#تقرير_خاص: صمت الموتى: لماذا تتكتم السعودية على خسائرها في اليمن؟
فاطمة مويس
في حادثة تكشف الكثير عن الأسلوب السعودي في إدارة أزماتها العسكرية، قُتل ضابطان سعوديان في محافظة حضرموت شرق اليمن، وأصيب ثلاثة آخرون، على يد جندي يمني، وعلى غرار العديد من الحوادث المشابهة، لم تُصدر الحكومة السعودية أي بيان رسمي حول مقتل الضابطين، بل انتشرت أنباء مقتلهما من خلال بيانات نعي نشرها ذووهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الصمت المستمر من السلطات السعودية حول خسائرها البشرية في اليمن يُعيد طرح تساؤلات قديمة حول طبيعة العلاقة بين الرياض وحرب اليمن، ولماذا تتجاهل الحكومة خسائرها، رغم أن هذه الحرب التي استمرت لنحو تسع 9 لم تحقق أهدافها المعلنة.
في الواقع، لم يحقق التحالف السعودي في اليمن مكاسب تذكر، بل كان أغلب حصاده دماراً وخسائر اقتصادية، عدا عن تفاقم الأزمة الإنسانية التي دفع المدنيون اليمنيون ثمنها.
نهج الصمت السعودي:
لطالما اتسمت السعودية بالتكتم على خسائرها في اليمن، ورغم الهجمات المتكررة التي تستهدف جنودها وضباطها هناك، تلتزم المملكة الصمت ولا تنشر أي تقارير أو بيانات رسمية حول القتلى أو الإصابات، هذا الصمت يأتي ضمن سياسة طويلة الأمد، وُضعت على ما يبدو لإخفاء حجم التكاليف البشرية للحرب التي ما زالت تعصف باليمن، ولتفادي إثارة ردود فعل شعبية داخلية حول تكاليف هذه المغامرة العسكرية.
لكن، لماذا تتبع السعودية هذا النهج؟
من جهة، تريد المملكة تجنب النقد الشعبي حول تصاعد الخسائر دون نتائج ملموس، ومن جهة أخرى، يتجنب النظام السعودي إظهار نقاط الضعف العسكرية، في ظل حرصه على إظهار صورة التفوق والقوة الإقليمية أمام خصومه.
تداعيات الحرب على الداخل السعودي:
ورغم سياسة الصمت، لم يعد بإمكان المملكة إخفاء آثار هذه الحرب على اقتصادها وعلى الروح المعنوية لجنودها، تراجع الإيرادات نتيجة انخفاض أسعار النفط، وتزايد الضغوط الاقتصادية نتيجة الالتزامات العسكرية، ألقيا بظلالهما على الداخل السعودي، مع تزايد أعباء الموازنة التي تتطلب تمويلاً مستمراً للعمليات العسكرية.
لا يمكن كذلك إغفال الثمن الإنساني لهذه الحرب، حيث أدت إلى سقوط آلاف القتلى من اليمنيين المدنيين، وتفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة. لكن الغريب أن السلطات السعودية، بدلاً من مواجهة تبعات هذه الحرب وتقييم مكاسبها وخسائرها، تستمر في تجاهل التكلفة البشرية والمادية.
لقد أثبتت السنوات التسع الماضية أن حرب اليمن كانت استنزافاً مالياً وعسكرياً للسعودية، دون تحقيق مكاسب حقيقية على الأرض، ورغم ذلك، تستمر الحكومة في الصمت والتكتم على خسائرها في محاولة للحفاظ على الهيبة والتأثير الإقليمي. لكن الشعب السعودي، ومع مرور الزمن، قد لا يقبل هذا التعتيم إلى الأبد، فسياسة الصمت قد تأتي بتبعات عكسية مع تزايد الوعي الشعبي حول تكلفة الحرب.
في النهاية، يبدو أن المملكة قد تكون بحاجة إلى مراجعة حساباتها، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل كذلك من زاوية الشفافية وإطلاع الشعب السعودي على حقيقة التكاليف البشرية والمادية لحربٍ طال أمدها.
أضيف بتاريخ :2024/11/10