو مراكز الاحتجاز بدعوى مخالفات الهجرة. ولكن، هل تعني الرغبة في الإصلاح على مستوى التوظيف تجاوز احترام حقوق الإنسان الأساسية؟
يبدو أن هناك فجوة تتسع يوماً بعد يوم بين طموحات الإصلاح التي تروج لها الحكومة السعودية وواقع التنفيذ. إن مشهد السجون المكتظة وصور القمامة المنتشرة في أماكن احتجاز العمال الأجانب تثير تساؤلات حول صدق الإصلاحات التي تتبناها الحكومة. والأكثر من ذلك، أن هذه الأوضاع قد تنعكس سلباً على سمعة السعودية على الساحة الدولية، خصوصاً في ظل تزايد الانتقادات من منظمات حقوق الإنسان.
لا يمكن لأية دولة أن تستقطب العالم نحو مشاريعها وطموحاتها بينما تُبقي آلاف الأشخاص داخل مراكز احتجاز في ظروف لا تليق بالكرامة الإنسانية، لا يكفي أن تكون المملكة عازمة على التغيير، بل يجب أن تترجم تلك الرغبة إلى واقع يُحترم فيه الإنسان وكرامته دون تمييز.
أضيف بتاريخ :2024/11/03