#تقرير_خاص: هل تعود سياسة الابتزاز المالي للسعودية مع عودة ترامب؟
رضوى العلوي
مع عودة احتمال انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، يعاد فتح ملف العلاقات الأميركية-السعودية، وما تحمله هذه العلاقات من تحديات تتعلق بابتزازات مالية قد تتزايد تحت إدارة ترامب الثانية. فقد أثبت ترامب خلال فترة رئاسته السابقة استعداده لاستغلال الاعتماد السعودي على الحماية الأميركية لتحقيق مكاسب مادية كبيرة للولايات المتحدة ولمصالحه الشخصية، وهو ما طرح تساؤلات حول مآلات السياسة المالية والاقتصادية للسعودية في ظل هذه الضغوط.
تاريخ من الابتزاز المالي
منذ أن تولى ترامب الرئاسة في عام 2017، تجلت سياسة واضحة في استغلال النفوذ الأميركي على السعودية، لاسيما من خلال تصريحاته الشهيرة، مثل "نحن نحميك...عليك أن تدفع". لم تكن تلك العبارات مجرد مزاح سياسي، بل تعكس موقفاً واضحاً من الإدارة الأميركية تحت قيادة ترامب تجاه السعودية، حيث تم الضغط على المملكة لشراء الأسلحة الأميركية واستثمار مليارات الدولارات في الاقتصاد الأميركي. وقد بلغ هذا الابتزاز ذروته مع استفادة جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، حيث نالت شركته تمويلاً مباشراً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
تحديات السعودية المالية
تأتي هذه الضغوط في وقت تواجه فيه السعودية تحديات مالية كبيرة نتيجة لتراجع أسعار النفط، واستنزاف جزء كبير من احتياطاتها المالية خلال السنوات الأخيرة. فقد أثر ذلك على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، وأدى إلى توجهات لبيع أصول الدولة في محاولة لتمويل العجز، وعلى رأس هذه الأصول تأتي شركة "أرامكو". مع انخفاض عوائد النفط، قد تجد السعودية نفسها مجبرة على اللجوء لبيع المزيد من أسهم "أرامكو" أو حتى التفكير في بيع أجزاء من احتياطاتها النفطية لتأمين الأموال المطلوبة لمواجهة هذه الالتزامات.
آثار وتداعيات داخلية
إقدام السعودية على بيع أصولها قد ينعكس بشكل كبير على الاقتصاد المحلي ويزيد من معاناة المواطنين، حيث إن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى زيادة مستويات الفقر والبطالة وتراجع الخدمات الاجتماعية. هذا الاستنزاف المالي الذي قد يُطلب لتلبية شروط الحماية الأميركية يضع ضغوطًا إضافية على الميزانية السعودية، مما قد يدفع إلى إجراءات تقشفية تمس المواطن السعودي.
ملف التطبيع
التقارب السعودي الإسرائيلي كان وما يزال أحد محاور اهتمام السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وخاصة في عهد ترامب. يعود هذا الملف إلى الواجهة مع احتمالية عودة ترامب، الذي كان يسعى لدفع دول المنطقة، بما فيها السعودية، للتطبيع مع إسرائيل. التطبيع يحمل في طياته وعوداً بالحصول على دعم أميركي أوسع، إلا أنه يأتي بتكلفة سياسية واجتماعية قد لا تلقى قبولاً شعبياً واسعاً في الداخل السعودي، مما قد يزيد من الضغوط على القيادة السعودية في مواجهة قضايا داخلية.
في الختام
يبدو أن السعودية قد تجد نفسها أمام خيارات صعبة في حال عودة ترامب للبيت الأبيض، حيث إن الإدارة الأميركية قد تواصل سياسة الابتزاز المالي، ما يهدد بزيادة الأعباء على الاقتصاد السعودي. وفي ظل الظروف الحالية، قد يكون الحل المثالي هو البحث عن سياسات اقتصادية أكثر تنوعاً والابتعاد تدريجياً عن الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة للحصول على الحماية، وذلك من خلال تعزيز العلاقات مع شركاء دوليين آخرين والانفتاح على أسواق جديدة.
أضيف بتاريخ :2024/11/09